أُنشئ الفن المسرحي في لبنان مع الظهور الأول للمسرح العربي في مدينة بيروت، وذلك عندما قام مارون النقاش بترجمة وإعادة صياغة وإخراج مسرحية “البخيل” وعرضها في حديقة منزله عام 1847.
تتابع ظهور رواد آخرين في مجال المسرح الذين كانوا يعبرون عن شغفهم بهذا الفن ويعكفون على تقدير أهميته الاجتماعية والفكرية. إلا أن فرصهم في تحقيق احترافية العمل المسرحي كانت محدودة.
التحديات التي تواجه الفن المسرحي في لبنان
كانت الساحة المسرحية في لبنان تعاني من أزمات اقتصادية معقدة خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، مما أدى بالكتّاب المسرحيين إلى الهجرة إلى مصر بحثًا عن بيئة مناسبة للفن، خصوصًا في عهد الخديوي إسماعيل، حيث انطلقت الحركات المسرحية العربية في مصر.
النشأة والتطور المسرحي في لبنان
- انطلق المسرح اللبناني نحو التطور بفضل المخرج الفرنسي منير أبو دبس.
- بعد توقيعه اتفاقية مع التلفزيون الفرنسي لإطلاق قناة تلفزيونية في لبنان، عاد إلى وطنه لتنفيذ رؤيته.
- اتخذ أبو دبس قرارًا بالشراكة مع مجموعة من الأصدقاء، من بينهم أنطوان ملتقى، لتنفيذ أعمال مسرحية على شاشة التلفزيون اللبناني.
لمحة عن منير أبو دبس
يعتبر المخرج اللبناني الفرنسي منير أبو دبس الرائد في تأسيس مدرسة المسرح الحديث في لبنان، ومن أبرز إنجازاته:
- تعلم في الأكاديمية الوطنية للفنون في فرنسا من عام 1952 إلى 1960، بالإضافة إلى مسرح الكونسير فانوار الوطني وجامع السوربون.
- كان عضواً في فرقة المسرح الإغريقي في السوربون.
- أسس مدرسة المسرح الحديث عام 1960، التي كانت من بين أوائل المدارس المسرحية في لبنان.
- تولى إدارة المهرجانات الدولية في بعلبك بين 1960 و1970.
- أنشأ مسرح الاختبار في بيروت عام 1970.
- أسس مهرجان الفريكة خلال الفترة من 1997 حتى 2013.
أبرز أعمال منير أبو دبس
قدّم المخرج الكبير مجموعة من الأعمال المسرحية المرموقة، منها:
- مسرحية “أنتيغون” لسوفوكليس عام 1960.
- مسرحية “ماكبث” لشكسبير عام 1962.
- مسرحية “الذباب” لسارتر عام 1963.
- مسرحية “الملك يموت” لإيونسكو عام 1965.
- مسرحية “ملوك تيبا” لسوفوكليس عام 1966.
- مسرحية “العم فانيا” لتشيخوف عام 2004.
- مسرحية “طلب زواج” لتشيخوف عام 2012.
لمحة عامة عن الفن المسرحي في لبنان
- انقسمت الحركة المسرحية إلى عدة فرق في منتصف القرن العشرين، مثل جمعية إحياء التمثيل العربي، وفرقة التمثيل العربي، وجمعية إحياء التمثيل الوطني، والاتحاد المسرحي اللبناني، وغيرها.
- ومع بداية القرن العشرين، ازداد عدد المسارح في بيروت مثل مسرح زهرة سوريا، ومسرح الباريزيانا، ومسرح الشيدوفر، ومسرح الكورسال، ومسرح كريستال، وأخيرًا مسرح التريانون.
- اكتسبت النصوص المسرحية شكلًا أدبيًا مكتوبًا باللغة العربية الفصحى، كتبها شعراء وكتّاب مثل بطرس البستاني وإبراهيم اليازجي.
- برزت عدد من الكاتبات في تلك الفترة، مثل حبيبة شعبان يكن وحنة خوري شاهين، إلى جانب إسكندر رزق وألكسندرة الخوري.
- انتشرت في تلك الفترة المسرحية الشعرية على يد سعيد عقل وبشر فارس ويوف الخال وفوزي معلوف ويوسف غصوب وإلياس أبوشبكة.
- في عام 1969، قدمت فرقة المسرح الحديث مجموعة من العروض البارزة، بما في ذلك أمسية من المسرح الإغريقي و”ماكبث” و”الذباب” و”هملت”.
- بعد ذلك، تأسست حلقة المسرح اللبناني على يد أنطوان ملتقى عام 1963 نتيجة الخلاف الفني مع أبو دبس.
مظاهر ظهور المسرح العربي بين مصر وسوريا ولبنان
- تطور المسرح العربي بتقدم الزمن، واحتوى على شخصيات بارزة في مجالات التأليف والتمثيل والإخراج.
- مر المسرح العربي بمراحل تاريخية متعددة منذ بداية عصر النهضة في القرن التاسع عشر وحتى العصر الحديث، وهو في تطور مستمر.
- برزت الهوية العربية المسرحية في لبنان من خلال المبدع مارون النقاش من عام 1817 حتى 1855، حيث استثمر مهنته كتاجر للترويج للفن المسرحي.
- لكن بعد وفاة النقاش، انخفض النشاط المسرحي في لبنان، عائداً للأحداث التي أقيمت في المدارس والإرساليات والمعاهد العلمية.
- رغم ذلك، انتشرت الحركة المسرحية إلى مصر، حيث انتقل سليم النقاش ويوسف الخياط وسليمان القرداحي وإسكندر فرح لتأسيس فرق مسرحية هناك.
- قدموا عروضًا متنوعة في القاهرة، وانضم إليهم فرح أنطون كناقد ومسرحي.
- أرسل الخديوي إسماعيل جورج أبيض اللبناني إلى فرنسا لتعلم فنون التمثيل ونقلها إلى مصر.
- كان جورج أبيض أول ممثل عربي تلقى التعليم المسرحي بشكل علمي على يد الفنان الفرنسي الكبير سليفان.
- انطلق أحمد أبو خليل القباني في عمله بمسرحياته من عام 1833 حتى 1903 في سوريا، بعد مرور سنوات على وفاة النقاش.
- قدم مسرحيات مثل “الشيخ وضاح” و”مصباح” و”قوات الأرواح” عام 1871.
- عرض لاحقًا عددًا من المسرحيات الأخرى قبل انتقاله إلى مصر لاستكشاف النشاط المسرحي.
- فضل أبو خليل الغناء والرقص على النصوص الأدبية، مما ساهم في نجاح المسرحيات في الأجواء الكوميدية.
- على الرغم من ضعف نصوصه مقارنة بنصوص النقاش، إلا أنه أسس لأسلوب مسرحي شعبي ناقد وساخر.
- تحول نشاطه المسرحي إلى استمرار لنشاط المسرحيين اللبنانيين الأوائل في مصر.
مراحل تطور الفن المسرحي اللبناني
مرت الحركة المسرحية في لبنان بأربعة مراحل رئيسية كالتالي:
المرحلة الأولى
- ظهرت المحاولات المسرحية الأولى بجهود مارون النقاش في لبنان.
المرحلة الثانية
- تميزت بحركة الترجمات، حيث تم عرض مسرحية “الذخيرة” من تأليف شبلي ملاط عن الفرنسية.
- ترجم أديب إسحق مأساة “أندوماك” الخاصة براسين، سواء كان ذلك شعراً أم نثراً.
- ترجم فارس كلاب وليشاع كرم مأساة “زايبر” عن فولتير، ونقلها إلى الشعر العربي.
المرحلة الثالثة
- تزامنت هذه المرحلة مع بعث التاريخ الوطني العربي، حيث ألقى نجيب الحداد الضوء على حياة عبد الرحمن في مسرحية بعنوان “حمدان”.
- وكتب الشيخ أحمد عباس مسرحية “السباق” بين عيسى وذبيان.
- شهد هذا العصر تكاتف النصارى والمسلمين لاستثمار فن المسرح كوسيلة لإيقاظ الروح الوطنية.
المرحلة الرابعة
- تمثل هذه المرحلة الواقعية الاجتماعية، حيث وُلدت من أفكار أدبية جاءت من وراء المحيط الأطلسي.
- شملت هذه الحركة المسرح بالإضافة إلى فنون القصص النقدية.
- كتب جبران خليل جبران مسرحية “أرم ذات العباد”، كما كتب ميخائيل نعيمة مسرحية “الآباء والبنون”.