أين كان موقع حياة قوم عاد؟
استقر قوم عاد في منطقة الأحقاف، الواقعة في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، بين الجزء الجنوبي من المملكة العربية السعودية ومنطقة حضرموت في اليمن. وقد أظهرت الحفريات التي قام بها العلماء وجود حضارة تتميز بقصور شاهقة وجبال منحوتة استخدمت في بناء هذه القصور. يقول الله سبحانه وتعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
كان قوم عاد يعرفون باسم “عاد الأولى”، وكانوا جزءًا من العرب العاربة. وقد ارتكزت عبادتهم على ثلاثة أصنام هي: صداء وصمود والهباء، كما ذكر العديد من المؤرخين في كتاباتهم عن نسبهم.
نبي قوم عاد
أورد القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه هود -عليه السلام- إلى قوم عاد، وهو من نسل سام بن نوح -عليه السلام-. قال الله تعالى: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ)، حيث بعثه الله ليأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الأوثان.
بدأ هود -عليه السلام- بتذكيرهم بنعم الله عليهم، حيث قال الله -عز وجل-: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).
عذاب قوم عاد
كذب قوم عاد رسولهم هود -عليه السلام-، قال الله -عزوجل-: (قالوا أَجِئتَنا لِنَعبُدَ اللَّـهَ وَحدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعبُدُ آباؤُنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ). وقد بلغ بهم الطغيان مبلغه، فاتهموه بالسفاهة والجنون، فقال الله -تعالى-: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
وعندما كذبوا رسولهم، أرسل الله عليهم ريحًا عقيماً لم تجلب لهم الخير، فأهلكتهم. وذكر الله -عز وجل- هذه الحادثة بقوله: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ* مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ).
استمر هذ العذاب لمدة سبع ليالٍ وثمانية أيام متواصلة. وأشار الله -عز وجل- إلى ذلك بقوله: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ).
وقد وصف النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هذه الريح بالدّبور، حيث قال: (نُصِرْتُ بالصَّبا، وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ)، حيث يعتبر الصّبا الريح التي أرسلها الله -عز وجل- إلى الأحزاب، بينما الدّبور هي الريح القاسية التي أُرسلَت إلى قوم عاد، وهي ريح شديدة البرودة ومُحرقة.
جاءت الآيات في سورة الأحقاف موضحة العذاب الذي نزل بهم، حيث قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).