عنوان كتاب الطبري في تفسير القرآن
يعتبر كتاب الطبري المعروف باسم “جامع البيان عن تأويل آي القرآن” من أبرز المراجع في تفاسير القرآن الكريم. وقد صرح الإمام الطبري عنه بقوله: “استخرت الله تعالى في تأليف هذا الكتاب، وطلبت منه المساعدة ثلاث سنوات قبل أن أبدأ في كتابته، وقد أعانني الله”، حيث كان ينوي أن يكون كتابه مؤلفًا من ثلاثين ألف ورقة، ولكنه اختصره لاحقًا إلى ثلاثة آلاف ورقة بعد أن عارضه بعض الناس. وقد أوضح الطبري في تفسيره أنه يهدف إلى شرح وتأويل آيات القرآن وتوضيح معانيها، مما يغني القارئ عن الحاجة إلى مصادر علمية أخرى، حيث جمع فيه ما اتفقت عليه الأمة كما تناول أيضا ما اختلف فيه من آراء، موضحًا بذلك مختلف المذاهب والآراء مع توضيح ما يراه الأصح بأسلوب مختصر.
منهج الإمام الطبري في تفسير القرآن
اتبع الإمام الطبري مجموعة من المناهج في تفسيره للقرآن الكريم، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- التفسير بالمأثور وفق ما ورد عن الأجيال الثلاثة الأولى: عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم الصحابة، وأخيرًا التابعين -رضي الله عنهم-، مع ذكر سلسلة الرواية إلى قائلها الأصلي، سواء كانت مرفوعة للنبي أو موقوفة على الصحابة أو مقطوعة على التابعين.
- البدء بذكر المعنى العام للآية القرآنية، بما يتماشى مع المأثور من الرواية.
- نقد الروايات المخالفة لظاهر النص القرآني، والترجيح بين الأقوال لاختيار الأكثر دقة.
- الاعتماد على اللغة العربية في التفسير، واستشهد بكلام العرب وبالشعر القديم.
- الاهتمام بذكر القراءات المختلفة وإثبات الصحيحة منها.
- الإكثار من مسائل النحو والصرف، وبيان وجوه الإعراب إذا كانت للآية الواحدة أكثر من وجه.
- التطرق للإسرائيليات المنقولة عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
- ذكر آراء الفقهاء المتعلقة بالمسائل الفقهية من الحلال والحرام، مع الحرص على الاجتهاد واختيار الرأي الراجح مدعومًا بالأدلة.
- ذكر الروايات مع أسانيدها دون التعرض للحكم عليها غالبًا من حيث الصحة أو الضعف.
تقييم العلماء لتفسير الطبري
وردت العديد من الآراء من قبل العلماء التي تبرز أهمية تفسير الطبري ومكانته العالية، حيث اعتُبر مرجعًا لا غنى عنه لكل من يهتم بتفسير القرآن. فقد قال الإمام النووي -رحمه الله-: “أجمعت الأمة أنه لم يُصنف مثل تفسير الطبري”. كما ذكر ابن خزيمة: “لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعرف أعلم منه على وجه الأرض”. وعلق أبو حامد الأسفرائني: “لو سافر رجل إلى الصين ليحصل على تفسير ابن جرير لكان ذلك قليلًا”. بينما وصفه السيوطي بأنه “أجل التفاسير وأعظمها حيث يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض”. وأضاف شيخ الإسلام ابن تيمية: “أصح التفاسير الموجودة هو تفسير محمد بن جرير الطبري لأنه يذكر مقالات السلف بأسانيد ثابتة” وأكد الإمام الواحدي أنه “التفسير الذي يحمل الأولوية بين كتب التفسير، سواء من حيث الزمن أو من حيث الفن والصناعة”.
مؤلفات أخرى للإمام الطبري
قام الإمام الطبري بتأليف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
- التاريخ.
- تاريخ الرجال؛ الذي يتناول الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-، وصولاً إلى شيوخه الذين تلقى عنهم العلم.
- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وكتاب القراءات والتنزيل والعدد.
- اختلاف علماء الأمصار، وكتاب الخفيف في أحكام شرائع الإسلام؛ الذي يعد مختصرًا.
- تهذيب الآثار؛ حيث يتناول كل ما يتعلق بالحديث وعِلَله، وطرق الحديث، بالإضافة إلى أمور الفقه واختلاف المذاهب.
- البسيط، وكتاب الطهارة الذي بلغ عدد ورقاته تقريبا ألف وخمسمئة، حيث ذكر فيه اختلافات الصحابة والتابعين وحجة كلٍ منهم.
- المحاضر والسجلات، وكتاب ترتيب العلماء الذي بدأ فيه بآداب النفوس وأقوال الصوفية، لكنه لم يتمه.
- كتاب المناسك، وكتاب شرح السنة الذي يوضح فيه معتقداته ومذهبه، بالإضافة إلى كتاب المسند المخرج الذي يتناول كل ما رواه الصحابي من الصحيح وغيره، لكنه أيضًا لم يُتمه، وكتاب الفضائل الذي بدأه بالحديث عن أبي بكر ثم عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، لكنه لم يُتمه أيضًا.