يُعد محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، شخصية بارزة في تاريخ البلاد، حيث أحدث العديد من الإصلاحات العميقة التي غيرت مصير مصر بشكل جذري.
شملت التغييرات التي نفذها محمد علي جميع مجالات الدولة، سواءً في التعليم، إصلاح الجيش، النظام السياسي، بالإضافة إلى إرسال الكوادر المصرية للدراسة في الخارج، وغيرها من الإنجازات الملموسة.
لذلك، سنستعرض في هذا البحث تفاصيل حياة وإنجازات محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة.
مقدمة بحث عن محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة
تولى محمد علي ولاية مصر في عام 1805، وكان يشغل في السابق منصب قائد عسكري في الجيش العثماني. بعد فترة من تسلمه الحكم، أصبح والياً على مصر والسودان.
يعتبر محمد علي المؤسس للدولة الحديثة، حيث كانت فترة حكمه مرحلة حرجة في تاريخ مصر، إذ تمكن من تحويل مصر من حالة من الفوضى إلى حالة من القوة والازدهار.
نشأة محمد علي ووصوله إلى السلطة
وُلِد محمد علي في عام 1769 في مدينة كافالا، الواقعة في منطقة مقدونيا، التي كانت خاضعة حينها للحكم اليوناني. وكان والده إبراهيم أغا، قائد عسكري من أصل ألباني.
بدأ محمد علي مسيرته التجارية من خلال تجارة التبغ، مما ساهم في رفع مكانته في مدينته منذ الصغر.
قاد الفرق الألبانية المرسلة من السلطان العثماني إلى مصر بعد خروج الحملة الفرنسية.
أدى الوضع غير المستقر في مصر إلى تنسيق محمد علي مع كبار التجار والأعيان، مما ساهم في تعيينه والياً على مصر من قبل السلطان العثماني في عام 1805.
أسرة محمد علي باشا
ينتمي محمد علي إلى الأسرة العلوية، التي أسسها وتعتبر جزءاً من تاريخ مصر الحديث.
حكمت أسرة محمد علي مصر خلال فترة الانتداب البريطاني، وبالتحديد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.
استمر حكم محمد علي حتى وقوع الانقلاب في عام 1952، حيث قضى محمد نجيب على الأسرة العلوية بعد توليه الحكم.
من أبرز الشخصيات التي حكمت مصر في تلك الحقبة: الخديوي إسماعيل، الخديوي توفيق، والملك فاروق.
تولي محمد علي حكم مصر
- تم تعيين محمد علي واليًا على مصر من قبل السلطان العثماني خورشيد باشا، عندما كان محمد علي يعرف في المجتمع كقائد للكتيبة الألبانية. ومع انتشار الظلم في عهد خورشيد، قام المواطنون بثورة مطالبة بتولي محمد علي الحكم.
- استجاب محمد علي لمطالب الشعب وتولى حكم مصر، حيث تمكن من تهدئة الأوضاع السياسية والمجتمعية، وخاصة بعد انسحاب التدخلات التركية والبريطانية.
- بفضل براعته السياسية والعسكرية، استطاع محمد علي أن يحكم مصر لفترة طويلة رغم التحديات، مما جعل مصر في عهده من الدول الكبرى.
لا تفوت فرصة الاطلاع على:
إنجازات محمد علي باشا
حقق محمد علي العديد من الإنجازات التي تركت بصمة واضحة على تاريخ مصر، ومنها:
- تحرير مصر من المعتدين واستقلالها عن القوى الخارجية.
- توحيد الأقاليم العربية لمواجهة العولمة والتكتلات الإقليمية.
- تطوير الأنظمة التعليمية بما يتناسب مع متطلبات العصر.
- تلبية احتياجات الأمة عبر تعزيز الاقتصاد.
- رفع مستوى المؤسسات المدنية والعسكرية لتحقيق أعلى معدلات التطور.
- إنشاء أسطول بحري حديث عبر بناء السفن في النيل وإقامة دار السفن في الإسكندرية.
- تأسيس جيش قوي حديث ساعد في توسيع رقعة الدولة.
اقتصاد مصر في عهد محمد علي
تميزت الفترة التي حكم فيها محمد علي بتعدد الموارد الاقتصادية، حيث أصدر نظام الاحتكار في عام 1812 لتنظيم التجارة الداخلية والخارجية.
ساعد القحط الذي عاشته مصر في تلك الآونة على تطبيق نظام الاحتكار، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على القمح المصري من الدول الأخرى، مما أدى لإنعاش الاقتصاد المصري بشكل كبير.
استغل محمد علي هذه الظروف لتعزيز خزينة الدولة وتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول أخرى، حيث اهتم بإقامة مصانع للغزل والنسيج، وبناء الموانئ والمصانع لتصنيع الأقمشة والحديد والنحاس.
كما أسس معامل لإنتاج السكر والزجاج والزيوت وغيرها من المنتجات.
مرض محمد علي
بدأت صحة محمد علي في التدهور بعد انسحاب الجنود المصريين من مصر والشام وعادت الأمور إلى الدولة العثمانية. كما اكتشف أن فرنسا غير مستعدة للتدخل لإعادة الاستقرار إلى مصر.
أُصيب محمد علي بحالة من الاضطراب العقلي وأصبح يعاني من نقص في التركيز، بجانب الضغوط النفسية الناتجة عن إصابة ابنه إبراهيم بمرض السل.
على الرغم من إدراكه لقرب وفاته، أرسل محمد علي ابنه للعلاج في الخارج. وعند عودته، ازدادت مشاعر القلق والشيخوخة، وفي بداية عام 1848، أصيب بالخرف.
في ظل هذه الظروف، لم يعد من الممكن أن يستمر في حكم مصر، لذا قام بتعيين ابنه إبراهيم باشا في السلطة، بينما تراكمت ديون مصر حتى بلغ حجمها 80 مليون فرنك.
وفاة محمد علي
توفي محمد علي في عام 1849. قبيل وفاته، تنازل عن منصبه لابنه إبراهيم، بعدما وقع ضحية المرض وعوامل الشيخوخة، مما أثر على قدرته على القيادة.
مع تولي إبراهيم الحكم، توفي الأخير في نفس العام، مما شكل صدمة لمحمد علي، الذي لم يستطع تحمل الخبر.
توفي محمد علي بعد أشهر من وفاة ابنه في قصر رأس التين بالإسكندرية، لكن عائلته استمرت في الحكم لعدة سنوات بعد وفاته في مصر والسودان.