الصبر
يعتبر الصبر أحد القيم الجوهرية التي يتعين على المسلم التحلي بها في جميع مواقفه. وهو عنصر أساسي يتجلى في حياة المسلم، حيث يرتبط نجاحه في الدنيا والآخرة بالقدرة على الصبر. وينبغي أن يدرك الفرد أن لا شيء يمكن أن يناله المرء يعادل قيمة الصبر، كما قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: “ما أُعْطِيَ أحدٌ عطاءً هو خيرٌ وأوسَعُ مِنَ الصَّبرِ”. ومن الجدير بالذكر، أن القرآن الكريم قد تناول مسألة الصبر بعمق من خلال آيات عديدة تبرز مكانته، مثل قوله -عزّ وجلّ-: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، بالإضافة إلى قوله: “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”.
أهمية وفوائد الصبر
تتعدد الفوائد التي يحققها الأفراد عند التحلي بهذه القيمة السامية، ومنها:
- الحصول على ثواب عظيم في الآخرة، كما قال -تعالى-: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ”.
- كسب محبة الله ورضوانه، حيث أكد -عزّ وجلّ-: “وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ”.
- يظهر الصبر كدليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام.
- يحقق الصبر الهداية في القلب والطمأنينة في النفس، ويعزز الرضا بالموقف الحالي.
- يمنح الله العبد المعونة والمساعدة في صبره، حيث قال -سبحانه-: “إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.
- يُشير إلى أن صلاة الله ورحمته وباركته تكون للصابرين، قال -تعالى-: “أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”.
- أكد الله -عزّ وجلّ- أن الإمامة في الدين مرتبطة بالصبر، كما ورد في قوله: “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ”.
- توفر الصبر الحماية لأهله من خطر أعدائهم، كما جاء في قوله -تعالى-: “وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ”.
- يمنح الإنسان وسائل التمكين في الأرض، مثلما حدث مع يوسف -عليه السلام- بعد صبره وتقواه، قال -تعالى-: “إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ”.
- يعد الصبر اختبارًا لصدق الإيمان، كما قال -تعالى-: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”.
- يساهم الصبر في دعم المؤمنين لمواجهة التحديات وتحمل الصعاب في الحياة، كما أوصى -تعالى-: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ”.
المعينات على الصبر
يمكن للإفراد الاستفادة من عدة عوامل تساعدهم على التحلي بالصبر، ومنها:
- الإيمان القوي بأن جميع ما يحدث للإنسان هو قضاء الله وقدره، وأن الله لا يقدر إلا الخير، كما قال -تعالى-: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَنْ نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ*لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ”.
- المعرفة بأن الدنيا هي دار ابتلاء وأن الآخرة هي دار الخلود.
- الدعاء لله -تعالى- بأن يعين على الصبر، إذ قال -سبحانه-: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ”.
- تدريب النفس على الصبر وفهم أن الجزع والسخط لن يغيرا الظروف.
- الاقتداء بالصالحين من عباد الله الذين اتسموا بالأخلاق الحميدة.