تطور الأفكار والمفاهيم في مجال التربية والتعليم

يعتبر الفكر التربوي محاولة للبحث والدراسة في آراء التربويين والمفكرين بشأن عملية التعليم بما تحمله من وسائل وأهداف وفلسفات. لقد شهد هذا الفكر تطورًا ملحوظًا عبر العصور.

سنقوم في هذا المقال باستعراض مظاهر هذا التطور وتوضيح العوامل المؤثرة فيه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهميته وتأثيره على المجتمعات.

تطور الفكر التربوي عبر العصور

شهد الفكر التربوي العديد من التطورات على مر العصور بما يتناسب مع التحولات الاجتماعية والثقافية. في الصفحات التالية، سنبرز أبرز مظاهر هذا التطور في كل حقبة زمنية.

الفكر التربوي في العصر البدائي

  • تمثل الفكر التربوي في العصر البدائي في نقل الثقافة، حيث كانت ثقافة الفرد في ذلك الوقت بدائية للغاية.
    • وكان يُعتقد أن الحياة لا تتغير إلا بشكل ضئيل مع مرور الأجيال.
  • استهدف التعليم في العصر البدائي بناء إنسان مفيد ينتمي إلى مجتمعه.
    • كما كان يسعى لتوعية الطفل ورفع وعيه بمحيطه منذ انخراطه في التعليم حتى بلوغه سن الرشد.
  • طغت على المناهج الدراسية في هذا العصر القيم الدينية القبلية، الثقافات، الأساطير، والأحداث التاريخية والفلسفية.
  • تم تقسيم العملية التعليمية إلى مرحلتين: الأولى تهتم بتعليم الطفل قبل الوصول لسن الرشد.
    • ركزت على مشاركة الطفل في الأنشطة الاجتماعية ليكتسب المهارات والخبرات من خلال التفاعل.
    • أما المرحلة الثانية فكانت تهتم بالطفل بعد البلوغ حيث يُهيء لإدماجه في مجتمع أوسع لاكتساب المزيد من الثقافة.

الفكر التربوي في العصر القديم

تأثر الفكر التربوي في العصر القديم بشكل كبير بالثقافة اليونانية، التي كانت تمتاز بنظم تعليمية راسخة.

كانت بعض المدن اليونانية، مثل أثينا وأسبرطة، معروفة بجودة التعليم الذي تقدمه. فيما يلي سنستعرض مظاهر الفكر التربوي في العصر القديم:

نظام التعليم

  • كان نظام التعليم في هذا العصر متاحًا للجميع باستثناء ذوي البشرة السوداء، مع تفضيل تعليم الطفل الذكر. وقد ركز نظام التعليم على نشر القيم الأخلاقية وتعليم القراءة والكتابة.
    • كانت الدراسة تشمل أيضًا تعلم الفنون مثل الرقص والموسيقى والرسم، مع اهتمام بالشعر والعد.
  • ظهرت أنظمة تعليمية متميزة كانت محصورة على أبناء الأغنياء بسبب تكلفتها المرتفعة.

هدف التعليم

  • كان الهدف من التعليم هو تأهيل الأفراد ليصبحوا أقوياء ومستعدين لخوض المعارك.
  • شمل أيضًا تنشئة أفراد يتحلون بالأخلاق، والقدرة على خدمة أنفسهم ومجتمعاتهم، ويعتمد هذا الهدف على بناء إنسان ذو شخصية قوية.

المناهج

  • تضمنت المناهج التعليمية في العصر القديم مواد متنوعة، سواء كانت علمية مثل الأحياء والكيمياء أو أدبية مثل البلاغة والشعر والمسرح، إضافة إلى علوم الفلك والمناخ.
  • اهدف تطبيق هذه المناهج كان تعزيز تطور الفرد وزيادة قيمته في الحياة السياسية.

المنهجية

اعتمد التعليم في العصر القديم على أساليب الاستقراء والاستنتاج، على الرغم من استخدام التلقين في بعض البلدان.

