يُعتبر الأمن الغذائي أحد أبرز القضايا التي حظيت باهتمام الإنسان عبر العصور، حيث اتجهت المجتمعات إلى تطوير أنشطة مثل الزراعة والصيد والرعي. كما شهدت البشرية العديد من الصراعات التي أُقيمت بهدف تأمين احتياجاتها من الغذاء.
لقد أضحت عملية تأمين الغذاء من القضايا الملحة والمهيمنة على الأذهان في كل العصور وحتى الزمن الحالي، حيث أن استقرار الدول يعتمد بشكل رئيسي على قدرتها في تلبية احتياجات سكانها من الغذاء.
مقدمة في بحث حول معوقات تحقيق الأمن الغذائي
يُعتبر الأمن الغذائي واحداً من أكبر التحديات الأساسية في الدول العربية، حيث لم تتمكن الزراعة في هذه الدول من تحقيق زيادة الإنتاج اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على المواد الغذائية.
على الرغم من توفر الموارد الطبيعية من الأراضي والمياه والموارد البشرية.
كما اتسعت الفجوة الغذائية، مما دفع الدول العربية إلى استيراد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الأساسية.
لذا، فإن الأمر يستدعي البحث عن حلول فعّالة للتغلب على المعوقات التي تعترض طريق تحقيق الأمن الغذائي.
تعريف الأمن الغذائي
أول تعريف لمفهوم الأمن الغذائي ظهر في الستينيات، حيث كان يشير إلى قدرة الدولة على تأمين المخزون الغذائي الذي يكفي الأفراد لفترة زمنية معينة، تتراوح بين شهرين وسنة. يجب على الدولة أن تعمل على تجديد هذا المخزون باستمرار، مع العلم أن هذه المدة تختلف بحسب الدولة ونوع الغذاء.
يمكن أن يتم توفير هذا الغذاء من داخل البلاد أو من خلال الاستيراد من الخارج. إلا أنه، من المؤكد، أن يكون الأمن الغذائي أكثر قوة عندما يعتمد على الإنتاج المحلي، مما يعكس قوة الدولة أمام المجتمع الدولي، بينما الدول التي تعتمد فقط على الاستيراد تبقى تحت سيطرة الدول المصدرة.
رؤية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للأمن الغذائي
يعد تعريف منظمة الفاو للأمن الغذائي الأكثر دقة، حيث يُعرف بأنه “توفير الغذاء لكافة أفراد المجتمع من حيث الكمية والنوع بما يلبي احتياجاتهم بشكل مستدام لغرض تحقيق حياة صحية ونشطة”.
هذا المفهوم يختلف عن التعريف التقليدي الذي يركز فقط على تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الاعتماد على الموارد المحلية لإنتاج الغذاء.
أبعاد الأمن الغذائي
تتجلّى أبعاد الأمن الغذائي في النقاط التالية:
- توفر الغذاء: حيث يجب أن تكون الكميات متاحة وكافية للأفراد، ويجب أن تتضمن المخزون الاستراتيجي.
- إمكانية الوصول: إذ يتعين أن تتوفر السلع بأسعار معقولة لجميع الأفراد، مع تقديم معونات للطبقات الأكثر فقراً.
- سلامة الغذاء: تتطلب ضمان صحة وسلامة الأغذية المتاحة للاستهلاك البشري.
- الاستقرار: يتطلب الحفاظ على أوضاع الغذاء مع توافر الأبعاد الثلاثة الأخرى دون تغيير.
عوامل تحقيق الأمن الغذائي
- الخصائص الجغرافية والمناخية للدولة.
- توفر الأراضي الزراعية والمراعي.
- توافر الموارد المائية والبشرية.
- وجود الثروة الحيوانية والتكنولوجيا الحديثة.
التحديات التي تواجه الأمن الغذائي
- أزمة المياه الحالية.
- التزايد السكاني المستمر.
- عدم العناية بالأراضي الزراعية.
- انتشار الأمراض في النباتات وغياب آليات المكافحة.
- التقلبات المناخية المختلفة.
العقبات أمام تحقيق الأمن الغذائي
هناك مجموعة من العقبات التي تعيق الأمن الغذائي، من أبرزها:
- بعض الدول تفتقر إلى مصادر المياه، وتركز على الزراعات المروية بدلاً من الاعتماد على مياه الأمطار.
- عدم وجود أراضٍ زراعية صالحة للزراعة.
- قد يؤثر التحسن الاقتصادي على أنماط الطعام للأفراد، مع قلة العاملين في القطاع الزراعي.
- التركيز على تطوير القطاع الصناعي على حساب الزراعة يؤدي إلى انخفاص الإنتاج الزراعي.
- زيادة أعداد السكان تفوق معدلات نمو الإنتاج الزراعي مما يساهم في تغييرات سكانية بسبب الهجرة من الريف إلى المدن.
- التصحر واستنزاف الأراضي الزراعية بسبب التوسع العمراني.
استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي
سد الفجوة في الإنتاج الغذائي
تقليص الفجوة بين ما يتم إنتاجه وما يمكن إنتاجه يساعد في تقليل عملية استصلاح الأراضي.
وفقًا لتقديرات صندوق الحياة البرية العالمي، يمكن إطعام 850 مليون شخص من خلال تحويل 120,000 كيلومتر مربع إلى أراضٍ زراعية في الدول النامية بحلول عام 2050، حيث إن الأراضي الزراعية تعمل بأقل من 50% من قدرتها الإنتاجية.
زيادة كفاءة استخدام المياه
تشير ندرة المياه في دول الشرق الأوسط إلى خطر مؤلم، حيث تنخفض الحصة السنوية لكل فرد. هذه الظروف تؤدي إلى توجيه المياه نحو القطاعات الحيوية مما يسبب خسائر كبيرة في الموارد المائية المستخدمة في الزراعة.
تتطلب هذه التحديات ضرورة التعاون لتحقيق كفاءة أعلى في استخدام المياه وتحسين استراتيجيات الزراعة والتكيف مع تغير المناخ.
تحسين كفاءة استخدام الأسمدة
يعمل العديد من الدول على استخدام الأسمدة الاصطناعية، لكنها ليست الحل الأمثل. يجب استخدام الأسمدة بكفاءة وفاعلية مع مراعاة العوامل المؤثرة مثل النوع والمصدر ونسب الاستخدام، لضمان تحسين الإنتاج الزراعي.
تقليل هدر الغذاء
تُعد عملية تقليل الهدر من أهم الطرق لتحقيق الأمن الغذائي، حيث يُفقد ثلث الإنتاج الغذائي العالمي، في حين يعاني حوالي 800 مليون شخص من الجوع. لذلك، ينبغي العمل على تقليل الفاقد في الغذاء خلال مراحل التخزين والنقل، وزيادة الوعي الانتاجي والاستهلاكي.