أين يقع كهف أصحاب الكهف؟

أسباب نزول آيات قصة أصحاب الكهف

عندما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بإبلاغ قومه عن الرسالة الموحاة إليه من ربه، أرسلت قريش مجموعة من رجالها إلى أحبار اليهود في المدينة، حيث أرادوا التأكد من صدق دعوته. كان السبب وراء استغناءهم عن غيرهم من الناس هو أن اليهود كانوا من أهل الكتاب. طلب منهم أحبار اليهود أن يوجهوا أسئلة محددة للنبي -صلى الله عليه وسلم- تتعلق بثلاثة أمور: عن فتية غابوا في العصور، ومعرفة المزيد عن الروح، وعن رجلٍ سافر إلى جميع أنحاء الأرض. طرحوا هذه الأسئلة، ولكن تأخر الوحي خمس عشرة ليلةً، ثم نزل وحي الله بأياتٍ من القرآن تجيب عن تلك الاستفسارات.

موقع كهف أصحاب الكهف

تعددت الروايات فيما يتعلق بموقع القصة المعروفة لأصحاب الكهف. ورغم أن القصة مذكورة في القرآن الكريم، إلا أن الآيات لم تحدد الموقع الذي قضى فيه الفتية مدة طويلة، ولم تُشر إلى زمنهم. تشير بعض الأقوال إلى أن كهفهم قد يقع في أحواز تونس، تحديدًا في منطقة تعرف بسكرة بالقرب من المرسى، حيث كان يُعتقد أن اليهود كانوا يلجأون إلى كهوف هناك هرباً من ظلم الرومان. بينما تشير آراء أخرى أن الكهف قد يكون في صخرة بيت المقدس، أو قرب أنطاكيا، ويرجح البعض أنه يقع في مدينة أفسس، المعروفة حاليًا بطرسوس، وهو الرأي الأكثر قبولاً بين بعض العلماء.

معلومات عن قصة أصحاب الكهف

تشير المصادر التاريخية إلى أن فتية الكهف كانوا يعيشون في مجتمع يعبد الأصنام دون الله. في يوم من الأيام، كاجتمع الناس للاحتفال بأعيادهم وهم يسجدون لأصنامهم. شعر الفتية بأنهم غير قادرين على قبول هذا الواقع، فجمعهم الله -تعالى- وعلمهم بأن هجر قومهم أصبح واجباً خوفًا من الفتنة في دينهم. اجتمع الفتية في مكان واحد، كما يقول الله تعالى: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا*فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا). طلبوا من ربهم أن ينقذهم من النكد في الدنيا والآخرة. وفي تلك الأثناء، شملتهم رحمة الله -سبحانه- داخل كهفهم، حيث جعل الله لهم الشمس تشرق عليهم من الجهة الغربية للغار ثم تميل طوال اليوم، وعندما يحين الغروب، تدخل الشمس من الجهة الشرقية، وكل ذلك يعكس حكمة الله ورعايته لأنبيائه.

تستمر نعمة الله -تعالى- على الفتية عندما يحفظ تقلبهم من جهة إلى أخرى بشكلٍ دوري. كما ورد في القرآن: (وَنُقَلِّبُهُم ذاتَ اليَمينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلبُهُم باسِطٌ ذِراعَيهِ بِالوَصيدِ لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا). يُذكر أن كلبهم كان نائمًا عند باب الكهف، ولم يدخل معهم تأدبًا، وذكرت الله -تعالى- له دليلًا على فضل الصحبة الصالحة وما يرافقها من خير.

أخبر الله -تعالى- أن الفتية مكثوا في كهفهم ثلاثمائةٍ وتسع سنوات. وعندما استيقظوا، بدأوا في النقاش حول المدة التي قضوها، واعتقدوا أنها لم تكن أكثر من يوم. قرروا إرسال أحدهم لشراء الطعام، متفقين على ضرورة التصرف بحذر في المدينة حتى لا يكتشف أحد أمرهم. وكان حديثهم معبرًا، حيث قال الله: (فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا). عبروا عن قلقهم من أن يعرف أحدهم قصتهم، ولن تنجح الأيادي المؤمنة إذا انقادوا خلف مشركين، حيث قال الله: (إِنَّهُم إِن يَظهَروا عَلَيكُم يَرجُموكُم أَو يُعيدوكُم في مِلَّتِهِم وَلَن تُفلِحوا إِذًا أَبَدًا). عندما خرج أحد الفتية لشراء الطعام تنكر حتى لا يعرفه أحد، ولكن عند الدفع، تفاجأ الآخرون بالنقود التي يحملها، مما دفعهم لاكتشاف قصته. وعاد معهم لمعرفة المكان، وهنا أدركوا أن ذلك من حكمة الله ورحمته، وهناك من يقول أنهم عاشوا بعدها لفترة، بينما يقول آخرون أنهم قد توفوا، ولكن يذكر أن الناس لم يجرؤوا على دخول الكهف بعد الحادثة.

عدد أصحاب الكهف

لم يحدد القرآن الكريم عدد أصحاب الكهف بشكل مباشر، وركز بدلاً من ذلك على المعاني والدروس المستفادة منها. حيث يقول الله (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ). وقد أورد ابن عباس أن العدد هو سبعة، وتُرجِع عدم تحديد العدد بشكل دقيق إلى أهمية التركيز على الدروس المستفادة من القصة، حيث تنتهي الآية بقوله: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ).

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *