أبو فراس الحمداني
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، المعروف بأبو فراس الحمداني، هو شاعر وأمير وشخصية فارسية، وابن عم سيف الدولة. اشتهر ببطولاته العديدة في المعارك التي خاضها إلى جانب سيف الدولة، الذي كان يقدّره كثيرًا ويُعتمِد عليه في غزواته. كان أبو فراس يقيم في مدينة منبج ويجوب بلاد الشام، لكن خلال إحدى المعارك ضد الروم إصيب وأُسر، وأمضى فترة في القسطنطينية حتى فدا سيف الدولة أسرى بكثير من الأموال.
لقي حتفه في مدينة صدد، الواقعة بالقرب من حمص. تميزت قصائده بالعاطفة العميقة، وأبرزها تلك التي كتبها خلال فترة أسره، المعروفة باسم “الروميات”.
أقول وقد ناحت بقربي حمامة
أقُولُ وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبي حمامَة:
أيا جارتا، هل تشعرين بحالي؟
معاذَ الهوى! ما ذُقتُ طارقةَ النوى
ولا خطرَتْ مِنكِ الهمومُ ببالِ.
أتحملُ محزونَ الفؤادِ قوادمٌ
على غصنٍ نائي المسافة عالِ؟
أيا جارتا، ما أنصفَ الدهرُ بيننا!
تعالي أُقاسمكِ الهمومَ، تعالي!
تعالي تَرَيْ روحًا لَدَيّ ضعيفةً
تَرَددُ في جِسمٍ يُعذّبُ بالي.
أيضْحَكُ مأسورٌ، وتبكي طَلِيقَةٌ،
ويسكتُ محزونٌ، ويندبُ سالِ؟
لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلةً؛
ولكن دمْعي في الحوادث غالِ!
زماني كلهُ غضبٌ وعتبُ
زماني كلهُ غضبٌ وعتبٌ
وأنتَ عليَّ والأيامُ إلبُ
وعيشُ العالَمِينَ لديكَ سهلٌ،
وعيشي وحدهُ بفناكَ صعبٌ.
وأنتَ، وأنتَ دافعُ كلّ خطبٍ،
مع الخطب الملمّ عليّ خطبٌ.
إلى كم ذا العقابُ وليس جرْمٌ
وكم ذا الاعتذارُ وليس ذنبٌ؟
فلا بالشامِ لذَّ بفيَّ شربٌ
ولا في الأسرِ رَقٌّ عليّ قلبٌ.
فلا تحملْ على قلبٍ جريحٍ
بهِ لحوادثِ الأيامِ ندبٌ.
أمثلي تقبلُ الأقوالُ فيه؟
ومثلك يستمرّ عليه كذبٌ؟
جناني ما علمتَ، ولي لسانٌ
يقدّ الدّرْعَ والإنسانَ عضبٌ.
وزندي، وهو زندكَ، ليس يكبو
وناري، وهي نارُكَ، ليس تخبو.
وفرعي فرعكَ الزاكي المعلى
وأصلي أصلكَ الزاكي وحسبُ.
“لإسمعيلَ” بي وبنيهِ فخرٌ
وفي إسحاقَ بي وبنيهِ عجبٌ.
وأعمامي “ربيعة” وهي صيدٌ
وأخوَالِي بَلَصْفَر وهي غلبٌ.
وفضلي تعجزُ الفضلاءُ عنهُ
لأنكَ أصلهُ والمجدُ تربُ.
فدتْ نفسي الأميرَ كأنَّ حظي
وقربي عندهُ، ما دام قربُ.
فلما حالت الأعداءُ دوني،
وأصبحَ بيننا بحرٌ و”دربُ”.
ظَلِلْتَ تُبدّلُ الأقوالَ بعدي
ويبلغني اغتيابكَ ما يغبُ.
فقلْ ما شئتَ فيَّ فلي لسانٌ
مليءٌ بالثناءِ عليكَ رطبٌ.
وعاملني بإنصافٍ وظلمٍ
تجدني في الجميعِ كما تحبّ.
لولا العجوز بـمنبجٍ
لولا العَجُوزُ بِمَنْبِجٍ
ما خِفْتُ أسبابَ المنيّهْ
ولكانَ لي، عمّا سألتُ منَ الفداء، نفسٌ أبيهْ
لكنْ أردتُ مرادها،
ولوِ انْجَذَبْتُ إلى الدنيّهْ
وأرى مُحامَاتي عليها أن تُضَامَ من الحميّهْ
أمستْ بـ “منبج”، حرةً بالحزن، من بعدي، حرّيّةْ
لو كانَ يدفعُ حادثٌ، أو طارقٌ بجميل نيهْ
لم تطرِقْ نُوَبُ الحوّادثِ أرضَ هاتيكَ التقيّهْ
لكن قضاءُ الله، والأحكامُ تنفذُ في البريه).
والصبرُ يأتي كلَّ ذي رُزءٍ على قدرِ الرزّيةْ
لا زالَ يطرقُ منبجاً،
في كلِّ غاديةٍ، تحيّةً.
فيها التقَى، والدينُ مدموعان في نفسٍ زكيّةٍ.
يَا أُمّتَا! لا تَحْزَني،
وثقي بفضلِ اللهِ فيّ!
يَا أُمّتَا! لا تَيأسِي،
للهِ ألطافٌ خفيهْ
كم حادثٍ عنا جلا،
وكم كفانا من بلية.
أوصيكِ بالصبرِ الجميــلِ! فإنهُ خيرُ الوصية.
مصابي جليل والعزاء جميلُ
مُصَابي جَلِيلٌ، وَالعَزَاءُ جَمِيلُ،
وَظَنّي بأنّ الله سَوْفَ يُديلَ
جِرَاحٌ، تحَامَاها الأُسَاة، مَخوفَةٌ،
وسقمانٍ: بادٍ منهما دخيلُ.
وأسرٌ أقاسيهِ، وليلٌ نجومهُ،
أرَى كُلّ شَيْءٍ، غَيرَهُنّ، يَزُولُ.
تطولُ بي الساعاتُ، وهي قصيرة؛
وفي كُلّ دهرٍ لا يسركَ الطولُ!
تناسانيَ الأصحابُ، إلاّ عُصَيْبَةً
ستلحقُ بالأخرى، غداً، وتحولُ!
ومن ذا الذي يبقى على العهدِ؟ إنهمْ
وإن كَثُرَتْ دعواهمُ، لقليلُ!
أقلبُ طرفي لا أرى غيرَ صاحبٍ
يميلُ معَ النعماءِ حيثُ تميلُ.
وصرنا نرى: أن المتاركَ محسنٌ؛
وأن صديقًا لا يُضِرّ خليلُ!
فكلُّ خليلٍ، هكذا، غيرُ منصفٍ!
وكلّ زمانٍ بالكِرامِ بخيل!
نعمْ، دعتِ الدنيا إلى الغدرِ دعوةً
أجابَ إليها عالمٌ، وجهولٌ.
وفارَقَ عمرو بن الزبير شقيقهُ،
وخلّى أميرَ المؤمنينَ عقيلُ!
فيا حَسْرَتَا، مَنْ لي بخِلٍّ مُوَافِقٍ
أقُولُ بشَجوِي، مَرّةً، ويَقُولُ!
وإنّ، ورَاءَ الستْرِ، أُمًّا بُكَاؤها
عَلَيّ، وإن طالَ الزمانُ، طَوِيلُ!
فيا أُمّتَا، لا تَعْدَمي الصبرَ، إنّهُ
إلى الخيرِ والنُّجحِ القريبِ رَسُولُ!
ويا أُمّتَا، لا تُخْطِئي الأجرَ! إنّهُ
على قدرِ الصبرِ الجمي؛ جزيلٌ.
