تعريف مفهوم الإيقاع في الشعر العربي

ليس هناك تعريف وحيد للإيقاع في الشعر، فقد قدم كل أديب أو ناقد تعريفًا خاصًا من وجهة نظره. اتفق العديد منهم على بعض الجوانب المحورية للإيقاع، بينما انقسم آخرون حول بعض النقاط. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الإيقاع بشكل شامل عبر موقع مقال maqall.net.

تعريف الإيقاع في الشعر

  • قال ابن طباطبا في تعريفه للإيقاع: “إن للشعر إيقاعًا موزونًا يجذب الفرد لروعة تناسق تركيبته وما يتصف به من انتظام أوزانه.”
  • استبدل الطباطبا مصطلح الإيقاع بمصطلح الوزن، إذ كان يُطلق قديمًا على كلمة الإيقاع الوزن، وهو ما أكده القرطاجي عندما وصف كلمة الإيقاع.
  • في العصر الحديث، يُعرَّف الإيقاع بأنه التسلسل والتناغم بين حالتي الكلام والسكوت، حيث تتكامل المعاني والنغمات لتصنع معًا جمالًا فنيًا.
  • إن التوازن لا يقتصر على شعر الأديب بل يُعد قاعدة أساسية في النثر والشعر على حد سواء.
  • وصف الأستاذ سيد البحراوي الإيقاع بأنه تسلسل للأصوات المختلفة ضمن إطار زمني واحد، والذي قد يكون متسلسلًا أو متساويًا، وبالتالي فإن الإيقاع يُعتبر أقوى من الوزن، حيث ينظمّ تركيب الأصوات بما يشمل الأصوات التركيبية والتناغمية والعروضية.

مكونات الإيقاع في الشعر

يتكون الإيقاع الشعري من نوعين أساسيين هما:

الإيقاع الداخلي

  • يمثل الإيقاع الداخلي النغمة الخاصة التي تعكس مشاعر الشاعر، والتي يُرسلها إلى المستمع لتشكيل عالم مشترك من التناغم يجسد في أبيات القصيدة.
  • وصف عبد الرحمن آلوجي الإيقاع الداخلي على أنه النغمة التي تهمس بكلمة تحمل معها أرق المشاعر، حيث تحاول أن تعبر عن الأحاسيس المتناغمة التي يرغب الشاعر في إيصالها للمتلقي.

أقسام الإيقاع الداخلي

ينقسم إلى عدة أقسام منها:

  • التكرار: بعض الشعراء يستخدمون أسلوب التكرار في قصائدهم لجذب انتباه القارئ وتعزيز المعنى، ومن بين هؤلاء الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي الذي كرر كلمة البحر في قصيدته الشهيرة:

“أَيُّها البَحرُ أَتَدري كَم مَضَت أَلفٌ عَلَيكا.

وَهَلِ الشاطِئُ يَدري أَنَّهُ جاثٍ لَدَيكا.

وَهَلِ الأَنهارُ تَدري أَنَّها مِنكَ إِلَيكا.

ما الَّذي الأَمواجُ قالَت حينَ ثارَت لَستُ أَدري.

أَنتَ يا بَحرُ أَسيرٌ آهِ ما أَعظَمَ أَسرَك”.

  • الموازنة: تعني تحقيق توازن في الإيقاع والنغمات الشعرية. استخدم العديد من الشعراء هذه التقنية في كتاباتهم، ومن أبرزهم امرؤ القيس عندما قال:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا.

كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ.

الإيقاع الخارجي

  • يتعلق الإيقاع الخارجي بالقافية والوزن، وقد أشار عبد الملك المرتضى إلى أن الإيقاع الخارجي كان حاضرًا في الشعر منذ العصور القديمة قبل ظهور الدراسات النقدية.

أقسام الإيقاع الخارجي

ينقسم الإيقاع الخارجي إلى قسمين رئيسيين:

  • الوزن: يعتمد على تتابع السواكن والمتحركات ويتضمن الأوتاد والتفاعيل. يُعرف الوزن بأنه التفعيلات التي تكون جزءًا من بيت الشعر، وهو يُعتبر أحد أهم العناصر في التعليم الموسيقي للشعر. من الأمثلة على ذلك قصيدة للشاعر معروف الرصافي:

“أيها القوم مالكم في جمود.

وما يَستفِزّكم تَفنيدي كل ما قد هززتك لنُهوض.

عدت منكم بقَسوة الجُلمود طال عَتبي على الحوادث فيكم.

مثلما طال مطلها بالوُعود فمتى سعيُكم وماذا التَواني.

وإلى كم أُحثّكم بالنشيد.

  • القافية: تتنوع تعاريفها، حيث يرى الأخفش أنها تكون في نهاية كل كلمة في البيت، بينما يُعرفها الخليل ابن أحمد الفراهيدي بأنها تكون من خلال الساكنين في نهاية كل بيت. ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر أحمد شوقي:

أمسى وأصبح من نجواك في كلف.

حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي الليل يُنهضني من حيث يقعدني.

والنجم يملأ لي والنور صهباني.

خصائص الإيقاع في الشعر

يمتاز الإيقاع في الشعر بعدد من الخصائص التي تشمل:

  • الإيقاع المنظم يختلف عن الوزن الخارجي، حيث لا يخضع الإيقاع للقواعد الأساسية التي تحكم الوزن. ويمثل الإيقاع الروح الحركية التي تدفع الوزن، مما يؤدي إلى تحقيق الجمال الشعري.
  • يساهم الإيقاع في رفع مستوى فهم القارئ، حيث يُظهر توازن القصيدة ويعكس روحها الداخلية، مما ينير سبيلاً لفهم الكاتب والجمهور.
  • يمثل الإيقاع تجانساً واقعياً بين التركيبات اللغوية في الشعر وبين الأصوات التي تصل إلى المتلقي، مما يؤدي إلى تحقيق أعلى مستويات البلاغة في التعبير، لذا ينبغي أن يكون المتلقي مستوعبًا ومثقفاً.
  • تتجلى مكانة الشعراء من خلال إبداعاتهم، حيث يسعى الشاعر إلى التواصل مع القارئ ويحقق تجانسًا في القصيدة.

أهمية الإيقاع في الشعر

للإيقاع دور محوري في الشعر، ويمكن تلخيص أهميته فيما يلي:

  • يعمل على جعل الألفاظ والمعاني متقاربة للروح المتعطشة للجمال.
  • يؤدي إلى تجانس بين معاني الكلمات، مما يتيح للمتلقي تطوير خياله وتوسيع تفكيره.
  • تحتاج معاني القصيدة الشعرية إلى موسيقى خاصة تعمل على إبراز معانيها، حيث تُعتبر موسيقى القصيدة هي العامل المحوري الذي يُبرز توازن الكلمات وتناغمها.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *