احرص على تقوى الله في حياتك

اتقِ الله في نفسك

التقوى هي السلوك الذي يحفظ المسلم من كل ما يعد معصية أو يؤدي إلى الذنب، وذلك من خلال الابتعاد عن المعاصي والمحظورات وكل ما يُبهت القلب ويبعده عن الله -تعالى-. يتضمن ذلك مجانبة الهوى وترك البعض من المباحات مخافة الوقوع في المحرمات. وقد أوضح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك بقوله: “الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، فمن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم، أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يُوشك أن يواقعه.” ومن الضروري الالتزام بأوامر الله -تعالى- وكذلك تجنب نواهيه. وفي هذا السياق، هناك نقطتان يجب توضيحهما:

  • أولاً: من التعريفات التي أُطلقت على التقوى ما جاء على لسان الأصفهاني، حيث عرّفها بالخوف. وعرّف التابعي طلق بن حبيب التقوى بأنها العمل والسعي بما يرضي الله -تعالى- طلباً للأجر والثواب وترك المعاصي خوفًا من عذابه. وقد عرّفها بعض العلماء المتأخرين بأنها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
  • ثانياً: ذُكرت التقوى في القرآن الكريم بمعاني متعددة، ومن ذلك:
    • الخوف والخشية: كما في قوله -تعالى-: “يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم.”
    • العبادة: كما في قوله -تعالى-: “ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروه أنه لا إله إلا أنا فاتقون.”
    • التوحيد: كما في قوله -تعالى-: “أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى.”
    • الإخلاص: كما في قوله -تعالى-: “ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.”

كيفية تحقيق التقوى

يتوجب على المسلم العمل بجد لتحقيق التقوى في قلبه، ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدة خطوات، منها ما يلي:

  • التعرف على الله -تعالى-: لا يخفى أن القرآن الكريم هو المصدر الأساسي الذي يعكف الناس على معرفة الله -تعالى- من خلاله. الحديث عن صفاته، مثل العدل والغضب والسخط والعقوبة، يعزز من توازن النفس ويُخفف من قوة الشهوات. وهذه المعرفة تدفع الإنسان لمجانبة كل ما لا يجده الله -تعالى- مُحبذا. وتُعزز معرفة الله عبر إرسال الرسل وتأييدهم بكتب وشرائع.

أيضاً، تناول الآيات لمهام الله -تعالى- وقدرته في نصر أوليائه وحمايتهم يُعزز من شعور التوكل والرضا بقضائه. وفي هذا السياق، نجد أن خطاب الله -تعالى- هو خير عون على التمسك بأوامره.

  • عبادة الله -تعالى-: حثّ الله -تعالى- الناس على عبادته وحده لأنها تُمكّنهم من التقوى. حيث قال: “يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون.” ومن الجدير بالذكر نقطتين:
    • أولاهما: كل العبادات، سواء كانت فرضاً أو نافلة، تساهم في تحقيق التقوى وتعزيزها في القلوب، مثل الصلاة والصيام، حيث قال الله -تعالى-: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.”
    • ثانيها: ينبغي أن يُغمر القلب بالتقوى ليكون دافعاً نحو العبادة.
  • التفكر والتدبر في خلق الله -تعالى-: دعا الله -تعالى- في العديد من الآيات إلى التأمل في مخلوقاته، كما في قوله: “إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون”. فهذا التعليم يُظهر أن الله -تعالى- لم يخلق الكون عبثاً.
  • التفكر في الأدلة الشرعية المثبتة لعذاب القبر وأهوال الآخرة: إن تلاوة آيات القرآن والأحاديث النبوية حول عذاب القبر والآخرة تُخيف القلوب وتجبنها عن المعاصي.
  • المداومة على ذكر الله -تعالى-: كثرة ذكر الله يجعل القلب مرتبطاً به ويغرس فيه التقوى.
  • التفقه في الدين: دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لتعلم الدين وأحكامه، كما قال: “من يُرِدِ الله به خيرًا يُفقِّهه في الدين”، فقد يؤدي الجهل إلى عدم تمكن الفرد من التمييز بين ما ينبغي تجنبه وما لا يجب.

صفات المتقين

توجد العديد من الصفات التي تمتاز بها المتقين، منها ما يلي:

  • الإيمان بالله -تعالى-: يُعتبر الإيمان بالله -تعالى- أساس التقوى، فلا يُمكن تصور تقوى بدون إيمان، ويشمل ذلك الإيمان بالأمور الغيبية.
  • القيام بالصلاة والمحافظة عليها: ويُظهر ذلك قول الله -تعالى-: “هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة”.
  • الإنفاق في سبيل الله -تعالى-: سواء في السراء أو الضراء، مكظوم الغيظ، والعفو عن المسيئين، وهو ما يُظهر الإسلام في أجمل صوره.
  • قيام الليل والاستغفار في الأسحار: حيث يشير الله -تعالى- إلى ذلك بقوله: “إن المتقين في جنات وعيون”.
  • حفظ الفروج: فالمتقون يحرصون على حفظ فروجهم من الزنا أو الاستمناء.
  • حفظ الأمانة: فهم يحافظون على الأمانات المالية وغيرها ويؤدونها إلى أصحابها.
  • الخوف والوجل من عذاب الله -تعالى-: فهم يشعرون بالخوف من العقاب ويسعون للإكثار من الأعمال الصالحة لضمان رحمة الله.

يستمرون في الإكثار من الدعاء والاستغفار، وكذلك قيامهم في الليل لله -تعالى-، طالبين رحمته وغفرانه، كما قال الله: “وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *