موقع قبر النبي سليمان عليه السلام
ذكر العثماني في كتابه “تاريخ صفد” أن قبر النبي سليمان بن داود -عليهما السلام- قد يُعتقد أنه موجود قرب بحيرة طبريّة على الساحل. كما قيل بأن موضع قبره يقع في بيت المقدس، بالقرب من منطقة الجسمانيّة، وهناك من زعم أنه دُفن مع والده في نفس القبر. ومن الجدير بالذكر أن القبر الوحيد الذي اتفق العلماء على تحديد مكانه هو قبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بينما لم تتأكد أي تفاصيل أخرى حول قبور الأنبياء الآخرين باستثناء قبر النبي إبراهيم -عليه السلام-.
وفاة سليمان عليه السلام
عمره عند الوفاة ومدة حكمه
توفي النبي سليمان -عليه السلام- أثناء اتكائه على عصاه، وقد أشار العلماء إلى أن عمره عند وفاته كان اثنين وخمسين عاماً، أو ثلاث وخمسون عاماً على الأرجح. وقد حدث ذلك في السنة الخامسة والسبعين بعد الخمسمئة من وفاة النبي موسى -عليه السلام-، وبعد أربعين عاماً من توليه الحكم، الذي بدأه في سن الثالثة عشر.
قصة وفاة النبي سليمان عليه السلام
قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ). تعكس هذه الآية أن الله -تعالى- حين قَدّر موت سليمان -عليه السلام-، كان سليمان متكئًا على عصاه، وظلت العصا دون حركة حتى أكلتها دابّة من الأرض. بعد أن ضعُفت العصا من الأكل وسقط سليمان، اكتشف قومه وفاته ودفنوه.
من المهم التأكيد على أن القرآن الكريم قد ذكر وفاة سليمان -عليه السلام- وكيف غفلت الجن عن ذلك، ليظهر للناس عدم قدرتهم على معرفة الغيب. أما حول مدة بقائه ميتًا دون علم أحد، وما إذا كان أهله قد علموا بذلك أم لا، فلم ترد تفاصيل دقيقة في النصوص القرآنية، بينما قدم المفسرون العديد من الآراء حول قصة وفاته.
- كان الجن الذين سخّرهم الله -عز وجل- للنبي سليمان يعملون في بناء الهيكل، ولم يدركوا موته طوال هذه الفترة. وعندما علموا، شعروا بأنهم لو كانوا على علم بموته لما استمروا في العمل الجاد. وقد أشار بعض العلماء إلى أن هذا التفسير قد لا يكون معقولاً، مشيرين إلى صعوبة عدم فقده من قبل أسرته أو من يعملون تحت إمرته. وبالتالي، رأوا أن سليمان توفي كأي إنسان عادي، لكن الخبر لم يُعلن للجن بناءً على وصيته. وعليه، استمروا في العمل بعيدًا دون علم.
لكن الصحيح هو أن الله -تعالى- أراد أن تكون وفاة سليمان -عليه السلام- عبرة للجن والإنس، لتوضيح قصورهم في معرفة الغيب. فقد كان الجن والإنس يخافون سليمان -عليه السلام- وكانوا يعملون تحت إمرته مع هيبته، بينما كان هو يراقبهم مستنداً على عصاه. فأخذه الله -تعالى- دون معرفة منهم.
- قيل أيضاً إن سليمان -عليه السلام- كان يعيش في بيت المقدس طيلة فترة طويلة يتعبد، وكان كل يوم يرى شجرة جديدة، فيسألها عن اسمها وعملها. وفي أحد الأيام، بينما كان يؤدي الصلاة، لاحظ نبتة تنمو، وعندما استفسر عنها، أخبرته بأنها الخرّوبة التي نمت لخراب بيت المقدس. فقال: “ما كان ليخرب وأنا حي”، فاقتلعها وغرسها في حائط المسجد.
ثم دعا الله -تعالى- أن لا تعلم الجن بموته، لتكون هذه المعرفة فرصة للإنس في إدراك عجز الجن عن معرفة الغيب. وبعد دخوله المسجد لأداء الصلاة، جاءه ملك الموت ليخبره بأن مُهلة وفاته قد قُدِّرت بساعات قليلة، لذا أمر الجن ببناء صرح من قوارير دون باب، ففعلوا ذلك واستمر في الصلاة حتى انتزع الله روحه وهو مستند على عصاه.
- كما يُقال إنه ذات يوم قال لأصحابه إن الملك الذي آتاه الله لم يعرض عليه يوماً خالياً من الأذى، وأراد أن يكون الغد يومًا خاليًا. فأغلق أبواب قصره، وتوجه إلى الأعلى ليشاهد عظيم ملكه اتكاءً على عصاه، ليشاهد رجلًا ذا وجه جميل يقترب منه. سأله عن كيفية دخوله رغم الإغلاق، فأجابه بأنه جاء بأمر من الله، فاستوعب أنه ملك الموت وأدرك أن ليس هناك يوم خالٍ من الأذى.
ثم قبض ملك الموت روحه بينما كان مُتكئًا على عصاه. وقد اعتادت الشياطين أن تلتف حول مقعده، وكان هذا المحراب يحرق من اقترب منه. تقرب الشياطين إلا واحد منهم الذي استطاع المرور دون أن يُحرق، وعندما أُبلغ الشياطين بموته، لاحظوا أن الأرضة قد أكلت عصاه. ولتحديد مدة وفاته، احضروا عصاً مماثلة وبدأوا بتجربتها مع الأرضة، فاستغرق الأمر طيلة سنة لتأكل العصا. وهكذا علموا أنه توفي منذ سنة. وهذا يثبت أن الجن لا يعرفون الغيب، وبالتالي لو كانوا على علم لكانوا أدركوا بموته.