أما لكِ في “ذاتِ النطاقينِ” أسوةٌ
بـ “مكةَ” والحربُ العوانُ تجولُ؟
أرادَ ابنُها أخذَ الأمان فَلَمْ تُجبْ
وتعلمُ، علمًا أنهُ لقتيلُ!
تأسّيْ! كَفَاكِ الله ما تَحْذَرِينَ،
فقَد غالَ هذا النّاسَ قبلكِ غُولُ!
وكوني كما كانتْ بـ “أحدٍ” “صفيةٌ”
ولمْ يشفَ منها بالبكاءِ غليلُ!
ولوَ رَدَّ، يومًا “حمزةَ الخيرِ” حزنها
إذاً مَا عَلَتْهَا رَنَّةٌ وَعَوِيلُ!
لقيتُ نُجُومَ الأفقِ وَهيَ صَوارِمٌ،
وخشَيْتُ سَوَادَ اللّيْلِ، وَهُوَ خيولُ.
ولمْ أرْعَ للنفسِ الكريمةِ خِلّةً،
عشيةَ لمْ يعطفْ عليَّ خليلُ.
ولكنْ لقيتُ الموتَ، حتى تركتها
وفيها وَفي حَدّ الحُسَامِ فُلولُ.
ومن لم يُوقَ اللهُ فهوَ مُمَزَّقٌ
ومن لم يُعزِّ اللهُ، فهوَ ذليلُ!
ومن لم يردهُ اللهُ في الأمرِ كُلهِ
فليسَ لمخلوقٍ إليهِ سبيلُ!
أما يردعُ الموتُ أهلَ النهى
أما يردعُ الموتُ أهلَ النهى
ويمنعُ عن غيّه مَنْ غوى!
أما عالمٌ، عارفٌ بالزمانِ
يروحُ ويغدو قصيرَ الخطا.
فيا لاهِيًا، آمِنًا، والحِمامُ
إليه سريعٌ، قريبُ المدى.
يُسَرّ بشيءٍ كأن قد مَضى
ويأمنُ شيئًا كأن قد أتى.
إذا مَا مَرَرْتَ بِأهْلِ القُبُورِ
تيقنتَ أنكَ منهم غدًا.
وأنّ العزيزَ، بها، والذليلَ
سواءٌ إذا أُسْلِمَا للبلى.
غريبَيْنِ، ما لهما مُؤنِسٌ،
وحِيدَيْنِ، تحتَ طِباقِ الثرى.
فلا أملٌ غيرُ عفوِ الإلهِ
ولا عملٌ غيرُ ما قد مضى.
فإن كانَ خيرًا فخيرًا تَنَالُ؛
وإن كانَ شَرًّا فشَرًّا يرى.
أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا
أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا
ونارُ ضلوعهِ إلا تَلهُبَا.
ومن حقِ الطلولِ عليَّ ألا
أغُبَّ مِنَ الدموعِ لها سَحابَا.
وما قصَّرْتُ في تساؤلِ رَبْعٍ،
ولكني سألتُ فما أجابا.
رأيتُ الشيبَ لاحَ فقلتُ: أهلاً!
وودعتُ الغوايةَ والشبابا.
وما إن شِبتُ من كِبَرٍ، ولكِنْ
رأيتُ منَ الأحبةِ ما أشابا.
بعثنَ منَ الهمومِ إليَّ ركبًا،
وصيرنَ الصدودَ لها ركابا.
ألمْ ترَنَا أعَزَّ النّاسِ جَارًا
وأمنعهم؛ وأمرعهم جنابا؟!
لنا الجبلُ المُطلّ على نِزَارٍ
حَلَلْنَا النّجْدَ مِنهُ وَالهِضَابَا.
تفضلنا الأنامُ ولا نحاشى
ونوصفُ بالجميل؛ ولا نحابى.
وقد علمتْ “ربيعة” بلْ “نزارٌ”
بأنّا الرأسُ والناسَ الذُّنَابَى.
فلما أنْ طغتْ سفهاءُ “كعبٍ”
فَتَحْنَا بَينَنا للحَرْبِ بابَا.
