النفخ في الصور
يعتبر النفخ في الصور من أهوال يوم القيامة، ويدير هذه العملية المَلَك إسرافيل -عليه السلام-، حيث يتم النفخ بواسطة آلة تُعرف بالقرن، والتي تشبه البوق. ووفقاً لأغلب العلماء، فإن النفخ يحدث في شكل نفختين: نفخة الصعق التي تؤدي إلى موت كل من على الأرض، ونفخة البعث التي تُعيد الأموات من قبورهم للحساب.
أول من يفيق بعد النفخة الثانية في الصور
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تُخَيِّرُونِي مِن بَيْنِ الأنْبِيَاءِ، فإنَّ النَّاسَ يَصْعقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأكُونُ أَوَّلَ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا أنَا بمُوسَى آخِذٌ بقَائِمَةٍ مِن قَوَائِمِ العَرْشِ، فلا أدْرِي أفَاقَ قَبْلِي أمْ جُزِيَ بصَعْقَةِ الطُّورِ). ويتضمن هذا الحديث آراء علمية متنوعة حول ما إذا كان الأنبياء يصعقون أم يُغشى عليهم. والراجح أن الأنبياء لا يموتون بل يُغشى عليهم فقط.
ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هو أول الأنبياء الذين يفيقون بعد النفخة الثانية، كما يثبت ذلك الحديث المذكور. أما موسى -عليه السلام- فلا يُصعق في النفخة الثانية، إذ صُعِق سابقاً في الطور، كما جاء في قوله تعالى: (فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ). ولذلك، فقد استثناه الله -تعالى- من الصعق.
وقت النفخ بين الصور والمدة بين النفختين
يُرجح أن النفخ في الصور يحدث يوم الجمعة، لارتباطه بقيامة الساعة في هذا اليوم، لكن لم يتم تحديد أي جمعة، إذ يُعتبر ذلك من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -تعالى-.
جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَوْمِ الجُمُعَةِ). وقد سُمّيت الساعة بهذا الاسم لحدوثها بشكل مفاجئ للناس، مما يدل على قربها.
عند حدوث النفخ في الصور، يحصل تغيير جذري في الكون، كما جاء في قوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ* وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً* فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ). عندها تتناثر النجوم، وتتشقق السماء، وتنهدم الجبال لتصبح مستوية كالأرض.
بعد ذلك تأتي نفخة البعث، أما المدة بين النفختين فهي أربعون، ولكن لم يُعرف ما إذا كانت تشير إلى أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة. جاء في الحديث: (ما بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ، فقيلَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ فقيلَ: أبَيْتُ، قيلَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ فقيلَ: أبَيْتُ، قيلَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ فقيلَ: أبَيْتُ).
من لا يصعق بعد النفخة الأولى
عند حدوث النفخة الأولى، يموت كل من على الأرض، بما في ذلك الملائكة، ومن بينهم ملك الموت وإسرافيل، ولا يتبقى في السماوات والأرض سوى الله -سبحانه وتعالى-.
وينادي الله -جلَّ جلاله-: (أنا الملك، أنا الجبار، أين ملوك الأرض، لمن الملك اليوم، لله الواحد القهّار). ثم يُعيد الله -تعالى- إسرافيل للحياة ليقوم بالنفخة الثانية، فيخرج جميع الموتى من قبورهم، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ).