فهم مفهوم المجاز اللغوي

تعريف المجاز اللغوي

المجاز اللغوي يعد أحد أقسام التعبير المجازي، إلى جانب المجاز العقلي. يتمثل المجاز اللغوي في استخدام لفظ معين في سياق جديد بعيد عن معناه الأصلي، مع وجود صلة تربط الاستخدام الجديد بالاستخدام القديم للفظ.

على سبيل المثال، عند قولنا “أرسلنا عيناً إلى أعدائنا”، فإننا لا نقصد العين بالمعنى الحرفي، بل نستخدمها للإشارة إلى الشخص الذي يتولى مهام المراقبة. هذه الحالة تُعرف بالاستخدام الجديد. يجدر بالذكر أنه لا يمكن اعتبار الجملة حقيقية بسبب الفعل “أرسلنا”، حيث لا يمكن إرسال العين نفسها، بل يمكن إرسال الشخص. وبالتالي، يُعتبر هذا الاستخدام مجازياً.

تتضمن البلاغة نوعين من المجاز اللغوي تبعاً لنوع العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي:

  • المجاز المرسل: في هذا النوع، تكون العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي غير مشابهه، حيث لا يوجد تشابه مباشر بينهما بل توجد علاقة أخرى.
  • الاستعارة: هنا، تكون العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قائمة على الصلة المشابهة، مما يعكس وجود تشابه بينهما بخلاف المجاز المرسل.

ما هو المجاز المرسل؟

كما تمت الإشارة سابقاً، المجاز المرسل يعني استخدام كلمة في سياق جديد يتطلب وجود علاقة بين المعنيين. سُمّي مجازاً مرسلاً لأنه أطلق من القيود المرتبطة بعلاقة واحدة، حيث يمكن أن توجد عدة علاقات تربط بين الاستخدام المجازي والاستخدام الحقيقي. ومن العلاقات الشائعة في المجاز المرسل:

علاقة السببية

تشير هذه العلاقة إلى استخدام كلمة تدل على السبب، مع المقصود من الأمر أنه الشيء الناتج عن هذا السبب. ومن الأمثلة:

  • {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.

في هذه السياق، المجاز يوجد في الكلمة “سيئة” الثانية، حيث المعنى يشير إلى القصاص، إذ أن السيئة هي السبب وراء تحقيق القصاص، مما يجعل هذا الاستخدام مجازياً بسبب العلاقة السببية.

العلاقة المسببية

تتجلى في ذكر النتيجة، لكن المقصود هو السبب الذي أدى لتلك النتيجة. ومن الأمثلة:

  • {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ}.

هنا، يظهر المجاز في الكلمة “رزقاً”، حيث ما ينزل من السماء هو الماء وليس الرزق، مما يعني أن المجاز هنا هو علاقة مسببة أطلق فيها المسبب وأراد السبب.

العلاقة الجزئية

تتضمن ذكر جزء بحيث يُقصد به الكل. ومن الأمثلة:

  • {وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

في هذا المثال، المجاز يتمثل في كلمة “رقبة”، حيث المقصود ليس فقط تحرير الرقبة، بل هو تحرير العبد كاملاً، مما يُظهر العلاقة الجزئية.

العلاقة الكلية

تشير إلى ذكر الكل مع القصد إلى جزء منه. ومن الأمثلة:

  • {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ}.

هنا، يظهر المجاز في كلمة “أصابعهم”، حيث لا يمكن إدخال جميع الأصابع في الأذن. لذلك، مجاز العلاقة الكلية هذا أطلق الكل وأراد به الجزء.

علاقة اعتبار ما كان

تتمثل في التعبير عن الشيء باسم ما كان عليه سابقاً. ومن الأمثلة:

  • {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى}.

هنا، المجاز يوجد في كلمة “مجرماً”، حيث يُشير إلى الحالة التي كان عليها الشخص في الدنيا، مما يُظهر علاقة اعتبار ما كان.

علاقة اعتبار ما سيكون

يعبر فيه عن الشيء باعتباره ما سيكون في المستقبل. ومن الأمثلة:

  • {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.

هنا، يوجد المجاز في كلمة “خمراً”، حيث لا يُعصر الخمر، إنما المقصود هو العنب وما سيكون عليه. هذه العلاقة تعكس اعتبار ما سيكون.

علاقة المحلية

تتضمن ذكر محل لكن القصد هو الحال. ومن الأمثلة:

  • {وَاسأل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ}.

هنا يظهر المجاز في كلمة “القرية”، حيث يُفترض أن يتم السؤال عن الناس وليس عن القرية نفسها، مما يُظهر العلاقة المحلية.

علاقة الحالية

تعني ذكر الحال مع القصد إلى المحل. ومن الأمثلة:

  • {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.

هنا، يظهر المجاز في كلمة “رحمة”، حيث الرحمة ليست مكانيّة بل المقصود هو الجنة، مما يعكس العلاقة الحالية.

علاقة الآلية

تعني استخدام اسم الأداة بينما المقصود هو الأثر الناتج. ومن الأمثلة:

  • {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

هنا المجاز موجود في كلمة “بلسان”، حيث يُقصد اللغة بدلاً من اللسان نفسه، مما يشير إلى العلاقة الآلية.

علاقة المجاورة

تشير إلى استخدام ما يجاور الشيء للإشارة إليه. ومن الأمثلة:

  • نقول “ركب الفرسان سروجهم”.

هنا المجاز يظهر في كلمة “سروجهم”، حيث استخدم المصطلح وليس الخيل، إذ أن الفرسان ركبوا الخيول ولكن تم استخدام السروج للدلال على القرب الكبير بينها.

مفهوم الاستعارة

تمثل الاستعارة أسلوباً يتم فيه إنشاء علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الجديد من خلال وجود تشابه بينهما. على عكس المجاز المرسل الذي يحتوي على علاقات متعددة غير معتمدة على التشابه. ومن أنواع الاستعارة:

الاستعارة التصريحية

في هذا النوع، يكون المشبه به مذكوراً بشكل واضح، بينما يتم حذف المشبه، ويوجد وجه شبه بينهما. ومن الأمثلة:

  • أسقط الأسد خصمه على الحلبة.

في هذا السياق، العلاقة بين المشبه والمشبه به هي التشابه، حيث يُشَبَّه الرجل بالأسد في القوة والشدة. تعتبر هذه الاستعارة التصريحية حيث تم ذكر المشبه به وهو الأسد وتم حذف المشبه وهو الإنسان.

الاستعارة المكنية

على خلاف الاستعارة التصريحية، يُذكر فيها المشبه بينما يُحذف المشبه به مع وجود وجه شبه بينهما. ومن الأمثلة:

  • افترس الملاكم خصمه افتراساً.

العلاقة بين المشبه والمشبه به تظهر في التشابه، حيث تم تشبيه الملاكم بالأسد أو الحيوان المفترس في الاستعارة المكنية. هنا تم ذكر المشبه وهو الملاكم وحُذف المشبه به وهو الأسد، مع الاحتفاظ بشيء من لوازمها للدلالة عليه مثل “افترس”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *