من هو الإمام الشافعي؟
اسم الإمام الشافعي ونسبه
الإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي الشافعي، وهو ينتسب إلى النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-.
مولد الإمام الشافعي ونشأته
وُلِد الإمام الشافعي في مدينة غزة عام 150 هـ. فقد توفي والده وهو طفل، مما جعله ينشأ يتيمًا تحت رعاية والدته فاطمة بنت عبدالله الأزدية. انتقلت الأسرة إلى مكة عندما كان في عمر العامين، وبدأ في تعلم فنون الرماية في سن مبكرة، متفوقًا على أقرانه. كما درس اللغة العربية والشعر وبرز فيهما، وحفظ القرآن الكريم وهو في السابعة من عمره، ثم انطلق في دراسة الفقه الذي أبدع فيه وتفوّق على أقرانه.
رحلة الإمام الشافعي في طلب العلم
بدأ الإمام الشافعي رحلته في طلب العلم إلى المدينة المنورة في العشرين من عمره. في ذلك الحين، كان مُفتيًا مُؤهلًا للإمامة، بعدما حفظ موطأ الإمام مالك وكان مُلِمًّا بقواعد السنة، وعلم ما هو ناسخ ومنسوخ، وأتقن قواعد القياس. خلال رحلته، تلقى العلم من العديد من الشيوخ المنتشرين في بلاد مختلفة، حيث زار اليمن وبغداد مرتين وأسّس مذهبه الفقهي، ثم انتقل إلى مصر وبقي فيها لعدة سنوات حتى وفاته.
تلقى الإمام الشافعي العلم في مكة من عدة شيوخ، ومنهم: سفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد الزنجى، وسعيد بن سالم القداح. كما تعلم من الإمام مالك بن أنس وإبراهيم بن سعد الأنصاري في المدينة، بالإضافة إلى عدد آخر من المشايخ في اليمن والعراق.
منجزات الإمام الشافعي العلمية
أسس الإمام الشافعي مذهبًا خاصًا عُرف بالمذهب الشافعي. بعد إقامته الطويلة في بغداد، اطّلع على كتب محمد بن الحسن الشيباني، وأجرى مناظرات مع أهل الرأي، واستفاد من آراء الإمام مالك الفقهية ليؤسس مذهبًا يجمع بين فقه أهل العراق وأهل المدينة. قام بتدوين مذهبه في ثلاث مدن وعلى ثلاث مراحل: مكة، ثم بغداد، ثم مصر، حيث كان لديه تلاميذ في كل بلد تلقوا العلم على يديه.
عندما انتقل الإمام الشافعي إلى مصر عام 199 هـ، كانت آراؤه قد نضجت وتعرف على العادات والأعراف المميزة لتلك الأرض، مما ساهم في تطوير آراء جديدة لديه وتعديل بعض آرائه الفقهية السابقة. ويمكن تلخيص الإنجازات العلمية للإمام الشافعي في النقاط التالية:
- يعتبر مؤسس علم أصول الفقه، حيث ألف أول كتاب متخصص في هذا العلم بعنوان “الرسالة”.
- يمتلك مذهبًا فقهيًا يُعتبر أحد المذاهب الأربعة المعروفة.
- تخرج على يده العديد من التلاميذ مثل الإمام أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي.
- صنّف مجموعة من المؤلفات البارزة في الفقه وأصوله والقرآن والحديث والشعر، ومن أبرز كتبه: “الأم”، “جماع العلم”، “إبطال الاستحسان”، و”أحكام القرآن”.
- روى الكثيرين الحديث عنه، وجُمعت أحاديثه في مسند يُعرف بمسند الشافعي.
الإمام الشافعي كشاعر
برز الإمام الشافعي -رحمه الله- في نظم الشعر، حيث تمتاز قصائده برهافة التعبير واحتوائها على الحِكم والمواعظ. ومن أشهر أشعاره:
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى
ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطق منك اللسان بسوءة
فكلك سوءات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معايبًا
فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هي أحسن
صفات الإمام الشافعي ومناقبه
اتصف الإمام الشافعي بسمات وقيم عظيمة، وقد شهد له العديد من الناس بذلك. حيث كان عالماً فاضلاً وأخلاقياً رفيعاً. ومن أبرز صفاته:
- الذكاء الحاد: وُصف بالذكاء الفائق، إذ قيل “لو وُزن عقل الشافعي بعقول أهل الأرض لرجحهم”.
- الفقة الواسع: كان الشافعي واحدًا من أعلم الناس في القرآن والسنة، وأكد أحمد بن حنبل على دوره في فتح أبواب الفقه.
- التقوى والورع.
- التواضع واعترافه بالحق، ونصحه للناس.
- السخاء وحسن الخلق.
- الفطنة والبلوغ في المعرفة.
وفاة الإمام الشافعي
توفي الإمام الشافعي -رحمه الله- سنة 204 هـ في مصر، حيث كان عمره 54 عامًا. بعد أن انتقل إليها سنة 199 هـ، عاش فيها خمس سنوات من ثم أصيب بمرض عانى منه حتى وفاته. وتذكر الروايات أنه سُئل عن حاله أثناء مرضه: “يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟” فرفع رأسه وأجاب: “أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مُفارقًا، ولسوء فعالي مُلاقياً، وعلى الله واردًا، لا أدري أين تصير روحي”. ثم أنشد هذه الأبيات:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت الرجا من نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك
ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجود وتعفو منة وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس
ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
فلولاك لم يغو بإبليس عابد
فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعلم قدره
وأعلم أن الله يعفو ترحما