التجاهل الذكي في علم النفس
يُعتبر “التجاهل الذكي”، المعروف أيضًا بالتجاهل المخطط أو المتعمد، استراتيجية بسيطة لكنها فعّالة في التعامل مع السلوكيات السلبية والمشكلات البسيطة. تعتمد هذه الطريقة على فكرة تقليل الانتباه بدلاً من جذب الانتباه.
الشخص الذي يتبع أسلوب التجاهل يتعمد عدم إظهار أي اهتمام تجاه سلوك ما قام به الآخر، وهو أمر يتعارض مع رغبة الشخص الذي ارتكب الخطأ. فإن توجيه اللوم أو التوبيخ بعد سلوك ما يُعتبر أيضًا شكلاً من أشكال التركيز، مما يعزز السلوك غير المرغوب فيه بدلًا من تقليله.
أهمية التجاهل الذكي
يمكن تطبيق أسلوب التجاهل الذكي بفعالية في تعديل سلوك الأطفال، حيث يتمكن الآباء أو المدرسون من تحديد السلوكيات التي يسعى الأطفال من خلالها لجذب الانتباه وتجاهلها. على سبيل المثال، عندما يلاحظ طفل والدته تتحدث على الهاتف، قد يبدأ في إظهار سلوكيات غير مقبولة مثل نوبات الغضب بسبب شعوره بالإهمال.
يعتقد الطفل أن مظاهر الغضب ستجعل والدته تتوجه إليه بالاهتمام، وعندما تستجيب الأم لهذا السلوك، يُشعر الأخير بنجاحه في جذب انتباهها، مما يجعله يشعر بالفخر ويرغب في تكرار نفس السلوك مستقبلاً.
لكن باستخدام استراتيجية التجاهل الذكي من قِبَل الأم، ستتضح للطفل أن نوبات الغضب لا تفيده في الحصول على ما يريد، مما يقلل من استجابة الطفل للغضب في المستقبل.
كيفية استخدام استراتيجية التجاهل الذكي
يُعتمد التجاهل الذكي المتعمد بشكل خاص مع الأطفال، سواء من قبل الآباء أو المعلمين، وذلك بعد أي تصرف مزعج لكنّه غير مؤذٍ. مثلاً، إذا قام الطفل بأفعال مؤذية مثل العض أو الضرب، فلا ينبغي استخدام هذه الاستراتيجية. وعند استخدامها، يجب أن تكون ضمن شروط معينة. إليك بعض النقاط الأساسية لتطبيق التجاهل الذكي:
- تجاهل السلوك تمامًا، فلا يكون التجاهل بسيطًا لدرجة أنه يعبر عن اهتمام. حيث قد يُشعر التجاهل البسيط الطفل بالسعادة ويعزز رغبته في تكرار نفس السلوك.
- يجب تجاهل الطفل والتصرف كما لو أنه غير موجود، وهذا يعني عدم النظر إليه أو الحديث معه، فضلاً عن عدم الضحك على أي شيء يقوله، بغض النظر عن مدى طرافته.
- يمكن مغادرة المكان إذا أمكن، حيث تساعد مغادرة المكان أحيانًا في تحقيق التجاهل التام، كما يمكن الانشغال بأشياء أخرى مثل تصفح مجلة.
- الالتزام بالهدوء قدر الإمكان، مع تقديم اهتمام إيجابي. يجب التوقف عن التجاهل فور توقف الطرف الآخر عن السلوك غير المرغوب فيه والتصرف بطريقة مناسبة.
- الصبر والتحكم في ردود الفعل، نظرًا لأن الطفل قد يُعيد اختبار السلوك المزعج ليعرف ما إذا كان سيتم تجاهله أو أنه أصبح سلوكًا عاديًا، فهذا يتطلب تكرار التجاهل الذكي في كل مرة.
- إذا صدر عن الطفل سلوك ضار لنفسه أو للآخرين، يجب مساعدته فورًا وعدم استخدام التجاهل الذكي في ذلك الوقت. يمكن تهدئة الطفل وتشجيعه على أخذ استراحة، وفي حالة حدوث خطر كبير ينبغي استشارة طبيب مختص.