العصر الأندلسي: من الحضارة العربية إلى عصر الدويلات
في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي (القرن الهجري الأول)، بدأت معاقل البيزنطيين في شمال إفريقيا بالتراجع أمام زحف الفتوحات الإسلامية. وفي عام 705م تم تعيين موسى بن نُصير كأول خليفة أموي في المغرب، حيث قام بضم شمال إفريقيا حتى طنجة، وحقق تقدماً ملحوظاً في نشر الإسلام بين الدول الأمازيغية. بعد ذلك، توجه إلى شبه الجزيرة الأيبيرية بناءً على دعوة من سكانها الذين كانوا يعانون من ظلم الملك رودريك.
قاد موسى بن نُصير جيشاً بقيادة طارق بن زياد عبر مضيق جبل طارق، حيث تمكنوا من هزيمة رودريك في معركة حاسمة. بدلاً من العودة إلى إفريقيا، تابعوا زحفهم شمالاً واحتلوا طليطلة، التي كانت عاصمة القوط الغربيين، ومن ثم تقدموا نحو سرقسطة. بحلول عام 714م، أصبحت معظم شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس) تحت السيطرة الإسلامية، واستمر الحكم الإسلامي فيها حتى عام 1492م.
التسلسل الزمني لأبرز الأحداث التاريخية في الأندلس
فيما يلي أبرز الأحداث التي شهدتها الأندلس منذ تأسيسها وحتى نهاية عصر الدويلات:
- 711م: بدء الفتوحات الإسلامية في الجزيرة الأيبيرية.
- 718م: معركة كوفادونجا بين المسلمين والمسيحيين، والتي تُعتبر من نقاط البداية لحروب الاسترداد.
- 756م: وصول عبد الرحمن الأول إلى قرطبة، ونهاية عصر الخلافة الأموية في المدينة.
- 844م: هجمات البدو على لشبونة، وسيفيل، وكاديز، وسيدونيا.
- 929م: انفصال الأندلس عن الدولة العباسية وإعلان عبد الرحمن الداخل نفسه أميراً لقرطبة.
- 1009م: بداية الفتن الداخلية والحروب الأهلية.
- 1031م: بدء عصر الطوائف ونهاية الخلافة في قرطبة.
- 1147م: دخول الموحدين إلى شبه الجزيرة الأيبيرية.
- 1212م: هزيمة ممالك قشتالة، نافار، وليون ضد الموحدين.
- 1237م: بدء ابن الأحمر في بناء قصر الحمراء في غرناطة.
- 1482م: بداية حرب غرناطة حيث انتزع أبو عبد الله محمد الثاني عشر العرش لأخيه.
- 1487م: استسلام مالقة للقوات المسيحية.
- 1492م: سقوط الأندلس بالكامل بأيدي المسيحيين.
عهد الفتح (710-714م)
أعطى الخليفة الوليد بن عبد الملك الإذن لموسى بن نُصير ببدء الحملة على سبتة، والتي حققت نجاحاً كبيراً في جمع الغنائم. هذا النجاح دفع موسى إلى إرسال قوة عسكرية أخرى بقيادة طارق بن زياد، الذي اشتبك مع جيش القوط في معركة وادي لكة، محققاً النصر. استكمل المسلمون زحفهم في شبه الجزيرة الإيبيرية وفتحوا العديد من المدن. طلب طارق من موسى القدوم إلى الأندلس ليتابعوا معاً فتح المزيد من المدن. وبعد مرور ثلاث سنوات ونصف، طلب الوليد بن عبد الملك عودتهم إلى دمشق، قبل أن يعين موسى بن نُصير ابنه عبد العزيز واليا على الأندلس.
عهد الولاة (710-756م)
استمر عهد الولاة لمدة اثنين وأربعين عاماً منذ حكم عبد العزيز بن موسى بن نُصير وحتّى يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وقد انقسمت هذه الفترة إلى قسمين:
- الأول: فترة فتوحات عظيمة استمرت من 714م حتى 741م.
- الثاني: فترة مؤامرات وضعف استمرت من 741م حتى 756م.
عهد الإمارة (756-929م)
سُمي تشاميمر الإمارى بسبب انفصالها عن الخلافة العباسية، حيث كان أول حاكم في هذه الفترة هو عبد الرحمن الداخل الذي حكم من 765م حتى 788م. تُعد هذه الفترة الأبرز في تاريخ الأندلس، حيث يُقسمها المؤرخون إلى ثلاث مراحل رئيسية:
- الأولى: فترة قوة وازدهار العمران، امتدت 100 عام من 756م إلى 853م، حيث هيمنت فيها القوة الإسلامية.
- الثانية: فترة ضعف استمرت 62 عاماً من 852م إلى 913م، وكان آخر أمير فيها عبد الله بن محمد.
- الثالثة: بدأت بعد عام 913م واستمرت حتى 929م، حيث بدأت المنازعات حتى توجت بإمارة عبد الرحمن الناصر وانتهت بالأمير عبد الله بن محمد.
عهد الخلافة (929-1031م)
بدأ عهد الخلافة مع تولي عبد الرحمن الناصر الحكم عام 913م، حيث تميزت فترة حكمه بالقوة والوحدة والفتوحات الجديدة، بل ولقب نفسه بأمير المؤمنين، وشرع في تأسيس الخلافة الأموية في الأندلس، وركز على مجالات العلم والاقتصاد والثقافة والعمران، وبالتالي ازدهر اسمه في أوروبا والعالم. بعد وفاته عام 961م، تولى ابنه المستنصر بالله الحكم، إلا أنه أصيب بالشلل ليتم تعيين ابنه هشام وصياً عليه، وكان عمره أحد عشر عاماً فقط. تولى محمد بن أبي عامر (الحاجب المنصور) الوصاية عليه، وبرز عهده بالقوة والكفاءة حتى وفاته عام 1002م.
بعد وفاة الحاجب المنصور، تولى ابنه عبد الملك بن المنصور منصب الحجابة، واتبعت هذه الفترة نهج أبيه، مما أطلق عليها “الدولة العامرية” بين عامي 976م و1009م، حيث كانت الأندلس في ذروة قوتها. بعد وفاته، تولى أخوه عبد الرحمن بن المنصور الخلافة، وخلال فترة حكمه بدأت الثورات لكافة أنحاء الأندلس، مما أدى إلى نهاية الخلافة تماماً وبدء عصر الدويلات عام 1031م.
عهد ملوك الطوائف (الدويلات) 1031-1086م
تعد هذه الفترة من أصعب الفترات التي مرت بها الأندلس، حيث اتسمت بالصراعات الداخلية والتنافس بين الفصائل المختلفة، مما أدى إلى انقسام الأندلس إلى دويلات متعددة، وهي كالتالي:
- بنو عباد في إشبيلية.
- بنو زيري في غرناطة.
- بنو جهور في قرطبة.
- بنو الأفطس في غرب الأندلس في إمارة بطليوس.
- بنو ذي النون في المنطقة الشمالية حول طليطلة.
- بنو عامر في شرق الأندلس وعاصمتهم بلنسية.
- بنو هود في سرقسطة في الشمال الشرقي.