أرض كنعان
تُعرف أرض كنعان بأنها منطقة تاريخية تتميز بلغة سامية، وتغطي حاليًا أجزاء من لبنان، سوريا، فلسطين، والأجزاء الغربية من الأردن. كانت هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة خلال الفترة البرونزية المتأخرة، وبالتحديد في عصر العمارنة، حيث شهدت نزاعات بين الآشوريين والإمبراطورية المصرية. وفي هذا المقال، سنستعرض لكم موقع أرض كنعان وأهميتها التاريخية.
موقع أرض كنعان
تقع أرض كنعان في المناطق الساحلية التي تمتد بين المملكة المصرية في الجنوب ومصب نهر العاصي في الشمال. تشمل هذه المنطقة فلسطين، حيث يُشار إلى سكانها في الكتاب المقدس العبري كجماعة إثنية. تجدر الإشارة إلى أن اسم كنعان تم استبداله بعد السيطرة الإمبراطورية الرومانية، إذ أسس الكنعانيون مستعمرات جديدة بين القرن السابع والقرن الرابع قبل الميلاد، تمتد من غرب البحر الأبيض المتوسط إلى حدود السواحل الأطلسية.
أسباب التسمية
توجد عدة نظريات حول سبب تسمية كنعان، وقد أطلق عليها هذا الاسم من قبل حضارات أخرى، ومن هذه النظريات:
- نظرية الاسم الأكادي: يفيد بعض المؤرخين بأن الاسم الأكادي “كنجاي” أو “كناخني” ذُكر في رسائل تل العمارنة في مصر، وهو اسم أطلقه البابليون ويعني اللون الأحمر الأرجواني.
- نظرية الاسم المصري: استخدم المصريون منذ القدم كلمة “فنخو” للإشارة إلى شعوب الشام، حيث إن لفظة كنعان استعملت من قبل الإغريق ثم حورت إلى “فويفكس” للإشارة إلى فينيقيا.
- نظرية الاسم الكنعاني: استخدم الكنعانيون هذا الاسم في التعبير عن هويتهم.
- نظرية الاسم العبري: ينسب الكنعانيون إلى نسل حام بن نوح وفقًا للتقسيم الإثني الوارد في التوراة، حيث اعتبرت اليهود هذا الاسم متعلقاً بأعدائهم.
- نظرية الاسم العربي: تنسجم هذه التسمية لغويًا مع كلمة “قنع”، بمعاني الهبوط والانخفاض.
- نظرية الاسم الحوري: تشير هذه النظرية إلى أن كلمة كنعان مأخوذة من “كناجي”، والتي تعني “قرمزي” أو “صبغة أرجوانية”.
الأصول الكنعانية
ينتمي الكنعانيون إلى عائلة الشعوب السامية، وقد استقروا في فلسطين وجنوب سوريا حيث تمكنوا من السيطرة الكاملة على تلك الأراضي، وأطلق عليها اسم “بلاد كنعان” أو “أرض كنعان”. تشير النظريات الشائعة إلى أن الكنعانيين هم من أكبر موجات الهجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية، ورغم ذلك تؤكد بعض الاكتشافات الأثرية أن المدن الكنعانية في فلسطين أقدم من تلك الموجودة في شبه الجزيرة العربية. و تُعتبر أريحا أقدم مدينة في التاريخ، بينما قدم المؤرخون عدة فرضيات حول أصل الكنعانيين، حيث اعتُبر بعضهم من سواحل الخليج العربي بناءً على أسماء المدن المشابهة بين تلك المناطق القديمة ومدينة الشام. بينما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الكنعانيين من أوائل الشعوب السامية التي سكنت منطقة الشرق الأوسط بعد قدمهم من أفريقيا عبر مصر، وذلك عقب انهيار الحضارة الغسولينية في فلسطين عام 3300 قبل الميلاد.
تاريخ كنعان
الغزو المصري
خلال فترة الدولة المصرية الحديثة، غزا المصريون بقيادة الملك “وني” بلاد الشام، حيث استمر الغزو لنحو اثني عشر قرنًا، مع قلة عدد الجيش المصري مقارنة بعدد الممالك الكنعانية، وتمثل الغزو المصري في معركة مجدو عام 1468 قبل الميلاد بقيادة “تحتمس الثالث”، رغم أن الكنعانيين كانوا في حالة تحالف يضم 350 دويلة، ولكنه اضطروا للاستسلام بعد حصار استمر لمدة سبعة أشهر.
الغزو الحيثي
برزت الدولة الحورية في المنطقة مما أدى إلى صراعات مع مصر. ومع حفل زواج الملك المصري من ابنة الملك الحوري، تم استقرار الوضع في شمال بلاد الشام، بينما بقي الجنوب تحت السيطرة المصرية. ادعى الملك الحموري “عبدي عشيرتا” رغبته في توحيد بلاد الشام، ولكن الحيثيين دعموا هذا التوجه. ومع ذلك، بعد توحد بلاد الشام، قاموا بغزوها وضمّها إلى أراضيهم. وقد قام الفرعون “سيتوس الأول” باسترجاع بعض المدن مثل حوران ومجدو.
الغزاة اللاحقون
تدهورت الدولة العثمانية عام 1190 قبل الميلاد نتيجة هجمات شعوب من العراق والإغريق، واستغل الملك الآشوري “تجلات بلاسر الأول” هذه الفرصة واجتاح جنوب سوريا، رغم أن فترة الحكم الآشوري كانت قصيرة ومقتصرة على مناطق مياه كنعانية صغيرة.
الغزو الحواري
تعرضت أرض كنعان للغزو من قبل الحوريين أكثر من مرة نتيجة ضعف السلطة المصرية بعد انهيار الأسرة الثانية عشر، وتعاون الرواتب المرتزقة في ذلك. لكن مصر تمكنت من طردهم، ثم عادوا لاستهداف الكنعانيين. كان “تحتمس الأول” من أوائل الغزاة، وهو ما دفع الكنعانيين لتشكيل تحالفات دفاعية، ولكن “تحتمس الثالث” شن عدة غزوات على المدن الكنعانية والسورية حتى تمكن من السيطرة على كامل أرض كنعان.