قصيدة: ألا يا ليل هل لك من الصباح
ألا يا ليل، هل لك من صباحٍ؟
وهل لأسيــر نجمك من سراحٍ؟
ألا يا ليل، طلت علي حتى
كأنك قد خُلِقت بلا صباحٍ.
فهل باتت فُطيمةُ فيك تشكو
كما أشكو اغترابي وانزياحي؟
أردد زفرة المضنى كأني
جريحٌ أني من ألم الجراحِ.
يُقلبني الأسى جنبًا لجنبٍ
كأنني فوق أطراف الرماحِ.
دعاني الحب نحوك أمّ عمرٍو،
فطرت إليكِ خفّاق الجناحِ.
ولو أستطيع من طربٍ وشوقٍ،
ركبت إليك أجنحة الرياحِ.
أحببتنا رُويدكُم علينا،
فقد جمح الهوى كل الجماحِ.
هو القدر المتاح جرى علينا،
ومن يستطيع للقدر المتاحِ؟
غريبٌ حلَّ داركم فأضحت
له هيماء موحشة النواحي.
تناكرت الوجوه بها عليه،
وكانت ذات عرفٍ وانشراحِ.
ولو شئتم لما حسن انفرادي
بأشواقي ولا وجب اطراحي.
وقُلتُم إنكم تجدون وجدِي
وهيهات المِراضُ من الصحيحي.
أعاتبكم لأنكم بخِلتم
وأنتم قادرون على السماحِ.
قصيدة: ملك السماء بهرت في الأنوار
قال أحمد شوقي:
وكأنها والموج منتظم وقد
أوفَيتَ ثم دنَوت كمختارِ.
غيداء لاهية تَخطُّ لأغيَدٍ
شعرًا ليقرأه وأنت القاري.
فليهنَ بدر الأرض أنَّكَ صِنوُهُ
ونظيرُهُ قربًا وبعد مَزارِ.
وحلاكما ما البدر إلا أنتما،
وسواكما قمرٌ من الأقمارِ.
أنت الكريم على الوجود بوجههِ،
وهي الضنينَةُ بالخيال الساري.
هيفاء أهوَاها وأعشق ذِكرَها،
لكن أُداري والمحبُ يداري.
لي في الهوى سر أبيتُ أصونهُ،
والله مُطّلعٌ على الأسرارِ.
قصيدة: إن للدهر صولة فاحذرنها
قال عدي بن زيد:
إن للدهر صولةً فاحذَرنَها،
لا تَنَمَنَّ قَد أَمِنتَ الدهورا.
قد يبيت الفتى صحيحًا فيردى
بعدما كان آمنًا مسرورا.
إنما الدهر لينٌ ونطوحٌ،
يترك العظم واهيًا مكسورا.
فاسأل الناس أين آل قُبَيسٍ،
طحطح الدهر قبلهم سابورا.
خطفته منيّةٌ فتردّى
وهو في الملك يأمل التعميرا.
وبنو الأصفر الملوك كذا لم
يترك الدهر منهم مذكورا.
لا أرى الموت يسبق الموت شيئٌ،
نغص الموت ذا الغنى والفقرَا.
قصيدة: أقول لها وقد طارت شعاعا
قال قطري بن الفجاءة:
أقول لها وقد طارت شعاعا
من الأبطال، ويحك لن تُراعي.
فإنكِ لو سألتِ بقاءَ يومٍ
على الأجل الذي لكِ لم تُطاعي.
فصبرًا في مجال الموت صبرًا،
فما نيل الخلود بمُستطاعِ.
ولا ثوب البقاء بثوب عزٍّ،
فيُطوى عن أخي الخنع اليُراع.
سبيل الموت غايلة كل حيٍ،
فداعيَهُ لأهل الأرض داعي.
ومن لا يُعتَبَط يسأم ويهرم،
وتسلمه المنون إلى انقطاعِ.
وما للمرء خير في حياةٍ
إذا ما عدّ من سقط المتاعِ.
قصيدة: لولا الحياء لعادني استعبار
قال جرير:
لولا الحياء لعادني استعبارُ،
ولزُرتُ قبرَكِ والحبيب يُزارُ.
ولقد نظرتُ وما تمتعُ نَظرةٍ
في اللحد حيث تمكن المحفارُ.
فجزاكِ ربكِ في عشيركِ نظرةً،
وسقى صداكِ مجلجلٌ ومدرارُ.
ولّهتِ قلبي إذ علَّتني كَبرةٌ،
وذو التمائم من بنيكِ صغارُ.
أرعى النجوم وقد مضت غوريةً،
عُصَبُ النجوم كأنهنّ صِوارُ.
نعم القرينُ وكنتِ علقَ مضنَّةٍ،
وارى بنعف بُلَيشة الأحجارُ.
عَمِرت مُكرمةَ المساكِ وفارقتَ
ما مسَها صَلَفٌ ولا إقتارُ.
قصيدة: برد نسيم الحجاز في السحر
قال عنترة بن شداد:
برد نسيم الحجاز في السحرِ
إذا أتانِي بريحهِ العطرِ.
أَلذُّ عندي مما حَوَته يدي
من اللآلِ والمالِ والبدرِ،
وملك كسرى لا أشتهيه إذا
ما غاب وجه الحبيب عن نَظَري.
سقى الخيام التي نُصِبت على
شربة الأنسِ ووابل المطرِ.
منازلٌ تطلع البدور بها
مُبَرقعاتٍ بظلمة الشعرِ.
بيضٌ وسمرٌ تحمي مضاربها،
أسود غابٍ بالبيض والسمرِ.
صادت فؤادي منهنَّ جاريةٌ
مكحولةُ المقلتين بالحَوَرِ.
تُريك من ثغرها إذا ابتسمت
كأس مُدامٍ قد حُفَّ بالدُرَرِ.
أعارَتِ الظبيَ سحر مقلَتِها،
وبات ليثُ الشرى على حذرِ.
خودٌ رداحٌ هيفاء فاتنةٌ،
تُخجل بالحُسن بهجة القمرِ.
يا عَبلَ نارُ الغرامِ في كبدي،
ترمي فؤادي بأسهم الشررِ.
يا عَبلَ لولا الخيالُ يطرُقُني
قضيتُ ليلي بالنوح والسهرِ.
يا عَبلَ كم فتنةٍ بليتُ بها
وخوَضتُها بالمُهند الذكَرِ.
والخيول سود الوجوه كالحةٌ،
تخوض بحر الهلاك والخطرِ.
أدافع الحادثات فيكِ ولا
أطيق دفع القضاء والقدرِ.