يتناول البحث مراحل نشأة الكون ضمن علم الفلك، حيث يشير علم الكونيات إلى دراسة أصله والنظم الفيزيائية الفلكية المختلفة. غالبًا ما يتعلق الأمر بأصل الكون أو النظام الشمسي أو نظام الأرض والقمر.
تعريف الكون
الكون (بالإنجليزية: Universe) يعني جميع الأمكنة والأزمنة ومحتوياتها. ويتضمن بشكل رئيسي الكواكب والنجوم والمجرات وكل أشكال المادة والطاقة الأخرى.
على الرغم من أن حجم الكون بكامله لا يزال غير معروف، إلا أن الحجم المرئي الحالي يُقَدَّر بنحو 93 مليار سنة ضوئية.
في إطار الفرضيات المتعلقة بالكون المتعدد، يُعتبر الكون جزءًا من مجموعة من الأجزاء المنفصلة المتداخلة مع أكوان متعددة أكبر. وبالتالي، فإن المصطلحات “الكون” و”الكون المتعدد” تُستخدم كمرادفات في هذه النظريات.
نظرية الانفجار العظيم
تُعتبر نظرية الانفجار العظيم هي النظرية الشائعة حاليًا التي تفسر أصل وتطور الكون. إنها تشير إلى أن الكون بدأ كنقطة ساخنة وكثيفة بشكل لا يُصدق منذ حوالي 13.7 مليار سنة.
السؤال الذي يثير الفضول هو: كيف انتقل الكون من كونه جزءًا صغيرًا (بضعة مليمترات) إلى ما هو عليه اليوم؟ فيما يلي تسلسل زمني مُفصل لتطور الكون من الانفجار العظيم إلى الوقت الراهن، مُدعوماً بتسع خطوات واضحة.
مراحل بداية الكون
الانفجار العظيم لم يكن انفجارًا في الفضاء كما قد يُفهم من الاسم، بل كان هو ظهور الفضاء نفسه في كل أنحاء الكون. وفقًا للبحوث، وُلِد الكون كنقطة ساخنة وضخمة جدًا في الفضاء.
لا يزال علماء الكونيات غير متأكدين مما حدث قبل هذه اللحظة، ولكنهم يعملون على تطوير صورة أوضح حول الكون المبكر من خلال المهام الفضائية المختلفة وتكنولوجيا التلسكوبات. أحد المصادر الأساسية لهذه المعلومات هو إشعاع الخلفية الكونية للميكروويف، الذي يُعد الشهدء عن الضوء والإشعاع المتبقي من الانفجار العظيم.
في عام 2001، أطلقت ناسا مهمة “ويلكينسون” للميكروويف المتغاير (WMAP) لدراسة خصائص الكون المبكر من خلال قياس هذا الإشعاع. وقد أسفرت هذه الأبحاث عن تحديد عمر الكون بحوالي 13.7 مليار سنة.
مرحلة التضخم الأولى
خلال الفترات التي كان فيها الكون صغيراً جداً، وبالتحديد بعد جزء ضئيل من الثانية (مئة من مليار من تريليون من تريليون من الثانية)، شهد الكون طفرة نمو هائلة تُعرف بالتضخم، حيث تضاعف حجم الكون 90 مرة على الأقل.
يوضح عالم الفيزياء الفلكية، “دافيد سبيرجيل”، أن الكون كان يتوسع ويبرد تدريجياً مع تمدده. بعد مرحلة التضخم، واصل الكون نموه، ولكن بمعدل أبطأ.
خلق العناصر الكيميائية
تم تشكيل العناصر الكيميائية الخفيفة خلال الدقائق الثلاث الأولى من تكوين الكون، ومع تمدد الكون، انخفضت درجات الحرارة. تفاعلت البروتونات مع النيوترونات لتكوين الديوتيريوم، والذي تشكل منه الهليوم.
ومع ذلك، خلال الـ 380 ألف سنة الأولى بعد الانفجار العظيم، كانت الحرارة شديدة لدرجة أن الضوء لم يكن قادرًا على الانتقال، حيث تحطمت الذرات معًا لتتحول إلى بلازما كثيفة تشتت الضوء.
ظهور الضوء في الكون
بعد حوالي 380,000 سنة من الانفجار العظيم، تم تبريد المادة بما يكفي لكي تتحد الإلكترونات مع النوى مُشكِلة ذرات محايدة. تُعرف هذه الفترة بـ “إعادة التركيب” (Recombination) والتي أدت إلى جعل الكون شفافًا.
الضوء الذي تم إطلاقه خلال تلك الفترة يمكن اكتشافه اليوم في شكل الإشعاع الخلفي الكوني للميكروويف، إلا أن العصر الذي تلا إعادة التركيب شهد فترة من الظلام قبل ظهور النجوم.
الخروج من العصور المظلمة
تقريبًا بعد 400 مليون سنة من الانفجار العظيم، بدأ الكون بالخروج من العصور الكونية المظلمة، وتُعرف تلك الفترة بـ “عصر إعادة التأين” (Age of re-ionization). يُعتقد أن هذه المرحلة استمرت لأكثر من نصف مليار سنة، واستنادًا إلى الملاحظات الحديثة، قد تكون هذه الفترة قد حدثت بشكل أسرع مما كان يُعتقد سابقًا.
زيادة عدد النجوم والمجرات
علماء الفلك يعملون حاليًا على استكشاف المجرات البعيدة لفهم خصائص الكون المبكر بشكل أفضل. كما أن دراسات الخلفية الكونية للميكروويف تسهم في تجميع الأحداث التاريخية.
كذلك، فإن البيانات من بعثات مثل “WMAP” ومستكشف الخلفية الكونية (COBE)، الذي تم إطلاقه في عام 1989، وتلسكوب “هابل” الفضائي، الذي أُطلق في عام 1990، تقدم دعماً مفيداً لهذه الأبحاث.
ظهور نظامنا الشمسي
تشير التقديرات إلى أن نظامنا الشمسي وُلِد بعد 9 مليارات سنة من الانفجار العظيم، مما يعني أنه عمره حوالي 4.6 مليار سنة. الشمس، التي تُعتبر واحدة من أكثر من 100 مليار نجم في مجرتنا (درب التبانة)، تبتعد عن مركز المجرة بحوالي 25000 سنة ضوئية.
يعتقد علماء الفلك أن الشمس وباقي مكونات النظام الشمسي تشكلت من سحابة دوارة ضخمة من الغاز والغبار تُعرف بالسديم الشمسي، وعندما انهارت هذه السحابة بفعل الجاذبية، بدأت في الدوران بشكل أسرع.
المادة المظلمة
خلال الستينيات والسبعينيات، بدأ العلماء بالتفكير في وجود كتلة غير مرئية أكبر في الكون مما هو مُشاهد. وقد استنتجت عالمة الفلك “فيرا روبين” وجود سرعة ثابتة للنجوم على الرغم من موقعها في المجرة، مما أدى لاكتشاف وجود “المادة المظلمة”.
التوسع المتسارع للكون
في عشرينيات القرن الماضي، أظهر عالم الفلك “إدوين هابل” أن الكون في حالة من التوسع وليس ثابتاً. في عام 1998، أظهرت مشاهدات تلسكوب هابل الفضائي أن الكون كان يتوسع بوتيرة أبطأ بكثير في الماضي.
هذه النتائج المثيرة دلت على أن الطاقة المظلمة قد تكون القوة التي تؤدي إلى تسريع توسع الكون.