منَحْنَاها الحَرَائِبَ؛ غَيْرَ أنّا
إذا جارَتْ مَنْحْنَاها الحِرَابَا.
ولما ثارَ “سيفُ الدينِ” ثرنا
كما هَيّجْتَ آسَادًا غِضَابَا.
أسِنّتُهُ، إذا لاقَى طِعَانًا،
صَوَارِمُهُ، إذا لاقى ضرابا.
دعانا – والأسنةُ مشرّعاتٌ –
فكُنّا، عندَ دعوتهِ، الجوابا.
صَنَائِعُ فَاقَ صَانِعُهَا فَفَاقَتْ،
وَغَرْسٌ طابَ غارسُهُ، فطابَا.
وكُنّا كالسهامِ؛ إذا أصابتْ
مراميها فراميها أصابا.
وجاوزنَ “البديةَ” صادياتٍ؛
يلاحظنَ السرابَ؛ ولا سرابَا.
عبرنَ “بماسحٍ” والليلُ طفلٌ
وجئْنَا إلى سَلَمْيَةِ حِينَ شَابَا.
فما شعروا بها إلا ثباتًا
دُونَ الشدِّ نصطخبُ اصطخابا.
تنادوا، فانبرتْ، من كلٍّ فجٍ،
سوابقُ ينتجبنَ لنا انتجابا.
وقادَ ندي بنُ جعفرَ من عُقيلٍ
شعوبا، قدْ أسلنَ بهِ الشعابَا.
فما كانوا لنا إلا أسارى
وما كانت لنا إلا نهبَا.
كأنَّ “ندي بنَ جعفرِ” قادَ منهمْ
هدايا لمْ يرغْ عنها ثوابًا.
وشدّوا رأيهم ببني قريعٍ،
فخابوا – لا أبا لهمُ – وخابا.
ولما اشتدتِ الهيجاءُ كُنّا
أشَدَّ مَخَالِبًا، وأحدَّ نَابَا.
وأمنعَ جانبًا وأعزَّ جارًا
وأوفى ذمةً وأقلَّ عابَا.
Sَقَيْنَا بالرّماحِ بني “قشيرٍ”
ببطنِ “الغنثرِ” السمَّ المُذابَا.
وسقناهمْ إلى “الحيران” سوقًا
كما نستاقُ آبالاً صعابا.
ونكبنا “الفرقلسَ” لم نردهً
كَأنّ بِنَا عَنِ المَاءِ اجْتِنَابَا.
ومِلْنَا عَنِ الغُوَيْرِ وسِرْنَا حتى
وردنَا عيونَ “تدمرَ” و”الحبابَا.”
وأمطرنَا “الجباةَ” بمرجحنّ
ولكن بالطعانِ المُرِّ صابَا.
وجُزْنَا الصَّحصَحانَ يخدِنَ وَخداً
ويجتبنَ الفلاةَ بنا اجتيابا.
قرينا “بالسماوةِ” من “عقيلٍ”
سِبَاعَ الأرضِ والطيرَ السِغَابَا.
و”بالصباحِ” و”الصباحُ” عبدٌ
قتلنا، منْ لبابهمُ اللبابَا.
تركنا في بيوتِ بني “المهنا”
نوادبَ ينتحبنَ بها انتحابا.
شفَتْ فيها بَنُوبَكْرٍ حُقُودًا
وغادرتِ “الضبابَ” بها ضبابا.
وأبعدْنا لسوءِ الفعلِ كَعْبًا،
وأدنينا لطاعتها “كلابا.”
وشردْنا إلى الجوالانِ طَيْئاً
وجنبنا “سماوتها” جنابا.
سَحَابٌ مَا أنَاخَ عَلَى عُقَيْلٍ،
وجرَّ على جوارهمُ ذنابا.
ومِلْنَا بالخُيُولِ إلى نُمَيرٍ،
تجاذبنا أعنتها جذابا.
وما ضَاقَتْ مَذاهِبُهُ، ولكنْ
يُهَابُ، مِنَ الحَمِيّةِ، أن يُهابَا.
