السّمنة
تُعتبر مسألة فقدان الوزن من الموضوعات الملحّة في وقتنا الحالي، حيث تُشغل الكثير من الأذهان، لا سيّما مع تزايد معدلات السّمنة والوزن الزّائد. ولنفهم طرق فقدان الوزن بشكل أفضل، ينبغي أوّلاً أن نُحدّد مفهوم السّمنة.
تعرف السّمنة على أنّها تراكم مفرط للدهون في الجسم، مما يتجاوز حدود معيّنة ويؤثّر سلبًا على الصحة العامة. تزيد السّمنة والوزن الزّائد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل السكّري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى مرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، والتهاب المفاصل (الفصال العظمي)، وبعض أنواع السرطان، وآلام المرارة، ومشاكل التنفس. كما تمثل السمنة خطرًا كبيرًا على الحمل، فضلاً عن المضاعفات المحتملة خلال العمليات الجراحية. ولا تقتصر العواقب على الجانب البدني فحسب، فالناس قد يواجهون أيضًا مشاكل نفسية واجتماعية نتيجة للسّمنة وزيادة الوزن.
تُستخدمة وسائل متعددة لعلاج السّمنة، سواء كانت صحيّة أم غير صحيّة. وفي هذا المقال، سنناقش الطرق المتبعة لمواجهة السّمنة، مع التركيز على سلامتها ونجاحها، واختيار الأنسب والأكثر فعالية منها.
أساليب معالجة السّمنة المتاحة
نظرًا لأن فقدان الوزن يمثل حلمًا شائعًا لدى الكثيرين، فإن العديد من الأشخاص يكونون مستعدين لاستثمار الأموال في سبيل تحقيق ذلك، مما يُتيح لمسوّقي الطرق غير الصحيّة أو غير الفعالة الفرصة للترويج لأساليب يدّعون فعاليتها في فقدان الوزن، خاصة إذا ارتبطت بوعد بفقدان سريع للوزن. لكن، من بين آلاف الطرق التي تدّعي النجاح، لا يبرز إلا القليل من هذه الأساليب كوسائل فعّالة حقيقية. في الواقع، قد تكون بعض هذه الطرق غير فعالة وربما تُشكل خطرًا على صحة الأفراد.
طرق خادعة لفقدان الوزن
من بين الأساليب غير المجدية التي يتبعها الكثيرون في محاولة لفقدان الوزن، يمكن ذكر الآتي:
الحميات الغريبة
تنتشر الحميات الغريبة أو حميات الموضة بصورة كبيرة، وغالباً ما تجذب هذه الأنظمة العديد من الأفراد بوعودها بخسارة وزن مرموقة. غالبًا ما يتم وضع أهداف مفرطة للوصول إلى الوزن المثالي، وتقديم أنظمة غذائية ناقصة من الناحية التغذوية. ويمكن أن تحمل العديد من الحميات الخاطئة آثارًا ضارة، تتراوح من أعراض بسيطة مثل الصداع والغثيان، إلى مخاطر أكبر قد تصل إلى الوفاة. لذلك، يجب التعرف على هذه الأنظمة وما قد تحمله من خداع، من خلال النقاط التالية:
- وعد بفقدان سريع للوزن في فترات قصيرة، بينما ينبغي أن تكون خسارة الوزن تدريجية ولا تتجاوز الكيلوغرام الواحد أسبوعيًا.
- الترويج لنظم غذائية غير متوازنة أو منخفضة بشكل مفرط في السعرات الحرارية، حيث يجب ألا تقل السعرات عن 1200 سعر حراري للسيدات و1500 سعر حراري للرجال، مع ضرورة تضمين البروتينات والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن.
- استبدال الطعام بالمشروبات أو السوائل، في حين يجب أن تعتمد الحمية على تقديم وجبات غذائية تناسب ثقافة الشخص.
- الإفراط في التركيز على منتجات معيّنة بدلاً من تعليم الأفراد اتخاذ قرارات غذائية صحيحة.
- عدم توفير حلول حقيقية للتغييرات الدائمة في نمط الحياة.
- فشل في تقديم استشارات غذائية موضوعية من قبل خبراء مدربين ولكن يحصلون على أرباح من تلك المنتجات.
- تطلب بعض البرامج دفعات أكبر في البداية، مما يرتبط بالتزام الفرد بها، بينما يُعتبر النظام الجيد مرنًا مع دفع جزء من التكلفة خلال المراحل المختلفة.
- فشل في توضيح المخاطر أو النتائج طويلة المدى الناتجة عن فقدان الوزن.
- الترويج لمنتجات لم يتم إثبات فعاليتها علميًا، مثل هرمون الجونادوتروبين المشيمي ومشروبات التخسيس.
- فشل هذه الأنظمة في الحفاظ على فقدان الوزن بعد انتهاء البرنامج.
الأدوية المتاحة بدون وصفة طبية
يلجأ بعض الأشخاص إلى تناول أدوية لعلاج السّمنة بدون وصفات طبية، غير أنّ أغلب هذه الأدوية غير معتمدة من قبل مؤسسات التغذية، مما قد يُعرّضهم لآثار جانبية خطيرة.
المنتجات الطبيعية والمكمّلات الغذائية
يعتمد الكثيرون على استخدام منتجات عشبية أو مكمّلات غذائية في سبيل فقدان الوزن، لكن هذه المنتجات قد لا تضمن الفاعلية المطلوبة، حيث إن كونها طبيعية لا يعني بالضرورة أنها آمنة. على سبيل المثال، يُستخدم الإيفيدرا في العديد من المنتجات العشبية، التي تحمل مخاطر متعددة. كما يلجأ البعض إلى المسهّلات، معتقدين أنها تساعد في فقدان الوزن، رغم أن عملية امتصاص الغذاء تحدث في الأمعاء الدقيقة وليس في الأمعاء الغليظة.
خدع إضافية
لا تُعتبر الحمامات الساخنة أو الساونا أو غرف البخار وسيلة فعالة لفقدان الوزن كما يُشاع، إذ إن أي فقدان للوزن يحدث نتيجة للجفاف وليس لفقدان للدهون. وبالمثل، فإن الكريمات والمنتجات الأخرى تُعتبر غير فعالة في تقليل السيلوليت، حيث لا يُعد السيلوليت حالة مرضية تُعالج.
علاج السمنة بالأدوية والعمليات الجراحية
تُعتبر الأدوية المتاحة عبر الوصفات الطبية والعمليات الجراحية وسائل لعلاج السمنة، لكن ينبغي أن تكون هذه الخيارات متاحة فقط في حالات السمنة المفرطة، حيث تُوازن الفوائد المحتملة مقابل الأخطار الصحية. تتجه الأبحاث نحو تطوير أدوية لعلاج السمنة باعتبارها حالة مزمنة، ولكن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى مخاطر صحية.
- تستخدم أدوية السمنة عادة على مبدأ كبح الشهية أو تقليل امتصاص الدهون.
- تتضمن العمليات الجراحية تصغير المعدة مما يؤثر على الشعور بالجوع، وتكون فعالة جداً، لكن نجاحها يعتمد على الالتزام بتعليمات الطبيب بعد العملية، بما في ذلك الخطط الغذائية.
يتوجب على الأشخاص الذين يخضعون لهذه العمليات المتابعة الطبية مدى الحياة. كما يلجأ البعض إلى تقنيات شفط الدهون، التي قد تُحسن الشكل الخارجي لكن لا تعالج الأسباب الكامنة للسمنة، مسببّةً للمزاج تحديات إضافية.
أفضل أسلوب لعلاج السمنة
تعتبر الطرق الأكثر نجاحًا في فقدان الوزن هي التي تعتمد تغييرًا تدريجيًا في العادات الغذائية، مع وضع أهداف واقعية ومتاحة، بالإضافة إلى معالجة السلوكيات الغذائية الخاطئة تدريجيًا. يجب أن يستند برنامج فقدان الوزن على تقييم شامل للوضع الغذائي للفرد، وأن تُعدّ حمية تناسب احتياجاته الشخصية، مع تخفيض السعرات الحرارية بشكل مقبول دون أن تقل عن الحد الأدنى الموصى به.
على الشخص الذي يسعى لفقدان الوزن تقليل حجم الوجبات وزيادة عددها، بالإضافة إلى التركيز على تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة، مع تجنّب الأطعمة المقلية والعالية السكر. كما ينبغى ممارسة الرياضة بشكل منتظم لزيادة مستوى الطاقة المحروقة، بالإضافة إلى دورها في تحسين معدلات الأيض. تُحفّز ممارسة التمارين الرياضية بناء العضلات، مما يُساهم بدوره في دعم عملية الأيض وحرق السعرات الحرارية.
يتطلب علاج السمنة الصحيح تغيير السلوكيات الغذائية الخاطئة، من خلال تحديدها ووضع استراتيجيات لمعالجتها، مع وضع خطط بديلة لضمان النجاح. يجب أن تُراعى رغبات الشخص واستعداده لهذه التغييرات وتحقيق أهداف منطقية تتماشى مع قدراته.