تُعَدُّ ثورة 1919 واحدة من الأحداث التاريخية البارزة التي اندلعت في مصر للتصدي لظلم المستعمر الأجنبي، وللقضاء على مشكلات الجهل والفقر المنتشرة في المجتمع. حيث كان الشعب المصري يعاني تحت وطأة الاحتلال البريطاني، مما استدعى الحاجة إلى قيام ثورة شعبية للتحرر من السيطرة الاستعمارية.
مقدمة حول ثورة 1919 وأسبابها
اندلعت الثورة بشكل فعلي في التاسع من مارس بعد اعتقال القائد الزعيم سعد زغلول من قبل المستعمر، حيث تم إبعاده عن البلاد في حادثة وقعت في يوم واحد. وكانت هذه الحادثة الشرارة الأولى للثورة، حيث خرج الشعب المصري في سلسلة من الاحتجاجات ضد السياسات التي انتهجها البريطانيون في مصر عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.
الأسباب الكامنة وراء ثورة 1919
تعددت الأسباب التي دفعت سعد زغلول والشعب المصري بمختلف فئاته لخوض ثورة 1919، ومن أبرز هذه الأسباب:
- الأوضاع الاقتصادية المتدنية في مصر التي بلغت مستويات غير مقبولة، خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، حيث وُضعت مصر تحت الحماية البريطانية عام 1918.
- استغلال المستعمر البريطاني لموارد مصر لتلبية متطلبات الحرب، مما جعل الفلاحين مضطرين لزراعة محاصيل محددة بأثمان زهيدة.
- قامت القوات البريطانية بتجنيد الفلاحين بصورة قسرية ليشاركوا في الحرب ضمن ما يُسمى “فرقة العمل المصرية”.
- التدهور الحاد في الأحوال المعيشية ونقص السلع الأساسية أثار غضب الشعب المصري بشكل كبير.
- ظهرت مظاهرات من قبل العاطلين عن العمل، والذي كانوا يسعون للحصول على لقمة عيشهم، وكثيرًا ما كانت هذه المظاهرات تتطور إلى أعمال نهب وتخريب.
- أسس الزعيم سعد زغلول حزب الوفد في عام 1918، بهدف الدفاع عن القضية المصرية.
حقائق عن ثورة 1919
- بدأ الزعيم سعد زغلول بجمع توقيعات من مختلف فئات الشعب لتأكيد المطالب المصرية في الحصول على الاستقلال.
- طلب حزب الوفد المصري المشاركة في مؤتمر الصلح الذي عُقد في باريس لعرض القضايا المصرية.
- قوبل طلب حزب الوفد بالرفض من قبل المستعمر البريطاني، ولكن ذلك لم يثني سعد زغلول وأتباعه عن الاستمرار في مطالبهم.
- نتج عن ذلك قرار بنفي سعد زغلول وأصدقائه إلى جزيرة مالطة، مما أدى إلى احتشاد الجماهير في مظاهرات واسعة.
- في صباح التاسع من مارس 1919، عمّت الاحتجاجات الطلابية في القاهرة والإسكندرية، وخرجت حشود من حزب الوفد للتنديد باحتلال البلاد.
- ردت القوات البريطانية بإطلاق النار على المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط ضحايا، ولكن ذلك لم يوقف المسيرات بل زاد من زخم الثورة.
- استمرت الثورة حتى أغسطس من نفس العام، وتجددت في أكتوبر ونوفمبر، لتستمر تأثيراتها حتى عام 1922.
- ظهرت نتائج الثورة تدريجيًا، حيث تم إصدار دستور جمهوري وبرلمان في عام 1923.
ملامح ثورة 1919
- تعتبر ثورة 1919 إحدى ثورات التاريخ الإفريقي والشرق أوسطي التي اجتمعت فيها جميع فئات الشعب المصري ضد الاستعمار.
- كانت هذه الثورة بداية مشاركة النساء، حيث قادت السيدة صفية زغلول، زوجة سعد زغلول، الحركة النسائية.
- أضرب عمال السكك الحديدية وحاولوا شل حركة القطارات، مما أثر بشكل كبير على وسائل النقل.
- لعب الفلاحون دورًا كبيرًا في الثورة من خلال أعمال تخريب ومحاولات الاستيلاء على السفن الإنجليزية.
- هُدد المستعمر البريطاني بإعدام المشاركين في أعمال الشغب وأُقيمت محاكم عسكرية في هذا السياق.
- شهدت القرى المصرية اجتياحًا من القوات البريطانية، مما أدى إلى نهب الممتلكات ووقوع حالات قتل وتعذيب.
- لم تثنِ هذه الأعمال الوحشية المصريين، بل دفعتهم للاستمرار في مقاومتهم.
نتائج ثورة 1919
قدمت ثورة 1919 العديد من النتائج الهامة، من أبرزها:
- محاولة المستعمر البريطاني تهدئة الأوضاع بعزل الحاكم البريطاني واستعادة سعد زغلول وأصدقائه.
- سمح للمندوبين المصريين بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس لعرض قضيتهم.
- عقب عودة الوفد المصري ورفض مطالبهم، جدد الشعب المصري مقاطعة البضائع الإنجليزية.
- أعيد اعتقال سعد زغلول ونُفي إلى جزيرة سيشيل، لكن ذلك زاد من تصميم المصريين على نضالهم.
- أصدرت الحكومة البريطانية تصريح 28 فبراير 1922، الذي يمثل واحدة من أهم نتائج الثورة.
ينص تصريح 28 فبراير على منح مصر حقوقًا تم سلبها سابقًا، مثل:
- إلغاء الحماية البريطانية المفروضة على مصر.
- إعلان استقلال مصر كدولة.
- إقرار أول دستور مصري عام 1923.
- تأسيس أول وزارة مصرية برئاسة الزعيم سعد زغلول عام 1924، رغم استمرار الوجود البريطاني حتى عام 1956.
وفاة سعد زغلول
توفي المناضل سعد زغلول، الذي قاد ثورة 1919 التي أسفرت عن تحقيق الاستقرار في مصر، في عام 1972. وكان هذا الخبر محزنًا للعديد من المصريين الذين أطلقوا الدعوات لإنشاء ضريح له، تقديرًا لدوره كرمز للحرية.
خاتمة حول ثورة 1919 وأسبابها
ختامًا، توضح نتائج ثورة 1919 أهمية الرفض للاحتلال والاستعمار. لقد أثبت المصريون قدرتهم على النضال من أجل الوطن، وكشفت الثورة عن القيادة الشعبية القادرة على التعبير عن مطالب الأمة.