الأبعاد الإيمانية لاسم الله الرزاق
تتعدد الأبعاد الإيمانية المرتبطة باسم الله الرزاق، ومن أبرزها ما يأتي:
الامتثال لأمر الله وحده
إن الله عز وجل هو الرزاق الوحيد في هذا الكون، ولا يتحقق الرزق إلا بإرادته سبحانه وتعالى. فالطموح في الحصول على الرزق من غير الله قد يؤدي إلى الحرمان والهوان. وقد شهدت الدولة الإسلامية ازدهارًا في بدايات الإسلام، حيث كانت راية التوحيد ترفرف في سماء الأمة، مما جعل الخيرات تتدفق نتيجة لتفرد التوحيد. قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
سلطة الله في الرزق
يؤكد الله -سبحانه وتعالى- على أنه متكفل بالرزق لجميع مخلوقاته في السماوات والأرض، كما جاء في قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ). وقد ذكر ابن كثير أن هذا يعني أن الله يُعطي الرزق لمخلوقاته استنادًا إلى قدرته وعلمه، إذ يضمن لكل ذي كبدٍ رزقه، من أصغر المخلوقات كالذرة إلى أكبرها مثل الحيتان. إن الله يوزع الرزق وفق حكمته، حيث يمنح البعض ويمنع الآخرين، وهذه مشيئته التي يرتضيها، في حين أن تكليف الكفار برزق الدنيا لا يعكس رضاه عنه، وإنما هو من عدله في مكافأتهم في الدنيا بينما يُبتلى المؤمنون.
الرزق للموحدين والكافرين
إحدى مظاهر رحمة الله وعدله هو عدم حرمان الكافرين من الرزق، حيث يرزق الله الجميع، سواءً المؤمنين أو الكافرين، كماقال الله -تعالى-: (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ القَوِيُّ العَزِيز). وقد روي عن أبي موسى الأشعري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليسَ أحَدٌ -أوْ ليسَ شَيءٌ- أصْبَرَ على أذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ؛ إنَّهُمْ لَيَدْعُونَ له ولَدًا، وإنَّه لَيُعافيهم ويَرْزُقُهُمْ).
زيادة الإيمان والتقوى
تتزايد بركات الرزق عندما يتحلى الفرد بتقوى الله وطاعته وأداء الأعمال الصالحة. قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)، وذكر أيضًا: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). بينما المعصية تؤدي إلى نقص البركة، حيث قال الله -تعالى-: (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
التوكل والرزق
يمنح الله عز وجل بركة في رزق العبد عندما يكون متوكلًا عليه كما ينبغي، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا).
الصدقة وزكاة المال
تعتبر الصدقة وإخراج زكاة المال من الوسائل لزيادة الرزق، حيث إن المال لا ينقص بإعطائه بل يزيد ويثمر.
جنة الخلد، أعظم رزق
إن أعظم أنواع الرزق هو دخول جنة الخلد، فهي ما لا تحيط به الأعين ولا الآذان ولا يخطر على قلب بشر. قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقًا).