الذكاء
الذكاء، المعروف باللغة الإنجليزية بمصطلح (Human Intelligence)، هو مفهوم يعبر عن قدرة الأفراد على التعلم والفهم والتكيف مع الظروف المختلفة معالجةً للمعرفة المكتسبة. وقد عُرفه بعض العلماء بأنه القدرة على التفكير المجرد وإعطاء ردود مناسبة على الأسئلة المتنوعة. وبالتالي، فإن تصور الذكاء يتجاوز القدرة العقلية أو الإدراكية فحسب، بل يمثل مزيجًا من عدة قدرات وعمليات تهدف إلى التكيف.
اختبار معدل الذكاء
يُستخدم اختبار معدل الذكاء (The IQ test) لقياس قدرات الأفراد على الفهم وحل المشكلات، ويعتبر وسيلة لتقييم القدرات المعرفية. وتعتمد عملية التقييم على درجات موحدة، حيث تشير الدرجات من 90 إلى 110 إلى مستوى متوسط من الذكاء، بينما تشير الدرجات التي تفوق 130 إلى ذكاء استثنائي. وبالمقابل، فإن الدرجات التي تقل عن 70 تشير إلى احتمال وجود تخلف عقلي. ويتم احتساب نسبة الذكاء عند اختبارات العصر الحديث بأخذ العمر الزمني للطفل بعين الاعتبار وبتطبيق المعادلة التالية:
نسبة الذكاء = العمر العقلي / العمر الزمني (المادي) × 100
حيث يحدد العمر العقلي بناءً على العمر القاعدي والأوزان الشهرية. فعلى سبيل المثال، إذا كان الطفل يبلغ من العمر 10 سنوات ويملك عمراً عقلياً قدره 12، فإن مستوى ذكائه يُحسب كالتالي: 10/12×100 = 120. يُشير العمر الزمني إلى العمر الحقيقي للفرد محسوبًا بالأيام والشهور والسنوات، بينما يعبر العمر العقلي عن مستوى ذكاء الطفل مقارنةً بأقرانه في نفس المرحلة العمرية. وبالتالي، يُعتبر الطفل ذي العمر العقلي المطابق لعمره الزمني على أنه متوسط الذكاء.
الأصل في العمر القاعدي هو عمر الطفل عند الإجابة عن جميع أسئلة الاختبار بشكل صحيح، بينما تشير الأوزان الشهرية إلى الأجوبة الصحيحة التي تم الحصول عليها بعد العمر القاعدي. ويُلاحظ أنه ليس بالضرورة أن الأفراد أو الأطفال الذين يحققون درجات عالية في اختبار معدل الذكاء يكونون بالضرورة أفضل في إنجازاتهم الأكاديمية أو العملية، فاختبارات الذكاء قد تشكل حافزًا لتحفيز الأفراد على تحقيق النجاحات المستقبلية. وقد أظهرت الأبحاث أن الاختلافات في معدل الذكاء ترجع إلى عوامل اجتماعية واقتصادية متنوعة تؤثر على حياة الأفراد.
القدرات التي يقيسها اختبار الذكاء
يقوم اختبار الذكاء بقياس عدد من القدرات العقلية، بما في ذلك:
- القدرات المعرفية: تشير إلى كمية المعلومات المتاحة لدى الفرد، وتستخدم فيها مقاييس المعرفة العامة.
- مقياس الفهم: يُستخدم اختبار الذكاء من خلال مجموعة من الأسئلة التي تركز على قضايا اجتماعية محددة.
- القدرة الرياضية: تعبير يعكس مستوى قدرة الشخص على حل المشكلات بأسلوب منطقي.
- المهارات اللغوية: تشمل قدرة الفرد على تركيب وإكمال الجمل، والتعرف على الكلمات عند تنسيق الحروف أو إعادة ترتيبها.
- القدرة على التذكر: تشير إلى قوة الذاكرة التي تمكن الفرد من تذكر المعلومات سواء كانت سمعية أو بصرية.
- القدرة المكانية: تتعلق بكيفية معالجة الفرد للأشكال.
تتضمن الأسئلة الموجودة في اختبار معدل الذكاء جميع الفئات المذكورة أعلاه، وتعبّر عن الإمكانيات الفكرية والمعرفية. يعتبر العلماء هذه الأسئلة مترابطة للغاية، ويجب على من يتفوق في حل الأسئلة بفئة ما أن يحقق أداءً جيداً في بقية الفئات الأخرى. كما أن الأسئلة المُدرجة في الاختبار تقيس قدرة الشخص على فهم الأفكار بدلاً من قياس مقدار المعلومات التي يمتلكها، مما قد يعني أن أي معلومات جديدة يحصل عليها الفرد لا تؤثر بالضرورة على معدل ذكائه.
تُعتبر درجات الذكاء التي يُولد بها الشخص ثابتة نسبياً، ولكن يمكن Enhancingها قليلاً من خلال اتباع نظام غذائي صحي والانخراط في بعض الأنشطة الذهنية مثل حل الألغاز. ومع ذلك، يرى العلماء أن اختبارات الذكاء ليست شاملة؛ إذ إنها لا تقيس جوانب الإبداع والمهارات الاجتماعية والمكتسبة، بل تركز فقط على الجوانب الفكرية. لذلك، على الرغم من وجود علاقة إيجابية بين النجاح ومستوى الذكاء، فإن هناك العديد من الحالات التي قد لا تتوافق فيها هذه العلاقة.
فائدة اختبار معدل الذكاء
تم تطوير اختبارات لقياس مستوى ذكاء الأفراد منذ أكثر من قرن، حيث كان أول ظهور لهذه الاختبارات في فرنسا على يد كلا من ألفريد بينيه (Alfred Binet) وثيودور سيمون (Theodore Simon). وقد أُجريت تلك الاختبارات في عام 1904 للأطفال ذوي التخلف العقلي بهدف ضمان حصولهم على التعليم المناسب، وكان منها اختبار بينيه الذي تم استعراضه في جامعة ستانفورد ولا يزال قيد الاستخدام في العديد من الدول حول العالم.
أُعتمدت اختبارات الذكاء كأداة لمعرفة الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي في مسيرتهم التعليمية في فرنسا. بعد فترة، اعتمدت الحكومة الأمريكية نسخاً مُطورة من هذه الاختبارات لاختيار الأفراد المؤهلين للالتحاق بالقوات المسلحة خلال الحرب العالمية الأولى، وقد عرفت باسم اختبار تأهيل القوات المسلحة. كما تم تصميم تلك الاختبارات لتقييم الأطفال العياريين، واستخدمت أيضاً كوسيلة لتقييم الأفراد الذين يعانون من إعاقات معينة، بالإضافة إلى أنها تستعمل في برامج التعليم الموهوب لتحديد الطلاب الذين يتمتعون بمواهب متعددة.
وجهة نظر علماء النفس بشأن اختبارات معدل الذكاء
من المفترض أن توفر اختبارات الذكاء تصنيفاً للأشخاص، سواءً كانوا موهوبين، أو بمستوى ذكاء متوسط، أو متخلفين عقليًا. لكن الكثير من علماء النفس يرفضون هذا الرأي ويعتبرونه تحيزًا ضد بعض الأشخاص، وخاصة أولئك الذين يتم تصنيفهم تحت التخلف العقلي. يعزى ذلك إلى أن غالبية اختبارات الذكاء تقليدية وتقوم بقياس قدرات محدودة، وغالبًا ما تغفل القدرات الاجتماعية وتتعامل بشكل أساسي مع الجوانب الفكرية فقط. هناك أيضاً عوامل مختلفة مثل البيئة المحيطة، ومستوى التعليم والرعاية التي يتلقاها الفرد، بالإضافة إلى الحالة النفسية أثناء إجراء الاختبار، التي قد تؤثر على موثوقية نتائج تلك الاختبارات. بالإضافة إلى ذلك، يرى علماء النفس أن اختبارات الذكاء لا يمكن أن تحدد الشخص الموهوب، حيث أن الموهبة تتطلب اكتشافها وتطويرها على مر الزمن.