جهود ابن تيمية في مواجهة التتار
يمكن تلخيص جهود ابن تيمية في مقاومته للتتار من خلال الأحداث التالية:
- في عام 697: قام ابن تيمية بإعلان موعد للجهاد، وحثَّ الناس على مقاومة التتار، موضحًا الأجر العظيم الذي يناله المجاهدون، وقد كان لهذا الميعاد تأثير كبير.
- في عام 699: قدم قازان مع جيشه إلى الشام، وكانت لابن تيمية المواقف التالية:
- ذهب ابن تيمية وأعيان البلد لمقابلة قازان من أجل الحصول على الأمان للمدينة، وتحدث بكلام قوي أثر في النفوس، وكان لهذا الكلام فوائد كبيرة للمسلمين.
- عندما استولى التتار على مدينة دمشق، وكان هدفهم الاستيلاء على قلعتها، أرسل ابن تيمية رسالة إلى نائب القلعة قائلاً: “حتى وإن تبقى من هذه القلعة حجر واحد، لا تسلمها لهم”، وتمكن بذلك من الحفاظ على القلعة، ولم يستطيع التتار دخولها.
- حاول ابن تيمية لقاء ملك التتار مرة أخرى في العشرين من شهر ربيع الآخر، لكنه لم يتمكن من ذلك، وعقب ذلك ذهب للقاء بولاي، حيث اجتمع معه لفك أسرى المسلمين، وبقي عنده ثلاثة أيام قبل العودة.
- عانى الناس من حالة من الخوف الشديد بعد مغادرة التتار لدمشق، نتيجة لعدم معرفتهم بموعد عودتهم، فتجمع الناس حول الأسوار لحماية المدينة، وكان ابن تيمية يدعوهم إلى الصبر والقتال، ويتلو عليهم الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد والرباط.
- في سنة 700: انتشر خبر عودة التتار إلى الشام، مما أصاب الناس بالذعر، فقال ابن كثير: جلس شيخ الإسلام في الجامع ليحث الناس على الجهاد، وينهاهم عن الفرار، مطالبًا إياهم بإنفاق الأموال على المسلمين لحماية بلادهم.
- في سنة 702: شهد هذا العام معركة شقحب، حيث تحقق النصر للمسلمين وهُزم التتار، وكان لابن تيمية دور بارز في تلك المعركة.
- في سنة 712: خرج ابن تيمية برفقة السلطان قلاوون للجهاد في سبيل الله، وذلك بعد أن تم الإفراج عنه من سجنه في مصر.
شجاعة ابن تيمية في مواجهة التتار
تميز شيخ الإسلام ابن تيمية بشجاعته وجرأته في مقاومة التتار، حيث تجلّت هذه الصفات عندما اقترب التتار من غزو دمشق، بينما هرب الكثير من كبار العلماء والحكام، فلم يبقَ مع الناس سوى ابن تيمية، الذي حال عزم قلبه دون الهرب.
دور ابن تيمية في معركة شقحب
علم حكام مصر بعزم التتار على استئناف هجماتهم لدخول بلاد الشام في عام 702هـ بهدف إنهاء دولة المماليك، مما أثار الفزع في قلوب الناس، فبدأوا في الانسحاب إلى الحصون المنيعة ومصر. ومع وصول التتار إلى حمص وبعلبك، تفاقم قلق الناس وطالت شائعات التخويف، فبرز دور شيخ الإسلام ابن تيمية وعدد من علماء المسلمين في مواجهة هذه المثبطات، وتعزيز عزائم المقاتلين.
تعاهد الأمراء على مواجهة العدو، مما ساعد على تهدئة النفوس ودعوة الناس للقتال في الجوامع، مما زاد من حماسة العاملين واستعدادهم. وكان ابن تيمية من أبرز التيارات التي دعت للقتال، مؤكداً على أهمية الثبات لدى الجنود. وقد تحدث إلى العسكر الواصل من حماة، وحثهم على الاستعداد للقتال، وكان يردد: “إنكم في هذه الكرّة منصورون”، وعندما يقول له الأمراء “قل إن شاء الله”، يرد: “إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا”.
كذلك، تصدى ابن تيمية لما أُثير من شبهات حول قتال التتار الذين يدَّعون الإسلام، حيث قال: “إنهم من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية رضي الله عنهما، فهم يزعمون أنهم أحق بإحقاق الحق من المسلمين”، مما زال هذه الشبهة.
استمرّت الأحداث حتى نظم المسلمون في يوم السبت الثاني من شهر رمضان جيشهم في سهل شقحب، واشتد القتال. ورغم بداية الغلبة للمغول، إلا أن المسلمين صمدوا حتى تحقق النصر لهم ورجعوا إلى دمشق مبشِّرين بالنصر.