فضل الدعاء بالبركة
- البركة تُعتبر رحمة من الله سبحانه وتعالى، فهى تجلب الخير الوفير ليست فقط للمسلمين كأفراد، وإنما أيضاً للمجتمعات. فهي تزيد في القليل وتوسع في الكثير، مما يُعزّز النفع والمعنى في حياتهم.
- الدعوات النبوية لأصحابه حول البركة كانت لها آثار واضحة في حياتهم، حيث تمتعوا برزق واسع وسعادة دائمة طوال فترة حياتهم.
- على سبيل المثال، كان أبو طلحة عندما توفي ولده، قامت زوجته بتقديم شيء من الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
- “لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يبَارِكَ لَكما في لَيْلَتِكما”، وقد شهدت أمة من الأنصار أن هذا الدعاء أتى بثمار طيبة تمثلت في إنجاب تسعة أبناء، جميعهم قرأوا القرآن الكريم، كما ورد في صحيح البخاري.
- كما أن أنس بن مالك رضي الله عنه، طلبت والدته من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بالبركة، فقال: “اللَّهمَّ أكْثِرْ مَالَه، ووَلَدَه، وبَارِكْ له فِيما أعْطَيْتَه”، وفقاً لصحيح البخاري.
- وَيتحدث أنس بقوله: “فَوَ اللَّهِ إنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وَإنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادّونَ عَلَى نَحْوِ المِئَةِ، اليَومَ”، كما ورد في صحيح مسلم.
- مثال آخر هو عروة البارقي، حيث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاة، لكنه اشترى شاتين، باع إحداهما وجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان يذكر أن بركة البيع شملت حتى لو اشترى تراباً لربح فيه، كما في صحيح البخاري.
أسباب جلب البركة للإنسان
- تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى جلب البركة، وأحد أهمها هو الدعاء. ينبغي على المسلم أن يدعو لنفسه ولإخوته المسلمين بالبركة، كما حدث بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع.
- عندما آخى النبي بينهما، عرض سعد نصف ماله وزوجته على عبد الرحمن، فقال له:
- “بَارَكَ اللَّه لكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ”، وهذا ورد في صحيح البخاري.
- السبب الثاني لجلب البركة هو تقوى الله، كما ذكر في قوله تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ”، وهو ما يؤكد أن تقوى الله تجلب الخير الوفير لكل مخلص.
- والسبب الثالث هو الصدق في المعاملات التجارية وغيرها. عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- “البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا… فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما”، وفقاً لصحيح البخاري.
- من الأسباب الأخرى لجلب البركة هو اتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والمشرب والملبس. وقد جاء عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “البرَكَة تنزل وَسَطَ الطَّعامِ، فَكُلوا من حافَتيهِ، ولا تأكلوا مِن وسطِهِ”، كما ورد في صحيح الترمذي.
مواضع الدعاء بالبركة
- يدعو المسلم لأخيه بالبركة في العديد من المواضع، منها إذا أعجبه شيء عنده ليصونه من الحسد أو العين.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه من نفسه أو ماله أن يبرك عليه، فإن العين حقٌّ”، كما ورد في مجمع الزوائد.
- من المواضع الأخرى للدعاء هو عندما يُقرض المسلم أخاه قرضاً، حيث يدعو له بالبركة عند رده القرض. وكان النبي إذا استسلف من أحد، قضاه ودعا له، قائلاً: “بارك الله لك في أهلك ومالك”، كما ذكر في زاد المعاد.
- عند تقديم الطعام، عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه، قال إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل على أبيه، فقُدّم له طعام، فقال:
- “اللهم بارك لهم في ما رزقتهم”، كما في صحيح مسلم.
- يستحب الدعاء بالبركة أيضاً عند استقبال مولود جديد، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان ليبارك عليهم.
- وكذلك عند الزواج، يقال: “بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير” كما ورد عن أبي هريرة.
بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير
- عبارة “بارك الله لهما” تعني أن يسأل الله أن يرزق الزوجين الخير الوفير والرزق الدائم في الحياة الزوجية.
- أما “بارك عليهما” فيعني أن يفيض الله عليهما بالنعم والخيرات التي تقربهم منه وتعزز طاعته.
- “جمع بينهما في خير” يعني أن تلك النعمة تلزم الاجتماع تحت سقف واحد، مما يؤدي إلى حياة مستقرّة مليئة بالأمان والسلام.
كما يمكنكم التعرف على:
فضل دعاء بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير
- أحد أهم فضائل هذا الدعاء أنه سنة نبوية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا تزوج أحدكم فلْيَقُلْ له بارك الله لك، وبارك عليك”، كما في صحيح الجامع.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، كان الرسول إذا بارك أحدًا عند الزواج يقول: “بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير”، وفقاً لصحيح أبي داود.
- هذا الدعاء يحمل في طياته إدخال السرور على قلب المسلم. فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أي الأعمالِ أحبّ إلى اللهِ؟”، فقال: “سرورٌ تدخله على مسلم”، كما في ميزان الاعتدال.
أهمية الدعاء للزوجين
- الدعاء للزوجين يعتبر في أفضل ما يمكن أن يقدمه الناس لهم، إذ يعدُ أفضل من الهدايا التقليدية التي تُقدّم في حفلات الزفاف.
- دعوة المسلم لأخيه دلالة على الأخلاق الحميدة والمحبة الصادقة، وقد تحقق الاستجابة السريعة من الله تعالى.
- تساهم هذه الدعوات في تقوية أواصر الأخوة وتعزيز التراحم بين المسلمين، مما يجعلهم أكثر ارتباطًا كالجسد الواحد.
- إن المقبلين على الزواج هم بأمس الحاجة للدعاء بالبركة والخير، لذا يجب تذكيرهم بهذا.
ما يدعى به للزوجين
- أفضل ما يمكن الدعاء به للزوجين هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
- “بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير”.
- يمكن الدعاء لهما بخيري الدنيا والآخرة، من الصحة والألفة، ونسأل الله أن يزرع بينهما الود والرحمة.
- يُستحب الدعاء بأن يكونا سكناً ولباسًا لبعضهما، وأن يعين كل منهما الآخر على عبادة الله.
- ينبغي الدعاء بأن يخرج الله من صلبهما ذرية صالحة تعبد الله وتوحده، بالإضافة إلى طلب الولد البار الذي يكون صدقة جارية عنهما بعد وفاتهما.
- يمكن كذلك الدعاء لهما أن يجمعهما الله في جناته مع النبيين والصديقين والشهداء، فهم خير رفقاء.
- كل هذه الدعوات تندرج تحت معنى البركة كما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.