معجم ابن منظور: اللغة العربية ومعانيها

ابن منظور

ابن منظور هو أبو الفضل، محمد بن مكرم بن علي، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي، وُلد في مصر أو في طرابلس الغرب عام 630هـ. يُعتبر مؤلف معجم “لسان العرب” وهو إمام لغوي يُحتج بلغته. عمل في ديوان الإنشاء بالقاهرة ثم تولى قضاء طرابلس، وعاد بعد ذلك إلى مصر. ألف العديد من كتب الأدب مثل: “نثار الأزهار في الليل والنهار”، و”مختار الأغاني”، و”سرور النفس في مدارك الحواس الخمس”، كما أوجز كثيراً من إنتاج الأدب حسبما ذكر الصفدي. يُذكر أنه فقد بصره في أواخر حياته وتوفي عام 711هـ.

لسان العرب

يعتبر معجم “لسان العرب” من بين المعاجم العربية الأكثر شهرة وطولاً، إذ يُعد موسوعة شاملة تغطي معاجم اللغة العربية من الألفاظ والمعاني. يُعتبر هذا المعجم مكملًا للأعمال المؤلفة في كل ما يتعلق باللغة العربية.

من أبرز ما يميز معجم “لسان العرب” هو أن مؤلفه جمع فيه بين المعاجم العربية الخمسة السابقة له، وهي: “تهذيب اللغة” للأزهري، و”المحكم” لابن سيده، و”الصّحاح” للجوهري، و”حاشية الصحاح” لابن بري، و”النهاية في غريب الحديث” لعز الدين بن الأثير، لكنه لم يذكر “جمهرة اللغة” لابن دريد رغم اعتماده عليه بشكل كبير.

منهج ابن منظور في تأليفه

اتبعت طريقة ابن منظور في “لسان العرب” النهج الذي اتبعه الجوهري في “الصّحاح”، حيث اعتمد الترتيب الهجائي لأحرف الكتاب، وقام ببناء الأبواب على الحرف الأخير من الكلمة مرورًا بالحرف الأول والثاني، وهكذا. وكان أول الأبواب هو ما ينتهي بالهمزة.

يحتوي “لسان العرب” على 80,000 مادة لغوية، وهو يزيد بنحو 20,000 مادة عن المعجم الذي جاء بعده، وهو “المحيط” للفيروز آبادي. بدأ ابن منظور معجمه بمقدمة موسعة، ووضع بين المقدمة والمعجم بابين: باب تفسير الحروف المتقطعة في بداية سور القرآن الكريم، وباب ألقاب حروف المعجم وطبائعها وخواصها.

تم تصميم معجم ابن منظور على نظام الأبواب والفصول، حيث تناول كل باب حرفاً من حروف اللغة العربية، لكل حرف فصل وفقًا للجذر الأول للكلمة، وهذه الطريقة مشابهة لتلك المستخدمة في “الصّحاح”.

مميزات لسان العرب

يمتاز “لسان العرب” كونه المعجم الموسوعي الذي يستشهد بآيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وأبيات الشعر العربي، إلى جانب آراء اللغويين والنحويين، مما جعله مفيدًا في مجالات متعددة من المعرفة، وليس فقط في الإطار المعجمي.

تمت طباعة المعجم في المطبعة الأميرية ببولاق في القاهرة، ويتألف من 20 جزءاً، حيث يزيد كل جزء عن 300 صفحة. لقد نال الكتاب إعجاب العلماء، وقامت دائرة المعارف بإعادة ترتيب مواده بناءً على أوائل الجذور بدلاً من أواخرها، وهو الأسلوب المعتمد في معاجم اللغة العربية الحديثة.

سبب تأليف معجم لسان العرب

تُعد المعاجم العربية، بما في ذلك “لسان العرب”، مصادر قيمة للباحثين في مجالات الدراسات اللغوية، الأدبية، والنحوية، في تعلم العربية بشكل عام. إذ توسعت مجالات البحث في المعاجم لتشمل كافة جوانب الحياة اللغوية، الأدبية، الفكرية، والتاريخية، حيث اهتمت بجمع ألفاظ اللغة، وتحديد صيغها، وبيان معانيها.

في بداية القرن السابع، أصبح “لسان العرب” من أكبر المعاجم اللغوية، حيث احتوى على مواد غنية تناولت مجالات اللغة، البلاغة، الشعر، الحكم، الأمثال، الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، في معجم واحد، وتحت مادة واحدة.

يُعتبر “لسان العرب” موسوعة شاملة للتراث العربي، حيث رأى ابن منظور أنه يقدم ما تم تأسيسه في التراث العربي وما ذكر فيه، مما يقرّب ما تباعد، وينظم ما تنافر، ويكشف ما استتر من معانيه وألفاظه وطريقة ترتيبه.

عالج معجم “لسان العرب” معاني الحروف ودلالاتها لتمكين القارئ من إدراك معانيها ومقاصدها بسهولة.

طريقة البحث في معجم لسان العرب

يُعد “لسان العرب” معجمًا شاملاً، ويُرتب حسب أواخر الكلمات، مما يجعله مشابهًا لـ”الصّحاح” للجوهري. وضع ابن منظور بين المقدمة والمعجم بابين، الأول: تفسير الحروف المقطعة من القرآن الكريم، والثاني: ألقاب حروف المعجم وطبائعها وخواصها، حيث يُعتبر هذان البابان مقدمة للكتاب.

يمكنك البحث في “لسان العرب” من خلال مجموعة من الخطوات، وهي كالتالي:

  • إزالة الحروف الزائدة من الكلمة، وإرجاعها إلى أصلها. على سبيل المثال، يُستخرج فعل (تَدَحرَجَ) إلى دَحْرَجَ، و(استغفر) تصبح غَفَرَ.
  • إضافة الأحرف الناقصة إلى الكلمة المراد البحث عنها، فكلمة (عِدْ) تتحول إلى وَعَدَ، و(صِلْ) تصبح وَصَلَ.
  • إرجاع حروف العلة إلى أصولها، فالألف المقصورة تأتي أصلًا من الياء، كما في كلمة (مَشَى) التي تعود إلى مَشِي، بينما الألف الممدودة غالبًا ما تكون من الأصل الواوي مثل (سما) تصبح يسمو، و(قَالَ) تصبح قَول.
  • في حالة تعقد الكلمة الأصلية، يُفك التشديد، على سبيل المثال (شَدَّ) تتحول إلى شَدَدَ.
  • وأخيرًا، يُبحث عن الكلمة بعد تجريدها وفق ترتيب أحرفها، حيث يُعتبر الحرف الأول بابًا، الحرف الثاني فصلًا، وهكذا.
  • على سبيل المثال، عند البحث عن كلمة (الاستعماريون): يُعاد المشتق إلى أصله، فتتحول إلى عَمَرَ، ثم نبحث عنها في باب الحرف الأول (العين)، يلي ذلك فصل الحرف الثاني (الميم)، ثم فصل الحرف الثالث (الراء).

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *