في عالمنا العربي، كانت هناك شخصيات بارزة في مختلف المجالات مثل الطب والكيمياء والفلسفة والفلك والرياضيات، ومن بين هؤلاء العلماء يبرز أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البَلْخي. في هذا المقال، سنستعرض ملخصًا عن حياته وإنجازاته.
ابن سينا
أبو علي الحسين بن سينا، المعروف بلقب “الشيخ الرئيس”، وُلِد في عام 340 هجريًا، والذي يوافق سنة 980 ميلاديًا، في قرية قريبة من بخاري، التي تقع حاليًا في أوزبكستان.
تميّز ابن سينا بلقب “أمير الأطباء” في العالم الغربي، ويُعتبر من رواد الطب الحديث. ألف ابن سينا عددًا هائلًا من الكتب يُقدّر بنحو 200 كتاب، ركّز في معظمها على مجالات الطب والفلسفة، متبعًا منهج الفلاسفة اليونانيين أمثال أبقراط وجالينوس.
أول مراحل حياة ابن سينا
واجه ابن سينا صعوبات في بداية حياته مع كتاب “الميتافيزيقا” للفيلسوف أرسطو، حيث قضى سنوات عديدة في قراءته دون أن يفهم معناه. ومع ذلك، عثر لاحقًا على تحليل للفارابي يسهل فهم الكتاب، مما فتح له آفاق جديدة في فلسفته.
بدأ ابن سينا دراسة الطب في سن الـ16، ولم يكتفِ بالدراسة النظرية بل بدأ بممارسة العملية في سن الـ18، ليصبح طبيبًا شابًا يُعرف بعلاجه للناس بدون مقابل.
المناصب التي شغلها ابن سينا
شغل ابن سينا منصب طبيب خاص للأمير نوح الثاني في عام 997 ميلادي، وكان له الفضل في علاج الأمير من مرض خطير. كافأه الأمير بفتح المكتبة السليمانية الملكية له.
لكن الأمور لم تسر على ما يرام، حيث تعرضت المكتبة للحرق بعد فترة، وتعرض ابن سينا لشيء من الاضطهاد. انتقل إلى مدينة الري ثم إلى همدان، حيث عُيِّن مرافقًا طبيًا للحاكم.
بفضل جهوده، تم ترقيته إلى منصب وزير الدولة، ورغم انشغالاته، استمر في دراسته وأبحاثه. ألف نحو 30 كتابًا قبل أن ينتقل إلى أصفهان، حيث حصل على منصب مرموق في البلاط الملكي. ومع ذلك، ظل قيد الاستهداف من أعدائه.
بعد خروجه من السجن، عاش ابن سينا في أصفهان حتى وافته المنية في عام 1037 ميلادي.
إنجازات ابن سينا في الطب
يُعَد ابن سينا من المؤسسين الرئيسيين لعلم الطب، حيث أصبح كتابه “القانون في الطب” مرجعًا رئيسيًا في العصور الوسطى، وترجم إلى العديد من اللغات. تشمل إنجازاته المتميزة في الطب ما يلي:
- شرح تشريح العين بشكل دقيق.
- أول من اكتشف أن التلوث يسبب أضرارًا جسيمة للجسم.
- أسهم في اكتشاف أكثر من 600 عقار طبي لعلاج مختلف الأمراض.
- استخدم الكي بالنار لوقف النزيف الناتج عن الجروح.
- أشار إلى وجود الأمراض النفسية والعصبية وتأثيراتها على الجسم.
- وضح مفهوم السكتة الدماغية وكيفية التعرف عليها.
- ساهم في فهم طب أمراض النساء وعالج قضايا مثل انسداد المهبل.
- فرق بين أسباب الشلل النصفي، سواء كانت داخلية أو خارجية.
- كان أول من اكتشف وجود الأمراض المعدية وقدم طرقًا للوقاية والعلاج.
- تميّز بقدرته على التفريق بين المغص المعوي والمغص الكلوي.
ابن سينا والفلسفة
يُعتبر ابن سينا من أهم الفلاسفة في عصره، حيث أثرى الفلسفة بآرائه القوية والتي أدت إلى تعرضه للاتهام بالزندقة من قبل رجال الدين. عُرف بمؤلفاته التي ناقشت مجموعة من الأفكار الفلسفية.
أهم كتب ابن سينا في الفلسفة
- الاشارات والتنبيهات.
- الشفاء.
- النجاة في المنطق والإلهيات.
تأثر ابن سينا بأفكار أرسطو، حيث تحدى بعض العقائد الإسلامية حول النبوة والعالم، مؤمنًا بفكرة قدم العالم. كما اعتقد أن فترة النبوة انتهت بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
أعمال ابن سينا المتميزة في المجالات المختلفة
ألّف ابن سينا أكثر من 400 عمل، لكن لم يصل إلينا سوى نحو 200 كتاب تغطي مجالات متعددة مثل الطب والفلسفة. من أهم أعماله:
- كتاب “القانون في الطب”: مؤلف يتكون من خمس مجلدات يتناول الأمراض وطرق العلاج والإصابات.
- الأطروحة التي تبطل حكم النجوم.
- ورقة عن التشريح.
- كتاب “الخلاص”.
- كتاب “الشفاء”: مقسّم إلى ميتافيزيقا وعلوم طبية ورياضيات.
- العلم الكلي، والعلم الإلهي، والطب النفسي، والعلم الرياضي، وكتاب الأخلاق، وكتاب التشريع، وكتاب السياسة.
ابن سينا وفهمه للنفس
خصص ابن سينا قصيدة بعنوان “العينية في النفس” التي تحمل بين طياتها تفكيرًا عميقًا حول النفس ووظيفتها. جادل بأن النفس هبطت من مكان رفيع، وقد كرهت هذا النزول ولكنها استقرت في الجسد بعد فترة.
وفاة الشيخ الرئيس ابن سينا
توفي ابن سينا عن عمر يناهز 58 عامًا بعد معاناته من مرض شديد. خلال أيامه الأخيرة، أدرك أن العلاج لم يعد يؤتي ثماره، فركز على العبادة وختم القرآن بانتظام وتبرع بماله للفقراء. ترك خلفه إرثًا علميًا عظيمًا سيظل ينير دروب المعرفة. رحم الله ابن سينا.