النبي موسى عليه السلام
يعتبر موسى بن عمران من بني إسرائيل نبيًا عظيمًا أرسله الله لإنقاذ قومه من ظلم فرعون مصر، الذي كان مستبدًا وقاسيًا. دعاهم موسى إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. يُصنّف موسى كأحد أولي العزم من الرسل، حيث اتسم بالقوة البدنية والفطنة والحكمة، مما جعله رمزًا للأمل في قلوب قومه للخروج من ظلمات الطغيان. يُلقب موسى بكليم الله لأنه النبي الوحيد الذي تحدث إلى الله من خلف حجاب. وقد أيده الله تعالى بمعجزات تدحض إدعاءات فرعون وتنصر كلمة الحق.
قبر سيدنا موسى عليه السلام
يوجد مزار يُنسب إلى النبي موسى -عليه السلام- على قمة جبل نيبو في محافظة مأدبا بالأردن، جنوبي العاصمة عمان. وفقًا لرواية عن أبي هريرة، سأل موسى ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فلو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر”. ومع ذلك، يُعتبر الموقع المُنسَب للنبي موسى على قمة الجبل المطل على البحر الميت موضع تساؤل حول صحته. لقد اختلف المفسرون حول تحديد “الكثيب الأحمر” في الحديث؛ فقد اعتبره البعض داخل جبل نيبو، بينما رآه آخرون أقرب إلى بيت المقدس. كما ذكر الطبري في تاريخه، نقلاً عن ابن عباس، أن الموقع قد يكون في أرض التيه. وأعرب ابن العساكر وابن منظور عن آراء تُرجح وجود القبر في نواحي دمشق، بينما توصل بعض الباحثين إلى احتمال أن تشير مراجع التوراة إلى موقع القبر في محافظة حضرموت، في شمال غرب مدينة شبوة في اليمن، مما يتماشى مع رأي يعتبر أن موسى عليه السلام بُعث ودُفن في الجزيرة العربية.
ولادة سيدنا موسى عليه السلام
وُلد النبي موسى -عليه السلام- في فترة قاسية عندما أصدر فرعون أمرًا بقتل المواليد الذكور. لذا، قامت والدته بإخفائه عن أنظار جنود فرعون منذ أن كان في بطنها، وعندما وُلِد، أوحى الله إليها أن تضعه في صندوق وترسله في نهر النيل. استجابت لذلك في صبرٍ وأمل، وجرفه النهر بالقرب من قصر فرعون. وقد أشار الله عز وجل في القرآن إلى ذلك قائلًا: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ). وقد اعتنت به زوجة فرعون وأخذته لتربيته.
خروج سيدنا موسى من مصر
خرج موسى عليه السلام من مصر هربًا من بطش فرعون، بعدما انتصر لرجل من بني قومه في شجار مع فرعوني أسفر عن مقتله. انطلق موسى إلى مدين، واستغرق مسيره حوالي عشرين يومًا. في مدين، قام برعي الأغنام بعد أن تعرّف على شيخ كبير استأجره للعمل وتزوج ابنته، وعاش هناك لمدة عشر سنوات.
تكليف سيدنا موسى بالدعوة
بعد فترة من إقامته في مدين، قرر موسى العودة إلى بلاده في مصر مع زوجته، وفي أثناء العودة، ضل الطريق في الصحراء. رأى نارًا تتوقد بجوار جبل الطور، فترك أهله للذهاب لاستكشاف الأمر، وهناك سمع صوتًا يناديه، مما أثار خوفه في البداية ولكنه ازداد اطمئنانًا عندما أدرك أن الذي يكلمه هو الله سبحانه وتعالى، الذي اختاره ليقوم بمهمة إنقاذ قومه من ظلم فرعون.
أيد الله موسى بمعجزات تثبت صدق رسالته، من بينها تحويل عصاه إلى ثعبان أعظم وإخراج يده البيضاء. استخدم موسى هذه المعجزات لهزيمة سحرة فرعون خلال العرض الذي أقامه، والذي أسفر عن سجود السحرة لرب موسى وعلمهم بأنه هو القادر الوحيد، بينما كان فرعون ضعيفًا وقوته زائلة حتمًا.
بعد هذه الأحداث، طارد فرعون وجيشه موسى ومَن آمن به من بني إسرائيل. ومعجزة شق البحر التي أذهلت فرعون كانت بمثابة إنقاذ لهؤلاء المؤمنين، في حين لقي فرعون حتفه غرقًا في البحر عند لحظاته الأخيرة، حيث نطق باسم الله الواحد. وظل سيدنا موسى عليه السلام يدعو قومه للتوحيد، وأنزل الله عليه الكتاب المقدس المعروف بالتوراة، وهو أحد الكتب السماوية التي لا يكتمل إيمان المؤمن إلا بالإيمان بها.