عن ابن كثير
الإمام الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء القرشي الدمشقي الشافعي، يلقب بأبي إسماعيل، هو مُحدثٌ ومفسرٌ ومؤرخٌ وحافظٌ وفقيه. وُلِد في عام 700 للهجرة أو بعد ذلك بقليل في قرية مجدل التابعة لمنطقة بُصرى، التي أصبحت اليوم جزءاً من دمشق. ووالده كان من أهل بُصرى، بينما والدته من القرية نفسها.
نشأة ابن كثير وحياته
توفي والد ابن كثير عندما كان في سن الرابعة أو السابعة، مما أدى إلى أن يتربى تحت رعاية أخيه الأكبر، الذي كان يصفه بأنه “شقيقٌ ورفيقٌ شفيق”. نشأ ابن كثير في بيئة علمية ودينية، فقد كان والده خطيباً مشهوداً له، وكان لذلك أثر بالغ في دفعه نحو طلب العلم.
انتقلت عائلته بعد وفاة والده إلى دمشق واستقروا بجوار المدرسة النورية. منذ نعومة أظفاره، كان ابن كثير مهتمًا بالعلم، حيث حفظ القرآن الكريم في سن الحادية عشرة، وتميز بقدرته الكبيرة على الحفظ، مما ساهم في اكتسابه سمعة طيبة بفضل أخلاقه العالية ومعرفته الواسعة في مجالات التفسير والتاريخ والحديث. ألَّف العديد من الكتب القيمة خلال حياته.
المكانة العلمية لابن كثير
شغل ابن كثير منصب التدريس في عدد من المدارس العلمية في عصره، منها: المدرسة الصالحية، ودار الحديث الأشرفية، والمدرسة النورية الكبرى، والمدرسة النجيبية. وقد أثنى عليه العديد من العلماء، إذ جمع بين المعرفة في الفقه والتفسير والحديث، وعكف على دراسة علم الحديث والرجال، مؤلفًا العديد من المؤلفات التي نالت فائدة واسعة بعد وفاته.
شيوخ ابن كثير وتلاميذه
شيوخ ابن كثير
تلقى الإمام ابن كثير العلم من جملة شيوخ، ومن أبرزهم:
- الحافظ شمس الدين الذهبي.
- الشيخ يوسف بن عبد الرحمن المزي.
- نجم الدين ابن العسقلاني.
- القاسم ابن عساكر.
- ابن الشيرازي.
- إسحاق الآمدي.
- القاسم بن محمد البرزالي.
- كمال الدين ابن قاضي شهبة.
- الحافظ ابن القلانسي.
- إبراهيم بن عبد الرحمن الفزاري.
تلاميذ ابن كثير
تتلمذ على يد الإمام ابن كثير العديد من العلماء وطلبة العلم، ومن أبرزهم:
- محمد بن بهادر الزركشي.
- شهاب الدين حجي بن أحمد الشافعي.
- ابن الجزري.
- سعد الدين النووي.
تفسير ابن كثير
يُعدّ كتاب تفسير القرآن الكريم لابن كثير واحدًا من أكثر التفاسير انتشاراً بين الناس، وقد كتب الله -سبحانه وتعالى- له القبول الواسع، فلا تكاد مكتبة تخلو منه. وقد قال عنه الشوكاني -رحمه الله-: “له تصانيف، منها التفسير المشهور وهو في مجلدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل المذاهب والأخبار، وتحدث بأحسن الكلام”.
تميز تفسير ابن كثير بأسلوبه الفصيح وسهولة عباراته، وأخذ في التأليف منهجًا علميًا أصيلاً. ويمكن تلخيص مكانته وأهميته بعدة نقاط، منها:
- استعراض معظم الأحاديث المتعلقة بالآيات بشكل شامل.
- ذكر الأحاديث مع أسانيدها.
- الحكم على الأحاديث غالبًا.
- عرض الآراء المختلفة وترجيحها دون تعصُب.
- تفسير آيات الأسماء والصفات وفق منهج أهل السنة والجماعة.
مؤلفات ابن كثير الأخرى
من أبرز مؤلفاته الأخرى:
- البداية والنهاية.
- السيرة النبوية.
- معجزات النبي.
- النهاية في الفتن والملاحم.
- إرشاد الفقيه إلى المعرفة بدلالات التنبيه.
- جامع المسانيد والسنن.
- الباعث الحثيث لاختصار علوم الحديث.
- التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء.
- قصص الأنبياء.
- فضائل القرآن.
وفاة ابن كثير
توفي ابن كثير -رحمه الله- عن عمر يناهز أربعة وسبعين عامًا، بعد أن فقد بصره في آخر حياته. وقد دُفن بجوار شيخه ابن تيمية -رحمه الله- تعبيرًا عن محبته له وتأثره بعلمه. أوصى قبل وفاته أن يُدفن بجانبه، وتوفي في السادس والعشرين من شهر شعبان عام 774هـ/1373م في دمشق، حيث حضر جنازته عدد كبير من الناس.