اضطراب اللغة البراجماتية
يُعتبر اضطراب اللغة البراجماتية، المعروف أيضًا باسم (اضطراب التواصل الاجتماعي)، من الاضطرابات الحديثة الأكثر شيوعًا في مجال التواصل. وقد تم إدراجه في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية والعقلية “DSM-5″، حيث تمت إضافة معايير تشخيص منفصلة له. ومن اللافت أن معدل انتشاره بين الأطفال يصل إلى حوالي 7.2%، مع عدم تناسب واضح بين الجنسين إذ يُعد الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب بنسبة 1:2.
تعريف اضطراب اللغة البراجماتية
يشير اضطراب اللغة البراجماتية إلى وجود ضعف دائم في التواصل اللفظي وغير اللفظي، ما يؤثر على قدرة الشخص على استخدام اللغة بشكل يتناسب مع مختلف المواقف الحياتية واليومية. كما يتميز هذا الاضطراب بصعوبة في التعبير عن الأحاديث والقصص واتباع القواعد الكلامية. في عام 2013، تم تعريف هذا الاضطراب بأنه حالة تتسم بالقصور المستمر في التواصل، سواء كان لفظيًا أو غير لفظي، مع تركيز على الجانب الاجتماعي بدلاً من المعرفي، وقد يرتبط هذا الاضطراب باضطراب طيف التوحد.
مظاهر اضطراب اللغة البراجماتية
تتفاوت أعراض اضطراب اللغة البراجماتية بين الأفراد، وفيما يلي بعض السمات التي حددها الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DSM-5) لهذا الاضطراب:
- العجز في تبادل الأدوار أثناء المحادثات.
- ضعف في استخدام مهارات التواصل في المواقف الاجتماعية المختلفة، مثل بدء الحوارات وتبادل التحيات.
- صعوبات في البناء الاجتماعي للعلاقات والاحتفاظ بها.
- قصور في فهم اللغات غير الرسمية مثل الإيماءات والانطباعات.
- صعوبات في معالجة الكلام وتحليل المعاني والمصطلحات التي تعتمد على السياق.
- عدم القدرة على التعبير عن العواطف أو وصف المشاعر بشكل دقيق.
أسباب الإصابة باضطراب اللغة البراجماتية
تتمثل أسباب هذا الاضطراب في:
- يعتبر الباحثون أن اضطراب اللغة البراجماتية هو نوع من الاضطرابات العصبية الدماغية، وتُظهر الدراسات أن داء الكريات المنجلية قد يكون سببًا رئيسيًا في نشوء هذا الاضطراب، رغم عدم تأكيد ذلك بشكل قاطع. يفترض الأطباء أيضًا أن الاضطرابات النفسية والعاطفية وكذلك أمراض الجهاز السمعي قد تؤدي إلى تفاقم مشاكل التواصل.
- من الصعب تحديد مدى انتشار هذا الاضطراب بسبب عدم وضوحه مقارنة ببعض الاضطرابات النفسية الأخرى. تشير الأبحاث إلى وجود ارتباط بين العوامل الوراثية والتاريخ العائلي بوجود اضطرابات لغوية كاضطراب طيف التوحد، مما يجعل الأفراد المعنيين أكثر عرضة للإصابة بالداء المذكور.
الاضطرابات المصاحبة لاضطراب اللغة البراجماتية
يرتبط اضطراب اللغة البراجماتية بعدد من الاضطرابات السلوكية والنفسية، مثل:
اضطراب فرط النشاط والحركة ونقص الانتباه
يُظهر الأفراد المُصابون باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه قصورًا في التواصل اللغوي والاجتماعي، مما يعكس أنفسهم من خلال التحدث بشكل مفرط، والانقطاع المفرط أثناء المحادثات، وصعوبة التركيز على المتحدث.
اضطراب طيف التوحد
يشير DSM-5 إلى أن الأفراد الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد يُظهرون ضعفًا عامًا في التواصل اللفظي البراجماتي، فضلاً عن التواصل غير اللفظي الاجتماعي، الأمر الذي يُعتبر من السمات الواضحة لهذه الحالة.
اضطراب الرهاب الاجتماعي
لا يقوم الأفراد المصابون بالرهاب الاجتماعي بتطوير أي وسيلة للتواصل اللفظي أو غير اللفظي، ويُعتبر اضطراب اللغة البراجماتية أحد العلامات الدالة على وجود الرهاب الاجتماعي.
علاج اضطراب اللغة البراجماتية
أما بالنسبة لعلاج هذا الاضطراب:
- يجب أن تشمل خطة العلاج للأفراد المصابين باضطراب اللغة البراجماتية فريقًا متكاملًا من المتخصصين، بما في ذلك أطباء الأطفال، علماء النفس الإكلينيكيين، والأطباء النفسيين، والمعلمين. ومن المهم أن يتضمن العلاج تعزيز مهارات التفاعل الاجتماعي في بيئات متنوعة.
- عادةً ما يعتمد المعالجون على أساليب مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، وتطوير مهارات التواصل، والعلاج المعرفي السلوكي كجزء من العلاج؛ إذ يحتاج المختصون إلى تدريب الأفراد على تبادل الأدوار ومهارات المحادثة، وتطبيق استراتيجيات التعلم لإدارة المواقف الاجتماعية بشكل فعّال.