تعتبر الصفات الشخصية من العوامل الرئيسية المؤثرة في سلوكيات الفرد تجاه المجتمع المحيط به. ومن بين هذه الصفات، يُشكّل الذوق العام أحد العناصر الأساسية التي تلعب دورًا بارزًا في تأثير تصرفات الإنسان وطريقة تفاعله مع الآخرين. في هذه المقالة، سنتناول مفهوم الذوق العام، تجلّياته، طرق اكتسابه وتطويره، بالإضافة إلى النتائج المترتبة على المحافظة عليه.
تعريف الذوق العام
- الذوق العام يُعتبر من الصفات النبيلة التي تعكس الأخلاق الرفيعة، حيث تجعل من تصرفات الأفراد سلوكيات حكيمة عند التعامل مع الآخرين سواء في المنزل أو في الشارع أو في أماكن العمل.
- هذه الصفة تمنح الأفراد تميزًا ملحوظًا، بحيث يُمكن للآخرين أن يلاحظوا اختلافهم عن الأفراد الذين يفتقرون إليها.
- الشخص الذي يتحلى بالذوق العام يسعى دائمًا إلى التعامل مع الآخرين بلطف واحترام، ويراعي مشاعرهم، كما يمتنع عن استغلال الضعفاء، ويسعى لتوفير الأعذار لمن حوله.
- وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم، مشيرًا إلى أخلاقه العظيمة المرتبطة بالذوق العام، كما ورد في سورة القلم (آية 4): “وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ”. وبالتالي، فإن الالتزام بالذوق العام يعكس الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- عمل النبي صلى الله عليه وسلم على تشجيع المسلمين على اكتساب الأخلاق الجيدة لنيل محبته والاقتراب منه يوم القيامة، حيث قال في حديثه الشريف: “إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا نبي الله ما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون”.
تجلّيات الذوق العام
تتفاوت مظاهر الذوق العام التي تعكس الأخلاق الجيدة، ومن أبرزها:
- مراعاة استئذان الآخرين قبل الدخول إلى المساكن، وعدم الدخول إلا بعد الحصول على الإذن من القاطنين.
- إلقاء تحية الإسلام – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – عند لقاء أي شخص، سواء كان معروفًا أم لا.
- تبادل المصافحات لتعزيز الروابط الإنسانية بين الأفراد.
- التبسم في وجه الآخرين، حيث يُعد ذلك من العادات الحسنة التي يُثاب عليها المسلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”.
- التحدث بنبرة هادئة وعدم استخدام الصراخ إلا عند الحاجة، إذ يُعتبر ذلك من سلوكيات الذوق العام الأساسية.
- تجنب النظر إلى وجه الآخرين بشكل مستمر، وحرصًا على احترام خصوصيتهم وعدم توجيه أسئلة شخصية قد تجرح المشاعر.
- المحافظة على النظافة العامة، من خلال تجميع النفايات في أكياس وإلقائها في الأماكن المخصصة لذلك بدلًا من تركها في الشوارع.
- مراعاة الظروف الإنسانية، كعدم إقامة الاحتفالات في مناطق تحوي أجواء عزاء أو مراكز طبية مكتظة بالمرضى.
- عدم التعليق على مظهر الآخرين أو أشكالهم سواء كان ذلك إيجابيًا أو سلبيًا.
طرق اكتساب الذوق العام
إذا كنت تسعى لاكتساب الذوق العام، يمكنك اتباع الخطوات التالية:
- الالتزام بقراءة القرآن الكريم بتدبر وخشوع، لما يحتويه من آيات تعلّم الأخلاق الحسنة وكيفية التعامل مع الآخرين.
- استكشاف سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث النبوية لتعكس معاني الأخلاق الكريمة التي ينبغي الاقتداء بها.
- التعرف على حياة الصحابة الذين كانوا نموذجًا يُحتذى به في حسن الخلق والتعامل وفقًا لما أرسى النبي عليه الصلاة والسلام.
- الحفاظ على العادات والتقاليد الإيجابية في المجتمع، حيث تُعزز من الذوق العام.
- قراءة مؤلفات العلماء والتي تتعلق بالذوق العام والأخلاق الجيدة.
- تجنب متابعة وسائل الإعلام التي لا تُفيد، واستبدالها بمحتوى هادف يبث القيم والمعاني الجميلة.
أساليب تعزيز الذوق العام
يتطلب تعزيز الذوق العام العمل المستمر على تطويره، ويتم ذلك من خلال اتباع الإرشادات التالية:
- فهم الأسس التي تحكم سلوكيات الأفراد، ووعي الأمور التي يُمكن القيام بها والأمور التي لا يُمكن فعلها، من خلال احترام الآداب العامة واحتياجات الآخرين.
- تعويد النفس على التواصل مع معاني الجمال، سواء المعنوي أو المادي.
- الالتزام بالآداب العامة بشكل دائم، مما يُسهم في تعزيز الذوق العام بشكل طبيعي.
- السعي نحو الإبداع في مختلف مجالات الحياة، سواء في العمل أو المنزل، مما يزيد من الوعي الجمالي الشخصي.
نتائج المحافظة على الذوق العام
تتعدد الفوائد المترتبة على المحافظة على الذوق العام، وتتجلى في النقاط التالية:
- نيل رضا الله سبحانه وتعالى وكسب محبته.
- اقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يعتبر ذلك عبادة تحمل أجرًا عظيمًا.
- كسب رضا الناس وحبهم.
- تعزيز تماسك المجتمع وترابطه، بحيث يسود الحب والاحترام بين أفراده.
- انطلاق المجتمع نحو الازدهار والتقدم في كافة المجالات الحياتية.