التجديد في شعر خليل مطران
يُعتبر خليل مطران واحداً من أبرز الشعراء الذين ساهموا في حركة التجديد الشعري، ولكن يمكن القول إن تجديده لم يكن جذريًا، وإنما تناول بعض جوانب الشعر بشكل متميز. وقد وصفه طه حسين بقوله: “إن مطران مخترق للشعر القديم، متفاعل مع المجددين، إذ حاول في البداية السير على درب القدماء، ولكن عندما لم يعجبه المسار، قرر الابتعاد عن الشعر قبل أن يعود إليه مُجددًا بدلاً من تقليده”.
يتمتع مطران بسمات تميزت بها أشعاره في عصره، حيث يُظهر تميزه الفائض من حيث الشاعرية والصياغة. فهو يُعتبر مثالًا بارزًا لنمط جديد في الشعر العربي، وقد أثَّر بشكل كبير في تطور هذا الفن، لم يتركه شاعر آخر. كان مطران يُحاول مجاراة القديم من حيث الصورة، لكنه كان يسعى على نحو ظاهر إلى إدخال عناصر جديدة من الوصف والتصوير، وهو ما أظهره في مختلف قصائده، دون الالتزام بقافية واحدة، وقد أضاف أيضًا فنون القصص والملاحم.
اعتمد مطران على الخيال والفكر، وتأثر بالمدرسة الرومانسية، إذ نجح في المحافظة على الابتكار الروحي في الشعر، مع تمسكه بالأصول التقليدية للغة والتعبير. ومن أجل ذلك، لا يمكن إنكار دعوته إلى مفهوم الوحدة العضوية في الشعر، وهو ما يميّز أشعار العديد من الشعراء الغربيين، حيث رأى أن القصيدة ينبغي أن تكون وحدة متكاملة، متآلفة من أجزاء ومقاطع تُساهم في تحقيق غاية واحدة.
يتضح تأثر خليل مطران بالفكر الحداثي من خلال قصيدتيه “الأسد الباكي” و”المساء”، حيث يُبرز فيهما رونق الرومانسية. أما بالنسبة لتخليه عن القافية الواحدة، فقد كان ذلك نادر الحدوث، إذ ظهر بشكل خاص في قصائده القصصية وأشعار الرثاء والمديح.
محفزات التجديد عند خليل مطران
تأثر خليل مطران بالرومانسية من خلال قراءته لأعمال الشعراء الفرنسيين، مثل (لامرتين) و(موسيه)، حيث بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة. وقد كتب أشعارًا سياسية أدت إلى سفره إلى فرنسا، حيث تعلم اللغة الفرنسية واستفاد من الأدب الفرنسي في دراسته. وقد قرأ مجموعة متنوعة من النماذج الأدبية الرومانسية.
وهذا ما يُفسر مدى تأثره بأساليب وأفكار هؤلاء الشعراء، ورغم ذلك، حافظ على الأساليب العربية وصياغتها وقوة لغتها. لم يُنكر معاصروه إسهاماته في الشعر والثقافة، إذ كان له تلاميذ استفادوا من ثقافته وتجربته، من بينهم أحمد زكي أبو شادي، مؤسس مدرسة أبولو.
الجوانب التي جددها خليل مطران
يمكن تلخيص تجديد مطران في الجوانب التالية:
- المواضيع الشعرية.
- مواطن الخيال.
- الميل نحو الرومانسية.
- الشعر القصصي.
- رؤية جديدة للطبيعة.
- وحدة القصيدة.
- الشعر الإنساني.
- ابتكار تعابير شعرية جديدة.
- شعر المآسي التمثيلي.
نبذة عن الشاعر خليل مطران
وُلِد الشاعر خليل مطران في بعلبك عام 1869م، وهو خليل بن عبده بن يوسف مطران، وقد لُقِب بـ “شاعر القطرين”. يُعتبر من أبرز الأدباء والكتّاب، والتحق بمدرسة البطريركية في بيروت، حيث أتقن اللغتين العربية والفرنسية. كان من أبرز مؤثراته الشاعر إبراهيم اليازجي، وعُرف بعمله في مجالات التاريخ والترجمة، وقد تولى تحرير جريدة (الأهرام) وأسّس (المجلة المصرية).
من أهم مؤلفاته: “ديوان الخليل”، “مرآة الأيام في ملخص التاريخ العام”، و”مراثي الشعراء في محمود سامي البارودي”. توفي خليل مطران في القاهرة عام 1949م، وتم نقل جثمانه إلى لبنان.