بيئة التعلم

كانت المدرسة هي المكان الذي يلتقي فيه المتعلمون لاكتساب المعرفة، حيث كان التعليم يعتمد على انفصال الطفل عن أسرته للانتقال إلى المدرسة.

تعليم المرأة

تلقت الإناث تعليمًا في عدة فنون مثل الغناء والرقص، بالإضافة إلى تعلم المصارعة والجري ورمي الرمح.

الفكر التربوي في العصر الحديث

  • يزخر العصر الحديث بالنظريات التربوية المتعددة، ومن أبرزها نظرية المعرفة التي وضعها العالِم جان بياجيه.
    • تتناول هذه النظرية تطور المعرفة وأساليب اكتسابها، وتفسر كيف يمكن للفرد أن يصبح ذكيًا.
  • يعتبر بياجيه أن الطفل هو محور التعليم، حيث يمتلك القدرة على التعلم بشكل ذاتي عبر التجارب والملاحظات والتفاعل.
    • أوضح أن نمو الطفل يكون عبر مراحل متتابعة، على النحو التالي:

مرحلة الإحساس والحركة

  • تشمل هذه المرحلة الأطفال منذ الولادة وحتى عمر السنتين، حيث يعتبرون أن البيئة يُدركونها بالحواس والحركة.
    • يتعلم الأطفال في هذه المرحلة الإدراك من خلال الاستماع والملاحظة واستخدام أيديهم لملتقاط الأشياء، مما يعزز اكتسابهم للمعرفة عبر التجارب الحسية.
  • يتدرب الأطفال أيضًا في هذه المرحلة على كيفية الحركة والتحدث والتعرف على الأشياء.

مرحلة ما قبل العمليات

تبدأ هذه المرحلة عند بلوغ الطفل عامه الثاني وتمتد حتى السابع، حيث تتطور قدرات التفكير والتعبير عن الأشياء من خلال الصور والكلمات.

يميل الأطفال خلال هذه الفترة إلى رؤية الأشياء كما يراها الآخرون ويتحدثون بشكل أفضل.

مرحلة العمليات الحسية

  • يهتم الأطفال في هذه المرحلة، التي تبدأ من سن السابعة وحتى الحادية عشر، بتنظيم تفكيرهم بشكل منطقي فيما يتعلق بالعالم المحيط بهم.
  • كما يبدأ الأطفال بتطوير مهارات الحفظ والاستنتاج بصورة تدريجية، مما يساهم في تقليل سمة الأنانية التي كانت موجودة سابقًا.

مرحلة العمليات المجردة

  • تشمل هذه المرحلة الفئة العمرية من اثني عشر عامًا وما فوق، حيث يكتسب الأفراد القدرة على التفكير المجرد غير المرتبط بالملموسات، مما يسمح لهم بمناقشة القضايا الأخلاقية والفلسفية.
  • يعتمد الأفراد في هذه المرحلة على الاستنتاجات لتوسيع معرفتهم وحل المشكلات والتخطيط للمستقبل.

العوامل المؤثرة في تطور الفكر التربوي

تشير الدراسات إلى أن تطور الفكر التربوي يتأثر بعوامل متعددة، نستعرض أبرزها فيما يلي:

اللغة

تُعد اللغة عاملًا مؤثرًا أثناء ممارسة النقد، حيث يتمكن الفرد من التعبير عن أفكاره بشكل منظم من خلال اللغة التي يتقنها.

الثقافة المكتسبة

تتداخل الثقافة بشكل كبير في ممارسة النقد، حيث تشير الدراسات إلى أن الأفراد من قارة آسيا يظهرون اختلافًا في طريقتهم في التفكير النقدي مقارنةً بأقرانهم من قارة أوروبا.

ولكن يجب التنويه أن الأمر ليس عمومًا لكل الأفراد.

التعليم

يمكن تنمية مهارة التفكير النقدي لدى الأطفال من خلال التدريب، إذ لا تُكتسب هذه المهارات بشكل طبيعي من المجتمع.

