حسن الظن بالله
يتجلى حسن الظن بالله تعالى في اعتقاد العبد بأن الله رحيم، كريم، وعادل، وأنه سيغفر له ويقبل توبته. يُعتبر حسن الظن بالله جزءًا أساسيًا من إيمان المسلم، ولا يكتمل هذا الإيمان إلا من خلاله. فكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (والذي ليس له إله سواه، ما أُعطي عبد مؤمن شيئًا أفضل من حسن الظن بالله عز وجل، والذي ليس له إله سواه، لن يحسن عبد بالله الظن إلا وحقق الله له ما ظنه، لأن الخير كله بيده). ويرتبط حسن الظن بالله بفهم العبد لفضله ورحمته وكرمه الذي لا حدود له.
فضل حسن الظن بالله
يمتاز حسن الظن بالله بأنه من العبادات القلبية التي حثت عليها الشريعة، وتتمتع بمزايا عديدة، ويمكننا أن نعرض بعضًا منها على النحو التالي:
- يعد حسن الظن بالله تجلٍ من تجليات عبادة المسلم الحقة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله).
- الشخص الذي يحسن الظن بالله سيُعطى ما يتمنى، كما ذكر في الحديث القدسي: (قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله).
مواطن حسن الظن بالله
على المؤمن أن يحسن ظنه بالله في جميع الظروف والأحوال، فكل القوة والحول بيد الله تعالى. هنا بعض الظروف التي يتجلى فيها حسن الظن بالله:
- عند الموت: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)، كما يذكر أن حاتم بن سليمان زار عبد العزيز بن سليمان في لحظاته الأخيرة، فقال: “ما نقول إلا على حسن الظن بالله”، ولم يمض وقت طويل حتى توفي.
- أثناء الشدائد: مثلما حدث مع الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، حيث استعادوا الأمل بعد أن أحسنوا الظن بالله.
- عند ضيق العيش وازدياد الديون: حيث قال ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نزلت به فاقة فنزلها بالنّاس لم تُسدّ فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله، يُوشك الله له برزق عاجل أو آجل).
- عند الدعاء: يتطلب المؤمن حسن الظن بالله وعزيمة على أن الله سيستجيب لدعائه، كما جاء في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ادْعُوا اللهَ وأنتم مُوقِنُونَ بالإجابةِ).
- عند التوبة: عندما يتوجه العبد إلى الله بالتوبة، فهو يعبّر عن حسن ظنه بأن الله سيغفر له.
كيفية تحقيق حسن الظن بالله
لتحقيق مفهوم حسن الظن بالله تعالى، ينبغي على العبد مراعاة مجموعة من الأمور، منها:
- الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، مع الاعتقاد بأنه ذو حكمة في كل ما يقرره.
- فهم عطاء الله وكرمه الواسع، وأن الله لا ينقصه شيء عند العطاء، ولا يزيده شيء عند المنع.
- الابتعاد عن المعاصي واتباع الأوامر، فالعبد الذي يتوب ويقبل على الله مع حسن الظن يكون مشمولًا برحمة الله.
- الصبر على المصائب، واستحسان أن الله لا يبتلي عباده إلا لتقوية إيمانهم.
قصص حقيقية عن حسن الظن بالله
يحتوي التاريخ على العديد من القصص التي تسلط الضوء على التوكل وحسن الظن بالله، وهي تمثل قدوة حسنة، ومن هذه القصص:
- النبي محمد صلى الله عليه وسلم: في هجرته مع أبو بكر رضي الله عنه، أحسن الظن بالله عندما اعتقد أن الله سيكون معهما في الغار، وكان ذلك قياسًا إلى حفظ الله لهما.
- موسى عليه السلام: حيث قال لقومه: (كلا إن معي ربي سيهديني) مطمئنًا بهم من خوفهم.
- إبراهيم عليه السلام: عندما ترك زوجته هاجر وابنه إسماعيل في مكة، في دلالة على حسن ظنه بالله الذي وجهه أن هذا سيكون دليلاً على عونه ورحمته.