قصر غمدان
يُعتبر قصر غمدان أقدم قصر ضخم في العالم، ويقع في مدينة صنعاء، عاصمة اليمن. يُعد هذا القصر من عجائب الهندسة المعمارية في عصره، حيث وصفه الرحالة العربي محمد القزويني كواحد من عجائب العرب في ذلك الوقت. تم إنشاء القصر ليكون مقر إقامة الملك، وكان الملك سيف بن ذي يزن هو آخر الملوك اليمنيين الذين أقاموا فيه.
يتكون قصر غمدان من عشرين طابقًا، يفصل بين كل طابق وآخر حوالي عشرة أذرع. كان مجلس الملك يقع في الطابق العلوي من القصر. أما المواد المستخدمة في بناء القصر فقد شملت أحجار المرمر والجرانيت والبوفير. يُعتقد أن القصر تم بناؤه فوق أنقاض قصر السلاح الموجود حالياً في صنعاء القديمة. بينما يرى بعض المؤرخين أن الجامع الكبير بصنعاء قد تم إنشاؤه على أنقاض هذا القصر التاريخي، حيث تُعتبر أبواب الجامع هي ذاتها أبواب قصر غمدان المتهدم، وقد نُقشت عليها كتابات بخط المسند. وقد ذُكر القصر في أعمال الشاعر والجغرافي اليماني الهمداني، الذي وصفه في كتابه “الإكليل” بقوله: “يسمو إلى كبد السماء مصعداً… عشرين سقفاً سمكها لا يقصرُ”.
تاريخ بناء قصر غمدان
تباينت الآراء حول تاريخ بناء قصر غمدان، حيث استندت الاختلافات إلى النقوش التي ظهرت على بعض الأحجار المكسورة في المنطقة. وقد رجح بعض المؤرخين أن أقدم النقوش تعود إلى عام 220 ميلادي، أي إلى زمن الملك السبئي شعرم أوتر، ملك سبأ وذي ريدان. لكن هناك آراء أخرى تشير إلى أن نقوشًا أخرى تؤكد بناء القصر في القرن الثالث الميلادي خلال حكم الملك إيلي شرح يحضب، بينما وجد الباحثون البريطانيون نقوشًا تعود إلى القرن الأول الميلادي.
بناء غمدان ومراحل هدمه
تباينت الروايات التاريخية بشأن بناء هذا القصر العظيم، حيث الوجهات المختلفة تشير إلى ثلاثة آراء. الرأي الأول يعتقد أن الملك السبئي “إيلي شرح يحضب” هو من قام ب建ائه. بينما تفيد روايات أخرى بأن “سام بن نوح”، الذي سُمّيت صنعاء باسمه قديماً، كان هو من أمر ببناء القصر. أما الرأي الثالث فيشير إلى أن “يعرب بن قحطان” هو الباني الفعلي للقصر، وأن “وائل بن حمير بن سبأ بن يعرب” قد أكمل البناء لاحقًا، وذلك وفقًا لما ورد في كتب ابن كثير وابن هشام. وقد تعرّض القصر للهدم التدريجي ابتداءً من الغزو الحبشي لليمن، ثم تهدم جزء آخر خلال فترة النبي محمد، عليه السلام، وانتهى الأمر بتهدم الجزء الأخير في عهد الخليفة عثمان بن عفان.