الإسلام هو دين الله
قد منح الله -سبحانه وتعالى- الإنسان التوجيه والاهتمام في حياته اليومية، وفتح له طرق الهداية عبر بعث رسلٍ يدعونه لعبادة الله الواحد الذي لا شريك له. قام الرسل والأنبياء الكرام -عليهم السلام- بتبليغ الرسالة السماوية للناس، من خلال الكتب التي أنزلها الله معهم، لتكون دليلاً في توضيح الحق وتنظيم حياتهم. وقد كان لكل قوم من الأقوام السابقة رسل مخصصون، وفي ختام سلسلة الأنبياء أرسل الله محمّداً -عليه الصلاة والسلام- ليكون رسولًا لكافة البشرية. في زمن مليء بالجهل، أدى النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- دورًا محوريًا في تحويل الناس من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، إذ تتميز رسالته بشموليتها لجميع جوانب الحياة وصلاحيتها في كل زمانٍ ومكان. يتناول هذا المقال مفهومين أساسيين في هذا الدين العظيم وهما: العقيدة والشريعة، وسنسلط الضوء على معانيهما ودلالاتهما.
تعريف الإسلام
فهم معنى الإسلام يساعد القارئ على تحديد الأصول التي يقوم عليها هذا الدين العظيم، كما يكشف العلاقة العميقة بين هذه الأصول. يشير الإسلام بمعناه الواسع إلى الاستسلام والخضوع الكامل لله عز وجل، وهذا ما دفع الأنبياء جميعًا -عليهم السلام- للاستسلام لله. تم تسميته بالإسلام حيث قال الله -سبحانه وتعالى- على لسان نبيه نوح: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، وأيضًا عن إبراهيم حيث قال: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). وهذه الآيات تؤكد على روح الإسلام الموجودة في نفوس أنبياء الله وأتباعهم. تجري الإشارة في القرآن إلى أن: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ). أما الإسلام بوصفه دينًا خاصًا بأمة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه الدين الإلهي المُوحى به الذي يركز على أساسين رئيسيين هما الإيمان والعمل، حيث يمثّل الأول العقيدة ويمثل الثاني الشريعة.
العقيدة والشريعة والعلاقة بينهما
ينطلق الفهم العام بين جميع المسلمين، من علماء وعامة، على أن الإسلام يقوم على أساسيْن ثابتين هما: العقيدة والشريعة، ويتفرع عن كل منهما أركان وفروع متعددة.
العقيدة: تعريفها وأركانها
تُعد العقيدة العنصر الأساسي في المرحلة الأولى من رسالة الإسلام، التي أسسها النبي -صلى الله عليه وسلم- خلال ثلاثة عشرة عامًا في مكة المكرمة. يتمحور مفهوم العقيدة الإسلامية حول الإيمان الراسخ والتصديق الكامل بكل ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- من أركان العقيدة، كما يُظهر في الحديث الصحيح: (قال: فأخبِرْني عنِ الإيمانِ، قال: أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه، قال: صدَقْتَ).
تُعتبر الإيمان بالله -تعالى- العنصر الأساسي في بناء العقيدة، وهو يشمل الإيمان بوحدانية الله وإثبات صفاته الكاملة والعظيمة. إن المؤمن بوجود الله يكون قد وصل إلى مرحلة أعلى من التصديق، إذ يملأ قلبه ويستقر في أعماق نفسه دون أي شك أو تردد. الإيمان بالملائكة، والكتب التي أنزلها الله، والرسل، واليوم الآخر، بالإضافة إلى قضاء الله وقدره يُشكل الأسس المهمة للعقيدة الإسلامية.
الشريعة: تعريفها وأركانها
الشريعة الإسلامية هي المنهج الذي سنّه الله -سبحانه وتعالى- للبشرية بهدف تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، وعلاقته مع الآخرين، سواءً كانوا من أتباع دينه أو غير ذلك. يستند هذا التشريع الرباني إلى أصول العقيدة الإسلامية، ليكون نموذجًا يُطبق في حياتهم اليومية. الشريعة تُوجه الأفراد في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك العبادة، والعلاقات الاجتماعية، والأخلاق، والاقتصاد، والسياسة، وهو ما يتجلى في حياة المسلمين بعد الهجرة، حيث أقام الإسلام دولة تعتمد على أحكام الشريعة.
من المهم الإشارة إلى أن الشريعة تتضمن فروعًا تتعلق بتربية الأفراد والمجتمعات، بحيث تهتم بالصحة الجسدية، والعقلية، والروحية. تسعى الشريعة الإسلامية إلى النهوض بالبشرية، من خلال الدعوات إلى الأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية، كما يتجلى ذلك في العبادات مثل الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والأخلاق الحميدة، مثل الصدق، والصبر، والأمر بالمعروف.
تُعَد الشريعة الإسلامية نظامًا متكاملًا بحيث يلبي جميع الاحتياجات ويستجيب لكل القضايا المستجدة، وهو صالح لكل زمن ومكان، كما أنه يحتوي على مرونة تغطي كل المستجدات ومتطلبات الحياة البشرية عبر العصور. إنها منهج الله الذي اختاره للبشرية كما ورد في قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).