الحارث بن عباد
الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل يعتبر من الشخصيات البارزة في العصر الجاهلي، حيث عُرف بشعره وحكمته. يُصنف الحارث كأحد فحول الشعراء في الطبقة الثانية، وكان له تأثير كبير في الأدب العربي الجاهلي.
نشأة الحارث بن عباد
لا توجد معلومات دقيقة حول تاريخ ميلاد الحارث بن عباد، ولكن يُعتقد أنه وُلِد حوالي عام 464 ميلادي. ينتمي الحارث لعشيرة الحنيفية التي كانت تسكن مدينة الشعيبة غرب مكة المكرمة، وهي مدينة بحرية عُرف أهلها بمهنة صناعة السفن، حيث كان والده بحارًا يسافر كثيرًا. رافق الحارث والده في رحلاته، أما والدته فهي نائلة من قبيلة قريش. لديه ثلاثة إخوة يُدعون عمرو وجرير ومرة، ويحمل الحارث كنية “أبو بجير”.
تعليم الحارث بن عباد
حظي الحارث بن عباد بتعليم مبكر، حيث ارتاد نوادي العلم والأدب في مكة والطائف. وتعليم القراءة والكتابة كان جزءًا من مسيرته التعليمية، وكان من أبرز الأماكن التي تلقي فيها العلم هو نادي دار عكاظ ونادي دار الحكمة.
أخلاق الحارث بن عباد وثقافته
يُذكر عن الحارث بن عباد أنه كان يتمتع بأخلاق نبيلة، حيث كان يتجنب الحروب التي ليست لها فائدة ويسعى لتحقيق الصلح في كل الأوقات. اشتهر بحكمته ووفائه حتى عُرف بأنه رمز الوفاء، حيث كان يُقال عنه: “أوفى من الحارث بن عباد”. كما عُرف بشجاعته وصبره.
منهج الحارث بن عباد
تتميز قصائد الحارث بن عباد بتنوع موضوعاتها، حيث تجمع بين الحماسة والرثاء والفخر والوصف والغزل. وكان لكونه واحدًا من حكماء العرب تأثير في أشعاره، حيث عبر في قصائده عن حكمته في اعتزال الحرب، فكتب:
قَد تَجَنَّبتُ وائِلاً كَي يُفيقوا فَأَبَت تَغلِبٌ عَلَيَّ اِعتِزالي
أسلوب الحارث بن عباد الشعري
كتب الحارث بن عباد أشعاره بأسلوب واضح ومعاني بسيطة، مليئة بالصور الفنية والبيانية مما أضفى جمالًا خاصًا على قصائده. استخدم المحسنات اللفظية والشكلية، بالإضافة إلى الظواهر اللغوية الفريدة التي تميزت بها أشعاره.
أشهر قصائد الحارث بن عباد
حقق الحارث بن عباد شهرة كبيرة من خلال العديد من القصائد، ومن بين أشهرها قصيدة رثائه لابنه بجير، حيث قال:
كُلُّ شَيءٍ مَصيرُهُ لِلزَوالِ غَيرَ رَبّي وَصالِحِ الأَعمالِ وَتَرى الناسَ يَنظُرونَ جَميعاً لَيسَ فيهِم لِذاكَ بَعضُ اِحتِيالِ قُل لِأُمِّ الأَغَرِّ تَبكي بُجَيراً حيلَ بَينَ الرِجالِ وَالأَموالِ وَلَعَمري لَأَبكِيَنَّ بُجَيراً ما أَتى الماءُ مِن رُؤوسِ الجِبالِ
وفاة الحارث بن عباد
توفي الشاعر الحارث بن عباد في عام 74 للهجرة، مما يوافق تقريبًا عام 550 ميلادي. توفي عن عمر يناهز 74 عامًا، ودفن غرب مكة المكرمة في منطقة تُعرف بالشعيبة. ويعتقد بعض المؤرخين أن وفاته كانت في عام 570 ميلادي، وفقًا لما ورد في موسوعة الشعر العربي.