تعريف بابن القطاع الصقلي
ابن القطاع الصقلي، المعروف علي بن جعفر بن علي، ينتمي إلى بني غالب، هو شخصية بارزة في مجالي اللغة والأدب. وُلِد في صقلية عام 433 هجري، وتلقى تعليمه على يد العديد من العلماء، من بينهم والده. بعد الاحتلال الفرنجي لصقلية، انتقل إلى مصر، حيث بدأ حياته المهنية كأستاذ.
له العديد من المؤلفات القيمة في مجال اللغة والأدب، منها ما هو مطبوع وبعضها في المخطوطات، وكذلك مجموعة من الأعمال التي لم يُعثر عليها. عُرف ابن القطاع بتمكنه في علوم اللغة العربية، حيث كان عالماً بارعاً ومؤثراً في مجتمعه بمصر. وقد نُسب إليه كتاب “الصِحاح” للجواهري، الذي اشتهر بفضله ووصلت شهرته إلى آفاق بعيدة. كان أيضًا شاعراً ومؤلفاً لمجموعة متنوعة من الكتب المتخصصة في اللغة والأدب.
كان جد أبيه يعتز بانتسابه إلى بني غالب، حيث قال:
نحن بنو الأغلب سدنا الورى
طرًا ببذل النائل الغمر
والحسب السامي الذي تاجه
في هامة الإكليل والغفر
والبيت من “سعد” ومن “خندفٍ”
أكرم بذاك البيت والنجر
دراسة ابن القطاع الصقلي
نشأ ابن القطاع في بيئة علمية وثقافية غنية، فوالده كان عالماً بارزاً في اللغة والأدب، بينما كان جده شاعرًا متميزاً. تعلم ابن القطاع الكثير من والده وأيضاً من شيخه أبي بكر الصقلي، أحد أبرز علماء صقلية. بعد سقوط صقلية في يد الفرنجة، انتقل إلى مصر وواصل حياته العلمية حتى وفاته.
تلاميذ ابن القطاع الصقلي
لقد حقق ابن القطاع شهرة واسعة، وكان له العديد من التلاميذ الأذكياء داخل مصر وخارجها، ومن أشهرهم:
- أبو البركات العرقي: محمد بن حمزة العرقي، راوي كتاب الصحاح عن ابن القطاع.
- أبو محمد بن بري: عبد الله بن بري، الذي روى أيضاً كتاب الصحاح عنه.
- محمد أبو علي بن القطاع: له حلقة تدريس في جامع عمرو بن العاص بمصر، وكان يميل إلى الحديث ويتميز بحسن الخلاق.
- سلامة بن غياض الكفرطابي: عالم في النحو واللغة، كان له حافظة متميزة وتعلم الأدب على يد ابن القطاع.
مكانة ابن القطاع الصقلي
أثنى العديد من العلماء على ابن القطاع في كتبهم، مما يعكس مكانته العالية في عالم العلم. وبرزت الآراء التالية:
- قال ياقوت: “كان إمام وقته في بلده ومصر في علم العربية وفنون الأدب”.
- قال ابن خلكان: “كان أحد الأئمة في الأدب، خاصة اللغة، وله مؤلفات نافعة، وأجاد في النحو إجادًة عالية”.
- قال الذهبي: “العلامة، شيخ اللغة، له نظم جميل وفضائل عظيمة”.
مؤلفات ابن القطاع الصقلي
شملت مؤلفات ابن القطاع المطبوع والمخطوط والمفقود، ومن أبرزها:
- كتاب الأفعال: متوفر في ثلاثة مجلدات، حيث قام ياقوت بذكره ككتاب في تصنيف أفعال ابن القوطية وأفعال ابن طريف.
- كتاب أبنية الأسماء: كتاب مخطوط يتناول أبنية الأسماء كافة.
- كتاب الدرّة الخطيرة في المختار من شعر شعراء الجزيرة: يحتوي على 20 ألف بيت من أشعار 170 شاعراً من جزيرة صقلية، وقد ظهرت اقتباسات منه في كتب الأدب.
آراء نقدية حول ابن القطاع الصقلي
أثيرت العديد من الآراء النقدية حول ابن القطاع ومؤلفاته، ومنها ما يلي:
- تعرض ابن القطاع لانتقادات من بعض العلماء في مصر، متهمينه بالتساهل في نقل الأسانيد والرواية، وُوجدت ملاحظات تتعلق بإسناد كتاب الصحاح.
- قال ابن خلكان: “كان يُنسب إليه شيء من التساهل”.
- نُقل عن الذهبي أن ابن القطاع كان متساهلاً في الرواية، وقد قام بتركيب إسناد لكتاب الصحاح بعد أن لاحظ اهتمام المصريين به.
وفاة ابن القطاع الصقلي
تباينت الآراء بين العلماء حول تاريخ وفاة ابن القطاع، إلا أن الأغلب يعتقد أنه توفي عام 515 هجري في مصر.
نماذج من شعر ابن القطاع الصقلي
وفيما يلي بعض الأبيات الشعرية المميزة التي كتبها ابن القطاع:
- قصيدة: وشادن في لسانه عقد
وشادن في لسانه عقد
حلت عقودي وأوهنت جلدي
عابوه جهلا بها فقلت لهم
أما سمعتم بالنفث في العقد
يا من رمى النار في فؤادي
وأمطر العين بالبكاء.
- قصيدة: اسمك تصحيفه بقلبي
اسمك تصحيفه بقلبي
وفي ثناياك برء دائي
اردد سلامي فإن نفسي
لم يبق منها سوى الدماء
وارفق بصب أتى ذليلا
قد مزج اليأس بالرجاء
أنحله في الهوى التجني
فصار في رقة الهواء.
- قصيدة: يا من يرى النار في فؤادي
يا من يرى النار في فؤادي
وأمطر العين بالبكاء.