مقالة حول ملك حفني ناصف، تُعتبر ملك حفني ناصف باحثة ومؤلفة وشاعرة مصرية، من الرواد الأوائل في النضال لتحقيق المساواة بين الجنسين. خاضت العديد من المعارك من أجل هذا الهدف، غير أن الأقدار لم تُمهلها، حيث توفيت في سن مبكرة لا يتجاوز 32 عامًا بسبب مرضٍ مزمن.
تستعرض هذه المقالة جوانب من حياة ملك حفني ناصف، بدايةً من نشأتها وتعليمها، إلى دورها المؤثر في منح المرأة حقوقها وأبرز أعمالها الأدبية.
نشأة ملك حفني ناصف
وُلدت ملك حفني ناصف في 25 ديسمبر 1886 بحي الجمالية في القاهرة.
كان والدها حلمي ناصف، رجل قانون وأستاذ لغة وشاعر، أحد مؤسسي الجامعة المصرية. كان له دور بارز في توجيه ابنته نحو العلم والثقافة، مما أثر بشكل واضح في تشكيل فكرها.
أنجزت ملك حفني دراستها الابتدائية في المدرسة السنيَّة عام 1900، لتصبح بذلك أول فتاة مصرية تحصل على هذه الشهادة، وكانت معروفة بتفوقها الأكاديمي وذكائها المتميز.
بعد الابتدائية، انتقلت إلى المرحلة العليا في نفس المدرسة وانضمت إلى قسم المعلمات، حيث حصلت على شهادة التخرج في عام 1903.
عملت بالتدريس لمدَّة عامين ونجحت في الحصول على شهادة الدبلوم عام 1905، ثم تخرجت لاحقًا من التعليم العالي.
زواج ملك حفني من عبد الستار الباسل
تزوجت ملك حفني من عبد الستار الباسل، أحد أعيان الفيوم ورئيس قبيلة الرماح الليبية.
عاشت ملك حفني في قصر زوجها في مدينة الفيوم، واستمدت إلهامًا كبيرًا من البيئة المحيطة بها، مما أكسبها لقب “باحثة البادية”.
أسباب التحول في حياة ملك حفني
بعد زواجها، تأخرت ملك حفني في الإنجاب مما جعلها تواجه نظرة سلبية من المجتمع، حيث عانت من السخرية بسبب اعتقاد بعضهم بأنها عاقر.
إضافة إلى ذلك، عاد زوجها عبد الستار الباسل إلى عصمته زوجته السابقة، وهو ما عمق من شعورها بالإحباط.
ومع ذلك، اكتشفت ملك حفني أن ابنها غير قادر على الإنجاب نتيجة حادث تعرض له زوجها أثناء إنجاب ابنتهما الأولى. وكان لذلك تأثير كبير حيث قررت التصدي للظلم الذي تواجهه وكافة النساء المضطهدات من قِبل التقاليد.
عزمت على مناقشة قضايا المرأة، مثل الزواج والطلاق والمساواة بين الجنسين، مما جعلها صوتًا بارزًا في مجال حقوق النساء.
إنجازات ملك حفني
كرّست ملك حفني جُلّ جهودها لفائدة المرأة، وأسسَّت الاتحاد النسائي التهذيبي الذي جمع بين نساء مصريات وعربيات وأجنبيات. كما أسست جمعية طبية تُعرف لاحقًا باسم الهلال الأحمر، حيث كانت تهدف إلى تقديم المساعدات الطبية للمتضررين من الاحتلال الإيطالي في ليبيا.
تحولت منزلها إلى مدرسة لتعليم الفتيات مهنة التمريض، وكانت تموِّل هذا المشروع من نفقاتها الخاصة.
تُعتبر ملك حفني من الأوائل الذين نادوا بحقوق المرأة، حيث كانت تنشر مقالاتها في صحيفة “المؤيد” تلتها العمل في صحيفة “الجورنال”. ورأت في التعليم الوسيلة الأمثل لتحرير عقول النساء وتحسين مستوياتهن الثقافية.
من أبرز أعمالها الأدبية مقالات تم تجميعها في كتابين تحت عنوان “النسائيات”، وكانت قد خططت لكتابة عمل آخر حول حقوق المرأة إلا أن الأجل لم يمهلها.
بعض قصائد ملك حفني
قصيدة خير النساء
فذب يا قلب لا تكن في جمود وزد يا دمع لا تكن في امتناع
ولا تبخل عليّ وكن جموحًا، فلقد أصبح كنز العلم في ضياع
سنبقى بعد “عائشة” حيارى كسرب دون راعٍ في الفلاة.
قصيدة رأي في الحجاب
أيسوؤكم منا قيام نذيرة تحمي حماكم من بلاء قريب؟
أيسركم أن تستمر بناتكم رهن الأسر ورهن جهل مركّب؟
معركة ملك حفني للدفاع عن الحجاب
شهدت مصر معركة فكرية بين أنصار الحداثة ومؤسسي الإصلاح، حيث كان هناك جدل حول دور الحجاب في حياة النساء. اعتبر البعض أن التخلي عنه هو سبيل التقدم.
لكن ملك حفني كانت لها رؤية مغايرة، حيث أظهرت أن الاقتداء بالسفور لم يحقق تقدمًا متساويًا بين الأمم الأوروبية، فذكرت القوة والضعف كسمتين تختلفان بين الدول.
أدعو ملك حفني
شاركت ملك حفني في المؤتمر المصري عام 1911 الذي تناول قضايا النساء. قدمت عدة نقاط نالت بها اعجاب الحضور، منها:
- ضرورة توفير التعليم الأساسي للبنات حتى الوصول إلى التعليم الثانوي.
- التأكيد على تعليم الدين الإسلامي الوسطي الصحيح.
- إدخال التدبير المنزلي وصحة الأطفال في مناهج التعليم.
- تشجيع تعليم الفتيات على مهنة الطب والتمريض.
- المناداة بالمساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين.
- نبذ فكرة خلع الحجاب والتمسك برسالته.
رحيل ملك حفني
توفيت ملك حفني في 17 أكتوبر 1918 عن عمر يناهز 32 عامًا نتيجة إصابتها بمرض الحمى الإسبانية. تم دفنها في مدافن الإمام الشافعي في القاهرة، حيث كانت أول امرأة يُقيم لها احتفال تأبين رسمي في جامعة القاهرة.
وقد نُعىَت من قبل عدد من الأدباء البارزين مثل الشاعر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومي زيادة. تم تخليد ذكرى ملك حفني بإطلاق اسمها على العديد من الشوارع والمؤسسات تكريمًا لما قدمته في مجال حقوق المرأة.