سعد علوش
سعد علوش، المعروف بلقب “المرعب”، هو شاعر كويتي من أصل سعودي، وُلد في عام 1980. ويُعتبر من أبرز شعراء جيله، حيث يتميز بمشاعره وأحاسيسه العميقة. يمتلك سعد القدرة على اختيار كلمات قوية وتعبر عن معاني عميقة، مما يجعله فريداً في مجاله ويصعب مقارنته بالشعراء الآخرين من نفس العصر. له مجموعة متنوعة من القصائد التي تعكس روعة عواطفه وجمال لغته. (1)
من قصائد سعد علوش
سنستعرض فيما يلي بعضاً من القصائد التي كتبها سعد علوش:
جواب مقنع
إنّ الله خلق عباده للعبادة،
وليس للمفاخر والأنساب.
صحيح أن في هذه الدنيا عباد وسادة،
لكن عند الله لا فرق بينهم أبداً.
ابقَ بسيطاً، فالغرور ليس من شيمك،
لا تدع دنياك تلهيك عن فطرتك.
كن صبوراً، وامتلك الإرادة،
وإذا كنت راعياً للضوء، فكن صابراً على الألم.
لولا الصبر والمعرفة والهدوء،
لما جُرحت عواطف العشاق بتلك الألحان.
وإذا كنت تسود في المواقف، كن سيدا،
فالسماحة هي البوابة وقيادتك هي الطريق.
كن حكيماً وقدم الأمور بحكمة،
وإذا اعترضتك الصعوبات، فكن سيّدها.
عندما يحب المرء، عليه أن يعشق من القلب،
حورية في بحرها قد تتسبب بالغرق.
إذا زعلت، زدت جمالاً في عيني،
وإذا ضحكت، كأنها تتنافس مع البرق.
عندما أبحث عن السعادة في حياتي،
أسجد لربّي، ربّ الأرض والسماء.
قصيدة ماعاد أنا مشتاق
لم أعد أشتاق، ولا أنت تشتاق،
أستطيع أن أنام، وأنت لم تلمس الجفن.
أنت دائماً تقلب الصحبة إلى خلاف،
ودائماً أتغلى، رغم أنني لم أتغلى.
صحيح أنك لي توحي بفراق الأوصال،
وصحيح أنك الذي يذهب ولا يعود.
لكنني أحبك ومن شدة النسيان،
أراك في صوتك الذي يأتي ويذهب.
بدق حتى لو لم أكن أريده،
فأنا إن كنت مزعجاً لك، سأعتذر.
تعوّذ من إبليس وتزين بالأخلاق،
واتصل بي بحذر، لكن لا تتصل من المنزل.
قم بتشغيل جهازك واشحنه بعد الإغلاق،
وخبر الجهاز أنني أشتاق، أشتاق.
بينما الذبذبات تقول: مللت مللت.
انكسرت
شعرت بالانكسار من الفراق، وانظر إلى عيني،
فأنت تعرف مدَى انكساري.
كلما مددت يدي لوصالك،
أنت تتجاهل يميني في تجاهل يساري.
حتى صرت أرى جرحك في يدي،
في يدين الجور خفاياك تخبي.
احسسته، ولا تتجاهله، لكن رد اعتبارك لي،
وأنا أرحل، فأنت لست مهتم لي.
يا أهلي، يا نصف حياتي، يا مرفأي،
يا روح داري، يا شموخي، يا دفء أحضاني.
يا عزيمتي، يا ثباتي، يا انحداري،
يا بداياتي، يا مائي، يا أكسجيني.
يا اندثاري، يا اعتدالي، يا ازدهاري،
يا بلادة حسي وقمة شوقي.
يا اختياري، لا يا حظي، اختياري،
أعشقك من عادتي حتى قبل سنيني.
حتى صرت أتخذ مع نفسي قراري،
فقد عرفتك كوالدي وزرعت في قلبي.
واللجوء إليك يعني لي الفرار،
فاحتضني، فالألم بيننا يحتاج إلى شفاعة.
دع يديك تحميني من جور الحياة،
عدني أن تبقى لي السند في حالي.
كلما ضاق بي الزمن، يا موعيني،
ابتسم لي، عسى أن يُضيء ليلي نهاري.
فلا تتركيني في الهوى بدون إخبار،
فإياك أن تذهبين، فالانتظار عذابي.
لم أعد أشتاق، بل انكسر قلبي بشكل يجذبك،
فشوف عيني وأنت تدري بانكساري.
