الشاعر العباسي ابن أبي حجلة التلمساني

نبذة عن ابن أبي حَجَلة التَّلمساني

يُعتبر ابن أبي حَجَلة التَّلمساني أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، حيث وُلِد بين عامي (1325م – 1375م) في تلمسان، والتي انُسِب إليها من قبل المؤرخين. عُرف بأنه شخصية بارزة في الصوفية، على الرغم من انتقاده لبعض أعلامها، مثل ابن الفارض الذي آمن بوحدة الوجود. لقد ترك التلمساني تأثيرًا ملحوظًا في الأدب بفضل استخدامه لشعره كوسيلة لنشر أفكاره، واعتُبر رمزًا للزهد.

تعليم ابن أبي حَجَلة التَّلَّمساني

بدأت رحلة تعليم ابن أبي حَجَلة التَّلمساني في تلمسان، كحال معظم الفتيان الذين يلتحقون بالكتاتيب لتعلم القراءة والكتابة وبعض الشعر والآيات القرآنية. وفي سياق الأحداث، سافر مع عائلته لأداء فريضة الحج، ولكن القدر أودى بحياتهم، ليبقى هو وحيدًا. انتقل بعد ذلك إلى دمشق، التي كانت تعتبر مركزًا علميًا في عصره، حيث درس وتعلم على يد شيوخها.

أثمرت تجربته في دمشق عن اكتساب شهرة واسعة، ليتحول إلى شخصية محورية يسعى الناس للاستفادة من علمه. ومع اشتداد طموحه، انتقل إلى القاهرة، التي كانت تحتفل بعصرها الذهبي، حيث تلقّى العلوم والمعرفة. وبفضل موهبته وأخلاقه، تولّى مشيخة الصوفية في صهريج منجك برعاية السلطان الحسن بن ناصر قلاوون.

مؤلفات ابن أبي حَجَلة التلمساني

مؤلفاته، رغم أن الكثير منها قد ضاع، إلا أنها تعكس بوضوح أسلوبه الفكري وتعبيره. من أبرز الأعمال التي تُظهر اهتماماته وتطلعاته:

  • أهمية المقامات

أهمية مقامات التلمساني كبيرة، إذ عكست أحداث المجتمع المصري في ذلك الزمن، كما أنها كانت بمثابة أرشيف تاريخي واجتماعي وسياسي لمصر في تلك الفترة.

  • شهرتها

استحوذت مقامات التلمساني على شهرة واسعة خلال حياته، ومن بين أعماله التي نالت شهرة خاصة نجد مقامة الزعفرانية، وقد أفيهما الكثير من العلماء كالقلاوي والقلقشندي.

  • أقسام المقامات

القسم الأول من مقامات التلمساني عُرف بمقامات المعارضة لمقامات الحريري، بينما عُرفت المقامات الأخرى بأغراض متنوعة.

  • الدافع لكتابتها وعددها

كان الدافع الأساسي لكتابة القسم الأول يرتبط بتفسير مقامات الحريري للسلطان قلاوون، مما أدى إلى تكليفه بمهمة معارضتها، وقد بلغت المقامات سبعاً وعشرين مقامة.

  • البطل في المقامات

شخصية السَّاجع بن حَمَام تُعتبر البطل في مقامات التلمساني.

  • مناسبات المقامات

تعددت مناسبات كتابة المقامات، ومن أبرزها:

1. مقامة العين الساهرة فيمن حل بالساهرة، التي أُلفت جراء انتشار الطاعون.

2. مقامة واقعة الواقعة، التي شملت حادثة سقوط مأذنة مدرسة السلطان قلاوون.

3. المقامة الزرزورية، التي ناقشت بغلة التلمساني.

4. مقامة الخيمة، التي وصفت خيمة السلطان وما تمتاز به من جمال.

5. المقامة المردينية، التي تتحدث عن قلعة ماردين وغيرها من القلاع.

6. المقامة الزعفرانية، التي تعالج فيضان نهر النيل.

7. المقامة الجيزية، والتي تحكي عن حادثة جرف البحر.

8. المقامة الإسكندرية، التي تناولت هجوم القبارصة على الإسكندرية.

