ابن عبد ربه
ابن عبد ربه، وهو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حيدر بن سالم، يعد من الشخصيات الأدبية البارزة، حيث وُلد كمولى لهشام بن عبد الرحمن. يمتاز ابن عبد ربه بأنه شاعراً وأديباً مُلمًّا بعلوم الدين والأدب. وقد استقى معرفته من مجموعة من شيوخه في الأندلس، أمثال: بقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني، ومحمد بن وضاح وآخرين، الذين جابوا أقطار المشرق ونُسجت حولهم الأساطير في الأندلس والمغرب. ورغم أصوله الأندلسية، إلا أنه لم يتطرق إلى الحديث عن بلده أو سكانها إلا فيما يخص التعريف بنفسه أو بمؤلفاته الشعرية.
نبذة عن حياته
وُلد ابن عبد ربه في عام 246هـ، وتوفي يوم الأحد، الثامن عشر من جمادى الأولى عام 328هـ، عن عمر يُناهز اثنين وثمانين عاماً، ودُفن يوم الاثنين في مقبرة العباس بقرطبة.
أعماله الأدبية
يُعتبر كتاب “العقد الفريد” من أبرز مؤلفاته، حيث يجمع بين الأخبار، والأنساب، والأمثال، والشعر، والعروض والموسيقى. يُعد الكتاب تجميعًا شاملًا لما كتبه الأدباء الكبار مثل الأصمعي، وأبو عبيدة، والجاحظ، وابن قتيبة. يحتوي “العقد الفريد” على عدة أقسام، وقد أطلق ابن عبد ربه أسماءً على كل باب تُعبر عن طريقة الحقائب، مما نتج عنه خمسة وعشرين كتاباً، كل كتاب ينقسم إلى جزءين، ليبلغ الإجمالي خمسين جزءاً.
كان الاسم الأول للكتاب هو “العقد”، ثم أُضيف إليه لاحقاً كلمة “فريد”. ويُعتبر الكاتب الأبشيهي، مؤلف “المستطرف من كل مُستظرف”، هو أول من أطلق عليه وصف “الفريد”. بالإضافة إلى “العقد الفريد”، ترك ابن عبد ربه العديد من الموشحات، فضلاً عن شعره العذب الذي يتميز بالأسلوب السلس، ويشمل مجالات المديح والوصف والغزل والنسيب.
آراء النقاد
قال ابن خلكان عنه إنه كان من العلماء الذين زادوا من محفوظاتهم واطلعوا على أحوال الناس. اعتُبر كتابه “العقد الفريد” من الكتب الممتعة التي غطت مواضيع شتى، وقد نال إشادة من المؤرخ الذهبي الذي وصفه بأنه موثق ونبيل وبليغ. كما أن الحميدي أكد على علمه وأدبه وشهرته، مشيراً إلى ديانته وصيانته.
تُعَد الدراسات القديمة والحديثة حول مؤلفات ابن عبد ربه دليلاً قاطعًا على نجاحه وشهرته، مثل دراسة القرطبي الأندلسي أحمد بن محمد بن عبد ربه والتي قام بها الدكتور محمود السيد الدغيم، وهو باحث أكاديمي في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية. كما اعتُبر “العقد الفريد” واحدًا من المصادر الموثوقة في مجال التراث الإسلامي العربي.