أهمية تطور الفكر التربوي

يلعب الفكر التربوي دورًا محوريًا في فهم العملية التعليمية وتوضيح الفروق بين النظريات التربوية. فهو أساسي بالنسبة لكل مكون من مكونات عملية التعليم، وسنوضح ذلك في التالي:

المدرسة

  • تعتبر المدرسة مؤسسة تقدم التعليم بشكل اجتماعي، وتلعب دورًا حيويًا في العملية التعليمية بفضل نقل المعرفة والثقافة من جيل إلى جيل.
  • تقدم المدرسة مواد تعليمية أساسية مثل الدين، اللغة، التاريخ، والأدب، بينما تتبع منهجية تعليمية منظمة.
  • تبدأ العملية التعليمية بالمرحلة الابتدائية وصولًا للمرحلة الثانوية، حيث تركز المدرسة على ترسيخ القيم الثقافية والأخلاقية في عقول الطلبة.

المعلم

  • يعتبر المعلم عنصرًا أساسيًا في العملية التعليمية، وقد أثر التغيير من النظم التقليدية إلى الإلكترونية على مهامه ودوره.
  • يتولى المعلم مهمة الإشراف والتوجيه، ويسعى لتعزيز سلوكيات الطلاب، مما يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية بشكل فعّال.

المنهج الدراسي

يتكون المنهج الدراسي من مجموعة المهارات والمعلومات التي يقدمها المعلم للطلاب، ويحتوي على أهداف التعليم، المناهج، وطرق التقييم.

الطالب

  • يُعتبر الطالب محور العملية التعليمية، حيث يتعلم ويستخلص المعرفة باستخدام استراتيجيات متنوعة.
  • تساعد استراتيجية التعليم الذاتي الطالب على اكتشاف مهاراته، مما يعزز من إبداعه، ويجب أن يكون كل من المعلم والطالب على وعي تام بمهامهم لتحقيق النجاح في العملية التعليمية.

عملية القياس والتقويم

تساعد هذه العملية في تحديد مدى تحقيق الأهداف التعليمية المطلوبة، من خلال الاعتماد على أساليب قياس متنوعة.

أثر تطور الفكر التربوي على المجتمعات

  • يعتمد التعليم بشكل أساسي على الفلسفة الاجتماعية التي تسهم في توجيه العملية التعليمية
  • إذا تحقق النجاح في العملية التعليمية، فإن هذا النجاح ينعكس في المجتمعات، حيث يدفع إلى تطور الحضارة والثقافة، مما يعود بالنفع على الأجيال القادمة.

معايير البحث في الفكر التربوي

هناك معيارين أساسيين للبحث في الفكر التربوي، وهما:

المعيار الأكاديمي

يتطلب هذا المعيار حصول الفرد على درجة علمية في المجال التربوي.

المعيار المهني

يشمل هذا المعيار جميع الأفراد العاملين في حقل التربية والتعليم.

طرق دراسة الفكر التربوي

توجد طريقتين رئيسيتين لدراسة الفكر التربوي، وهما:

طريقة طوليّة

تقوم هذه الطريقة على متابعة تطور الفكر التربوي عبر مراحل مختلفة في الزمن أو المجتمع دون تحديد إطار زمني معين.

طريقة عرضية

تعتمد هذه الطريقة على دراسة الفكر التربوي بشكل شامل ضمن الثقافة المعنية، مما يستدعي البحث في سياق تاريخي محدد ومجتمع مختار.

اتجاهات الفكر التربوي

تظهر في الفكر التربوي اتجاهان رئيسيان:

الاتجاه النظري

هذا الاتجاه يعبر عن المعتقدات الأساسية والمدخلات المعرفية للفكر التربوي.

الاتجاه العملي التطبيقي

يركز هذا الاتجاه على المكونات والأنشطة الفعلية التي تحدد جوانب المجتمع التربوي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *