الحديث المرسل: مفهومه وأهميته في علم الحديث

الحديث المرسل

المرسل في اللغة يشير إلى الفعل الذي لا يكون محظوراً، ويشتق من كلمة الإرسال. تنقسم الكلمة إلى جمع مراسيل ومراسل. ويُعتبر المُرسل في القواميس اسم مفعول، أما من حيث التعريف الفقهي فقد تعددت الآراء لدى المحدّثين والفقهاء حول مفهوم الحديث المرسل. فوفقاً للفقهاء والأصوليين، يُشترط أن يقوم الراوي الذي لم يصادف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعبارة “قال رسول الله”، سواء كان الراوي تابعيًا أو غير تابعي، صغيرًا أو كبيرًا. من جهة أخرى، إيجاز محدّثي الحديث المرسل يُعرّف على أنه ما ينقله التابعي إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير، دون الإشارة إلى الواسطة الواصلة بينهما.

حكم الحديث المرسل

تباينت آراء العلماء حول حجية الحديث المرسل؛ حيث اعتبر الإمام أبو حنيفة أنه حجة مُطلقة، وهو الأقدم بين الأئمة الأربعة. بالمقابل، الإمام مالك يشترط أن يكون الحديث حجة إذا أيده عمل أهل المدينة. أما الإمام الشافعي فقد رأى أنه يُعتبر حجة إذا كان له ما يدعمه من أحاديث صحيحة موقوفة أو من أقوال يُمكن أن تُعزز بها الأحاديث الضعيفة. بالمقارنة، يعتبر الإمام أحمد أنه ليس بحجة. وعامة العلماء المتخصصين يعتبرون أن الحديث المرسل يُعتبر ضعيفًا ولا يمكن الاعتماد عليه بحد ذاته، لكن ضعفه يُعتبر ضعيفًا يسيرًا يمكن التغلب عليه، ولا ينبغي التهاون في القواعد الأصولية.

شروط العمل بالحديث المرسل

ذهب عدد من المحدّثين والفقهاء إلى جواز استخدام الحديث المرسل عندما تكون هناك قرائن تدعمه وتشير إلى أصله، مثل أن يُعرض عبر مصدر آخر مرسل أو من طريق موصول آخر أو عندما يُدعمه قياس صحيح. وقد أشار ابن القيم إلى أن الحديث المرسل ينبغي العمل به إذا ارتبط بعملٍ أو كان مسنودًا بقول أحد الصحابة. كما أن جمهور العلماء يرون أن الاحتجاج به ليس لذاته، بل لما يُعززه من قرائن. وإذا كان الحديث المرسل وحده في إصدار الحكم دون ما يُعززه، فإنه لا يُعتبر حجة، ويُصنف عموماً ضمن قسم الحديث الضعيف.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *