الجاحظ
هو أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني البصري، ينتمي إلى قبيلة كنانة، ويُعرف بلقب الجاحظ بسبب بروز عينيه. يُعتبر الجاحظ واحداً من أبرز الشخصيات الأدبية في العصر العباسي، ويمثل تيار المعتزلة في عصره. له العديد من المؤلفات الأدبية التي يصعب حصرها، لكن من أهمها “كتاب البخلاء”، “كتاب الحيوان”، و”كتاب البيان والتبيين”. جمع الجاحظ ثقافات عربية ويونانية وفارسية وهندية في مجموعة من المجلدات الأدبية المعروفة.
بدأ مشواره المهني بائعاً للخبز والأسماك، ثم انطلق في تعلم اللغة العربية وآدابها تحت إشراف الأدباء مثل الأصمعي والأخفش وغيرهم. كان يتمتع بقدرة عقلية عالية وكان يؤمن بأهمية التجربة كوسيلة للوصول إلى اليقين. في بعض الأحيان، انتقد الجاحظ جمع ورواة الحديث ممن لم يشهدوا وقائع الحقائق بأنفسهم.
تميز أسلوبه بالسهولة والعذوبة، إلى جانب الفكاهة والمنطق، مع وجود سرد قصصي مؤكد في بعض الأحيان. كما أبدع في أسلوب الاستطراد، مما أثرى الأدب العربي لاحقاً. وواجه الجاحظ نهاية غير متوقعة في عام 255 هـ حين سقطت عليه كتبه المفضلة في مدينة البصرة، مما أدى إلى وفاته.
كتاب البخلاء
يعتبر “كتاب البخلاء” أحد أكثر مؤلفات الجاحظ فائدة، حيث يتميز بجو من الفكاهة الخفيفة التي تنعش النفس. الكتاب يجمع بين الطابع الأدبي والعلمي، ويصف بدقة الحياة الاجتماعية في العصر العباسي، حيث يستعرض تفاصيل الحياة الأسرية وعادات الناس بأسلوب ممتع ومؤثر يبرز براعة الجاحظ وتميزه في التعبير.
لا يزال النقاش قائماً حول تاريخ تأليف الجاحظ لهذا الكتاب. فمن خلال قراءة محتوياته، يلاحظ أن الجاحظ قد ألفه وهو في مرحلة النضوج، غير أن أسلوبه المليء بالسخرية والفكاهة يوحي برغبة شبابية. في مقدمة الكتاب، أشار الجاحظ إلى أنه ألفه لأحد عظماء الدولة، بالرغم من عدم ذكر اسمه، ويتوقع أن يكون هذا الشخص هو ابن المدبر، أو الفتح بن خاقان، أو محمد بن عبد الملك الزيات.
يمثل “كتاب البخلاء” دراسة شاملة للنفس البشرية والسلوك الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص البخلاء الذين عايشهم في مدينة خراسان. وقد جسد الجاحظ واقعهم النفسي والاجتماعي بطرق فكاهية، موضحاً تصرفاتهم وسلوكياتهم واستجابة تعابير وجوههم للظروف المحيطة بهم، دون التأثير سلبياً على انطباعات القراء عنهم.
يحتوي “كتاب البخلاء” على أهمية ثقافية كبيرة، حيث يثري عقل القارئ بمعلومات متعددة مثل أسماء الشخصيات التاريخية، وأسماء البلدان، وخصائص سكانها، مما يعد غنياً بالمعلومات التاريخية والجغرافية والشعرية.
قصة مختارة من كتاب البخلاء
- طفل مرو البخيل: قال أحمد بن رشيد: كنت عند شيخ من أهل مرو، وكان لديه صبي صغير يلعب، فطلبت منه طعاماً فقال: هو مر. ثم طلبت الماء فقال: هو مالح. استمررت في الطلب حتى ضحك الأب قائلاً: ما ديننا؟ فهذا هو طبعهم.
- البخيل بالبخور: قال بخيل: أحب الشتاء لأنه يحافظ على رائحة البخور. وكان لا يتبخر إلا في منازل أصدقائه، وفي الصيف يرتدي ثيابه لكي لا يضيع من البخور شيء.
- ديكة مرو البخيلة: قال ثمامة: لم أرَ ديكاً في بلدة إلا وهو يأخذ الحب ثم يتركه، إلا ديكة مرو، فقد رأيتها تأخذ الحب من مناقير الدجاج.
مؤلفات أخرى للجاحظ
- كتاب الحيوان: يُعتبر “كتاب الحيوان” واحدة من أهم مؤلفات الجاحظ، حيث يُعد أول كتاب عربي يركز على علم الحيوان. يناقش في الكتاب شتى جوانب الحياة الحيوانية واختلاف طبائعها، بالإضافة إلى تناول مواضيع فلسفية وطبيعية. يتضمن الكتاب أيضاً وصفات سياسية ودراسات تاريخية وجغرافية.
- كتاب البيان والتبيين: يُعتبر من أبرز مؤلفات الجاحظ، حيث يعود الفضل له في الدفاع عن اللغة العربية وجمالياتها. يعالج الكتاب مواضيع أدبية وفلسفية ويحتوي على نصوص تاريخية ونوادر وشواهد من القرآن الكريم.