مها
آخـر حركات التغنّج والهناء،
هي التي تُدعى مهـا، وباسم المدلل مهـا.
فرفورة تسلّم الشمس بالنور،
مغوية تطرد السراب كـل غاو.
إن وقفت، كل شيء يتباعد أصبح؛
وإذا مشت، كل شيء يتداخل بتساوي.
وإذا تقادمت، قال النمل: الله لنـا؛
صبرك يـا تصبري على جوعي تصبري.
ذروة ترف، ذروة غنج، ذروة هناء،
جمال لا يُستوعب، ولا يُنطق.
مخلوق إن انثنى يعني انثنى،
كل الزوايا تستقيم حين تتزاوج.
في جنبها سارة وعبيـر ومنى،
شباب عند البل وقشختهم فخر زاخر.
يا بوي، هي شيء لا يوصف ولا يُجنن،
تسبب لك جراحاً لا يمكن التعافي منها.
مثال: إذا جاعت، وطال بها الشوق،
كل الحلاوة في هذا العالم قد جاءت.
هل هي جائعة؟ يارب، أكلني أنا،
فهذه سواليف الحلاوة مع الحلاوة.
وإذا أخذت طعم حلاوة من هنا،
كل الحلاوة تنظرها وتقول: واو.
وريدي
يالجـزائك جاري في وريدي،
لا، وش غرامك جاري في وريدي؟
أستغفر الله لو أقول إن غرامك،
ما بقى إلا يطبع اسمك على إيدي.
لأنك في صدري وأنت أمانُ صدري،
نخرج مع أنفاسي، وترجع، يا سيدي.
إذا طلعت أحسّ كأنني أراك،
وأقلل من أنفاسي، أو يا ضديدي.
أخاف إذا غادرت، ولا عدت،
وأشفق على رؤيتك وأقول: زيدي.
فهل علمت عن جنوني، يا أنف،
إني مجنون انشغالات المجيدي.
لبيك يا سلكاً حملت الفضائل،
أو عزّ لصاحبك بتحرير قيدي.
يعني رفقنا، يا لؤلؤة، عروقك،
متى تعيدين في عيوني، يا عيدي؟
ثقفني بوصلك مثلما أتثقف،
شعار جيلي من ثقافة قصيدي.
لو تضرعت عيناي بحضور ويصلك،
ما ماتت فعلاً، ولا جاءت الحيدي.
تخيل أني من كثرة ما أتخيل،
تخيلك تدعي وأحسب أنك ميدي.
يا حبيبي، قد جننتني بالمفارقات،
جنّنتني، وأنا في عقلي، يا جيدي.
لكن مع الله، كل بلاء بخير،
ذكاي من التجارب، هو رصيدي.
اذكرني إذا ما سمعت بغرابة،
إذا امتدت في عروقك جديدي.
وأنا بعد لا أذكر، يا غالي،
أبين لوجه الله، وأقبل يدي.
حبيبتي تحفة
حبيبتي تحفة من النوع الفريد،
لجيت بمدحها أخاف أذمّها.
لأن المديح فيها ينقص ولا يزيد،
لأنها خيال وطايش وما همها.
متمرّدة وبعقل هارون الرشيد،
في الزين لا عذر لها بالوقوف.
لو قستها مثلاً بموضة الجيل الجديد،
تحط حليمة بولند في كمها.
من غيها السادات سواد العبيد،
تحرّ وتبرك عند ركبة عمها.
من غيّها لو تفنت كل حيد،
تود أن تكون إنساناً لأجل يلمها.
ومن غيّها حتى الدهن عود العتيد،
يُسّيل في يدها كي يشمها.
ومن غيّها لا من أخذت نفساً جديداً،
تهاوشت الأنفاس حول فمها.
لبيها أم الفكر أم القصيد،
لبيها بمزاحها أو بغمها.
الذي بقوله الله جعله الحظ السعيد،
والله يحفظها لأبوها وأمها.
العقل
لا تقيس الدين بالعقل يا عقلي، ونام،
ففيه غيبيات أؤمن بها بلا مقوت.
لأن إيمانك بها يعني أنك في سلام،
من غضب ربي وسخطه وتخريب البيوت.
لا تفكر في مسائل نتائجها آثام،
يكفي أن الوقت يبتعد عني من الآلام.
أأثمي؟ بس أعرف يا من يتبع الغرام،
بين شيخان العقيدة وشيخان