لمحة عن ابن دراج القسطلي
هو الشاعر أَحْمَد بن مُحَمد بن أَحْمَد بن سُليمان بن عيسى بن دراج القسْطلّي، ولقبه أبو عمر. وُلِد في شهر محرم عام 347 هـ في مدينة قرطبة في الأندلس، وكانت عائلته تنتمي لأصل بربري من صنهاجة، حيث سكنت قرية قسطلة دراج الواقعة في غرب الأندلس.
يُعتبر ابن دراج واحدًا من أبرز الشعراء، وله ديوان شعري مكون من جزئين، كما أشار إلى ذلك صاحب “وفيات الأعيان”. كان يجيد فن النثر أيضًا، لكن المعلومات المتاحة حول حياته قليلة جدًا، حيث فُقدت العديد من المراجع التي تناولته، بما في ذلك ديوانه الشعري وبعض رسائله المعبرة. ولذا، لم يتبقَ من آثار إبداعه سوى بقايا قليلة لا تكفي لشرح مكانته في عالم الأدب.
حياته ونشأته
نشأ ابن دراج القسطلي في الأندلس، ولم يكن يشعر يوماً بنسبه البربري الصنهاجي. تناولت المراجع الخاصة بحياته طفولته وأساتذته بشكل محدود، مما يحول هذه المرحلة من حياته إلى لغز، حيث يظهر فجأة في بلاط المنصور بن أبي عامر.
أقوال المؤرخين عنه
- قال ابن بسام في “الذخيرة”: “كان أبو عمر القسطلي لسان الجزيرة في عصره، وشاعر في المقام الأول حين عُدّ معاصريه من شعرائها، وعنصرًا بارزًا في جمال بلاده، ذُكر اسمه من الأماني كعلامة من علامات الفخر، كما أن تنبهت له الشام والعراق بخصوصه، وقد أشار الثعالبي إلى بعض من شعره.”
- أما أبو حيان فقال: “أبو عمر القسطلي كان من فرسان الشعراء العامريين، وخاتمة متميزين أهل الأندلس. وقد عانى من الفتن الشديدة التي ألجأته إلى التنقل، فاستقر في مدح ملوك الأندلس، ورغم ذلك لم يكن أحد يستمع له أو يحفظ حقوقه.”
قصائد ابن دراج القسطلي
تميز القسطلي في العديد من قصائده البارزة، ومنها قصيدته الشهيرة “هل أنت مدرك آمالي فمحييها”، حيث يقول:
“هل أَنت مُدْرِكُ آمالي فمحييها
ومُبْدِلِي فِي الورى من ذِلَّتي تِيها
بلحظةٍ تقتضِي مِنِّي مكارِمَهَا
هدِيَّةً لَكَ حازَ السبقَ مُهْدِيها
جواهراً من بحورِ العلمِ لَيْسَ لَهَا
إلَّا استماعكَها قدرٌ يُسَاوِيهَ
حتى ترى الطِّرْفَ فِي كَرَّاتِ فارِسِهِ
وَالكاعِبَ الرُّوَد فِي أَثوابِ جَاليها
عسى الَّذِينَ نَأَوْا عنِّي أُخْبِّرُهم
بأَنَّ نَفْسِيَ مبلوغٌ أَمَانِيهَا”
ومن قصائده الأخرى “أضاء لها فجر النهى فنهاها”، حيث يقول:
“أَضَاءَ لَهَا فجرُ النُّهى فَنَهاها
عن الدَّنِفِ المُضْنى بِحَرِّ هواها
وضَلَّلها صبحٌ جلا ليلة الدُّجى
وَقَدْ كَانَ يَهدِيها إِليَّ دُجاها
ويشفع لِي منها إِلَى الوصل مَفْرِقٌ
يُهِلُّ إِلَيْهِ حَلْيُهَا وحُلاها
فيا للشبابِ الغَضِّ أَنْهَجَ بُرْدُهُ
ويا لرياضِ اللهو جَفَّ سَفَاها
وما هِيَ إِلّا الشَّمْسُ حَلَّتْ بمفرقي
فأَعشى عيونَ الغانياتِ سَناها
وعين الصِّبا عار المشيبُ سَوادَها
فَعَنْ أَيِّ عينٍ بعد تِلْكَ أراها”
وفاته
توفي ابن دراج القسطلي في 16 جمادى الآخرة عام 421 هـ.