في هذا المقال، سوف نستعرض موضوع المسؤولية التقصيرية، إذ تُعتبر المسؤولية من المفاهيم الأساسية التي تتعلق بتحمل الفرد نتائج أفعاله واختياراته أمام الله تعالى، ثم في مواجهة ضميره، وأخيراً أمام المجتمع بأسره.
ما هي المسؤولية التقصيرية؟
- المسؤولية التقصيرية تُعرّف بأنها القدرة التي يتحملها الشخص تجاه التزاماته، حيث يُتوقع منه أن يؤدي الواجبات الملقاة على عاتقه بصورة كاملة.
- تستند هذه المسؤولية إلى خرق الالتزامات المرتبطة بعقد أو اتفاق، وعندما يتسبب شخص ما في إحداث ضرر للغير أو يخفق في الالتزام بالواجبات القانونية المعمول بها، يُلزَم بالتعويض عن الأضرار كما ينص القانون.
- بالإضافة إلى ذلك، تشير المسؤولية التقصيرية إلى حكم الشرع الناشئ عن عدم قدرة الشخص على تقدير المواقف واتخاذ الاحتياطات اللازمة.
- يُفهم مصطلح المسؤولية التقصيرية لغوياً على أنه التبعة، وما يترتب عليها من نتائج يتحملها الفرد، ويستخدم هذا المصطلح في مجال القانون للإشارة إلى العواقب الناجمة عن الأفعال المختلفة.
لمحة عن المسؤولية التقصيرية في النظام القانوني
- في القوانين الحديثة، يُعرف اصطلاح المسؤولية التقصيرية بالتزام الشخص بتعويض المتضرر نتيجة الأفعال التي تسببت في الأذى، وهو مفهوم مواز لما يسميه فقهاء الشريعة الإسلامية بـ “الضمان”.
- من منظور قانوني، تُعرّف المسؤولية التقصيرية بأنها تلك التي تحدث نتيجة فعل ما أو الامتناع عن فعل ما.
- يجب على الشخص المتسبب بالتقصير أن يتحمل النتائج السلبية لأفعاله والتي تُلحق الأذى بالآخرين، ويرتبط هذا الالتزام بمجموعة من المفاهيم القانونية.
- يجدر بالذكر أن المسؤولية التقصيرية قد تنشأ حتى في غياب عقد قانوني، حيث يمكن أن تُفرض التزامات قانونية نتيجة فعل مُضرٍ ألحق الأذى بطرف آخر.
أسباب المسؤولية التقصيرية
توجد أسباب متعددة تُفسر وجود المسؤولية التقصيرية، حيث يمكن اعتبار الشخص المخوّل بتحمل المسؤولية ملزماً لأحد سببين:
السبب الأول
- يتعلق الأمر بنية الشخص في الاعتداء على الآخرين، مما يجعله مسؤولاً عن الأذى الذي يُلحقه بالغير، مثل الجرائم المتعمدة كالقَتل والسرقة والاعتداء.
السبب الثاني
- يتعلق بالكسل والإهمال، حيث يتحمل الشخص المسؤولية نتيجة لإصابة شخص آخر بسبب عدم الانتباه أو الاكتراث، كما يحدث عندما يُسبب شخص ما ضررًا لملكيات الغير نتيجة لإهماله.
الأثر الشرعي الناتج عن المسؤولية التقصيرية
- عندما يُخطئ من مُوكل إليه مسؤولية معينة ويتسبب هذا الخطأ في ضرر، يكون ملزماً بدفع غرامة أو تعويض عن الأضرار التي سببها.
- في الفقه الحنفي، تُثبت المسؤولية تجاه المهمل، وفقط عند وجود دليل على وجود الضرر الناتج عن الإهمال.
- يُشترط وجود أدلة محددة لإثبات المساءلة، وتعتبر الجوانب الدقيقة للحادث كافية لتحديد المسؤولية في غياب الاحتياطات.
يمكنكم الاطلاع على:
عناصر المسؤولية التقصيرية
تتكون المسؤولية التقصيرية من ثلاثة أركان مترابطة، والتي تُساعد في فهم الجوانب المختلفة لهذه المسؤولية، وتتمثل أركان المسؤولية في:
الخطأ
- يعتبر خطأ تقصيري، حيث عرَّفه الدكتور جميل الشرقاوي بأنه يشير إلى إخلال شخص بواجبات قانونية معينة.
- ينقسم الخطأ إلى نوعين: الخطأ العمدي، والذي يتضمن القصد، والخطأ غير العمدي، الذي يتحدد بالإهمال وعدم العناية.
- يمكن تقسيم الأخطاء كذلك وفقاً لدرجات الخطورة إلى خطأ جسيم، خطأ يسير، وخطأ تافه.
الضرر
يمثل الضرر الركن الثاني من أركان المسؤولية ويُشدد على أهمية تقديم التعويض للمتضرر.
- يرتبط الضرر بمسألة حقوق المتضرر، وقد يتخذ صوراً عديدة تشمل شرفه، أو جسده، أو ممتلكاته، أو حريته.
- يشترط في الضرر أن يكون مباشراً، وأن يطالب المتضرر بالتعويض شرط عدم حصوله على تعويض سابق.
- يمكن تصنيف الضرر إلى أنواع مثل:
- الضرر المالي الناتج عن الأضرار المادية.
- الضرر الجسدي الذي يُلحق بالأفراد ولكن دون التسبب في وفاتهم.
العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
- تتطلب تأكيد المسؤولية التقصيرية وجود علاقة سببية تربط الخطأ بالضرر، حيث يلزم أن تكون الأفعال الخاطئة لها تأثير مباشر على الآخرين.
- تحديد العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ليست بالمهمة السهلة لأنها تعتمد على ظروف متعددة، وقد يتسبب ذلك في وجود أسباب خارجة.
- يظهر هذا النوع من الأسباب في الحالات التي يتعرض فيها الشخص لموقف غير مألوف يسبب له ضرراً نتيجة لأفعاله الشخصية.
أنواع الخطأ التقصيري في القوانين
تشمل أنواع الخطأ التقصيري:
- الخطأ عن قصد أو غير قصد.
- الخطأ البسيط والخطأ الجسيم.
- الخطأ المفيد والخطأ الضار.
أنواع الضرر التقصيري في القانون
يوجد نوعان من الضرر التقصيري، وهما:
الضرر المعنوي
- أضرار تصيب الجسم.
- أضرار تتعلق بالشرف.
- أضرار تتعلق بالعواطف والشعور.
- أضرار تتعلق بالحقوق.
الضرر المادي
- أضرار مباشرة.
- أضرار غير مباشرة.