ويأمرنا فنكفيهِ الأعادي،
هُمَامٌ لَوْ يَشَاءُ كَفَى وَنَابَا.
فلما أيقنوا أنْ لا غياثٌ
دعوهُ للمغوثةِ فاستجابا.
وعادَ إلى الجميلِ لهم فعادوا،
وقد مَدّوا لِصَارِمِهِ الرّقابَا.
أمرّ عليهم خوفًا وأمنًا
أذَاقَهُمُ بِهِ أرْيًا وَصَابَا.
أحَلّهُمُ الجَزِيرَةَ بَعدَ يَأسٍ
أخُوحِلْمٍ إذا مَلَكَ العِقابَا.
ولو شِئْنَا حَمَيْنَاهَا البَوَادِي،
كما تحمي أسودُ الغابِ غابا.
أنا ابنُ الضاربينَ الهامَ قَدْماً
إذا كَرِهَ المُحَامُونَ الضّرَابَا.
ألَمْ تَعْلَمْ؟ وَمِثْلُكَ قَالَ حَقًّا:
بأني كنتُ أثقبها شهابا!
أيا أمَّ الأسيرِ، سقاكِ غيثٌ
أيا أمَّ الأسيرِ، سقاكِ غيثٌ
بكُرْهٍ مِنْكِ، ما لَقِيَ الأسِيرُ!
أيا أمَّ الأسيرِ، سقاكِ غيثٌ
تَحَيّرَ، لا يُقِيمُ وَلا يَسِيرُ!
أيا أمَّ الأسيرِ، سقاكِ غيثٌ
إلى منْ بالفِداء يأتي البشيرُ؟
أيا أمَّ الأسيرِ، لمن تربى
وقدْ مُتِّ، الذوائبُ والشعورُ؟
إذا ابنكِ سارَ في برٍ وبحرٍ،
فمن يدعو لهُ، أو يستجيرُ؟
حرامٌ أن يبيتَ قَريرَ عينٍ
ولؤمٌ أنْ يلمَّ بهِ السرورُ!
وقد ذُقتِ الرَزايا والمَنايا
ولا ولدٌ لَدَيْكِ ولا عَشيرُ.
وغابَ حبيبُ قلبكِ عن مكانٍ
مَلائِكَةُ السمَاءِ بِهِ حُضور.
لِيَبْكِكِ كُلُّ يَوْمٍ صُمتِ فيهِ
مُصَابِرَةً وقد حميَ الهَجِير.
لِيَبْكِكِ كُلُّ لَيْلٍ قُمْتِ فيهِ
إلى أن يبتدي الفجرُ المنير!
لِيَبْكِكِ كُلُّ مُضْطَهَدٍ مَخُوفٍ
أجَرْتِيهِ، وقدْ عزّ المجيرُ!
لِيَبْكِكِ كُلُّ مِسكِينٍ فَقِيرٍ
أغَثْتِيهِ، وما في العَظْمِ زِير.
أيا أماهُ، كمْ همٍّ طويلٍ مضى
بكِ لمْ يكنْ منهُ نصيرُ!
أيا أماهُ، كمْ سرٍّ مصونٍ
بقلْبِكِ، ماتَ لَيسَ لهُ ظُهُور.
أيا أماهُ، كمْ بشرى بقربي
أتَتْكِ، ودونَها الأجَلِ القَصِير؟
إلى منْ أشتكي؟ ولمنْ أناجي
إذا ضاقتْ بما فيها الصدورُ؟
بِأيّ دُعَاءِ دَاعِيَةٍ أُوَقّى؟
بأيِّ ضياءِ وجهٍ أستنيرُ؟
بِمَن يُستَدفَعُ القَدَرَ المُوَفّى
بِمَن يُستَفتَحُ الأَمْرُ العَسيرُ؟
نُسلَّى عنكَ: أنا عنْ قليلٍ
إلى ما صرتِ في الأخرى، نصيرُ.