أسلوب ابن أبي حَجَلة التلمساني

يشتهر ابن أبي حَجَلة التلمساني بأسلوبه الأدبي السلس، حيث كان يتجنب التعقيد والغموض. استخدم ألفاظًا سهلة ومفهومة لجمهور واسع، مما أسهم في جذب القُرّاء. يتميز أسلوبه برشاقة التعبير وخفة الظل، وقد تجلى ذلك في مقاماته وأشعاره، التي تم تجميعها في ديوان خاص.

إسهامات ابن أبي حَجَلة التلمساني

نتيجة لحياته النشطة، أسفر ابن أبي حَجَلة عن عدد من المؤلفات، من أبرزها:

  • ديوان الصبابة.
  • منطق الطير.
  • سكردان السلطان.
  • السجع الجليل فيما جرى في النيل.
  • مواصلات المقاطيع.
  • أصل الطيب.
  • نحر أعداء البحر.
  • التذكرة.

وفاة ابن أبي حَحَجَلة التلمساني

توفي ابن أبي حَجَلة التلمساني عام 1375 ميلادي، ولم تُعرف الأسباب المحددة لوفاته، ولكن ذُكر أنه توفي في شهر ذي الحجة يوم الخميس، عن عمر يناهز واحداً وخمسين عامًا.

أشعار من أعمال ابن أبي حَجَلة التلمساني

تتميز أعمال ابن أبي حَجَلة بالتنوع، حيث كتب العديد من القصائد والمقامات، ومن الشعر الذي وصل إلى عصرنا:

  • قصيدة “تبادره بالبدر منه بوادره”:

تبادرَه بالبدرِ منهُ بوادرُه

وتَحلُو لهُ عندَ المرورِ نوادرُه

ففيهِ لهُ في كلّ يومٍ وليلة

حبيبٌ ملمٌ أو نديمٌ يُسامره

ولي فيه نَظمٌ أنْ تضوّع نشرُه

ففي طيّه حلوُ الكلامِ ونادرُه

ولي فيه منثورُ غدا في مَقامه

وعرفٌ سناهُ مشرقُ الروضِ عاطرُه

ولي فيه من سحرِ البيانِ رسائل

إذا ما جَفاني أحورُ الطرفِ ساحره

ولي فيه أسرارُ الحُروف لأنه

ينقطهُ دَمعي فتبدُو سرائره

فنثورُ دَمعي مثلَ نظيمِ سطوره

خُدودي إذا ما خطَّ فيها دفاتره

تمد مِداد الدَّمع أقلام هديه

فدَمعي حبري والسَّواد محابرُه

خدمتُ بديوانِ الصَّبابة عاملا

فباشَر قتلي من سباتي ناظرُه

  • قصيدة “فلولا الهوى ما مات مثلي عاشقٌ”:

فلولا الهَوى ما مَات مثلي عاشقٌ

ولا عمَّرت بالعامريّ مقابرُه

وفي غزلي ذكرُ الغزالِ ومَربع

تُطارُ حتَّى فيه الحَديث جآذره

أنزِّهه عن وصفِ خدرِ عنيزة

ومنزلُ قفرٍ سرنَ عنه أباعره

تَجرّ قوافيهِ معالٍ غدا بها

جريرًا كعبد وثَّقته جرائره

يشيبُ بِها فودُ الوليد لأنه

يسيرُ وجنح الليل سود ضفائره

ولست أرى يوماً بدارة جُلجُلِ

سوى شاعرٌ دارت عليه دوائره

إذا ما نسي ذكر حبيبٍ ومنزلِ

فإنّي لمن أهواه ما عشت ذاكره

  • قصيدة “وإن رمت منها وهي غضبى التفاتة”:

وإن رُمْتُ منهَا وهي غَضبَى التفاتةً

ثنَت عواطفها نحوَ الغزالِ تشاوره

أيبردُ ما ألقاهُ من حرّ هجرِه

وقد حميَت يوماً عليَّ هواجره

تحصَّنت في حصنِ الهَوى من عوَاذلي

وباتَ لقَلبي جيشُ همٍّ يحاصره

ولو لَم يكن أَعمى البَصيرة عاذلي

لما عَميت عمَّن هوَيت نواظره

يشبِّهها بالغصنِ والغصنُ عندها

يشاهدُُها يغضي ويطرقُ ناظره

ألغصنِ خدٍ كالشَّقيق إذا بدا

وشعرٌ كجُنح الليل سودٌ غدائره

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *