هضبة نجد
مصطلح “النجد” في اللغة يعني المكان المرتفع عن سطح الأرض، ويُجمع على نِجَاد وأَنْجُد، كما يُستخدم لوصف الطرق التي ترتفع عن مستوى الأراضي. تُعتبر هضبة نجد من أكبر الهِضاب في العالم، إذ تبلغ مساحتها حوالي 480,000 كم². تتكون هذه الهضبة من قسمين: الجزء الشرقي الذي يضم الصخور الرسوبية والرملية والجيرية، ويحتوي على جبال طويق التي تُعد العمود الفقري لهذه الهضبة. بينما يتكون الجزء الغربي من صخور متبلورة ومتحولة، حيث تقع فيه جبال شَمَر. يتراوح ارتفاع هضبة نجد بين 762 و1524 مترًا فوق مستوى سطح البحر، مع انخفاض تدريجي من الغرب إلى الشرق.
كان هناك تقسيماً سياسياً في المنطقة التي تضم هضبة نجد بين مختلف الشعوب التي كانت تتصارع على السلطة حتى منتصف القرن الثامن عشر. في ذلك الوقت، سيطرت الحركة الإسلامية، التي قادها العالم الإسلامي محمد بن عبد الوهاب، برفقة آل سعود، حيث تم توحيد مدينة نجد ومنحها الاستقلال. في عام 1803، توسعت المنطقة إلى مكة، مما أدى إلى إلحاق الضرر بالعثمانيين آنذاك، الذين سارعوا لاستعادة السيطرة على محافظة الدرعية. إلا أن آل سعود تمكنوا من بسط سيطرتهم مجددًا. وفي عام 1932، أعلن آل سعود توحيد المملكة العربية السعودية بشكل كامل، لتصبح مقاطعة نجد جزءًا رسميًا من الدولة.
على عكس معظم المناطق الأخرى على سواحل الخليج العربي وبحر العرب، لم تكن نجد مطمعاً للأوروبيين، وذلك نظراً لموقعها الجغرافي المعزول نسبياً. تُعد هضبة نجد اليوم المنطقة الإدارية المركزية، حيث تقع فيها العاصمة الرياض. تضم المنطقة مجموعة من الواحات مثل المعلم والعريش والخرج والقائم، بالإضافة إلى العديد من الأودية التي تحتفظ بمياه الأمطار، مما يتيح الفرصة لممارسة الزراعة. كما تحتوي على مراعي واسعة وأماكن أثرية ومواقع التعدين، ويمتاز وادي ماسل بأنه من بين المواقع التاريخية التي ذكرت في الشعر العربي الجاهلي.
موقع هضبة نجد
تقع هضبة نجد في قلب المملكة العربية السعودية، وتفصلها جبال الحجاز وعسير عن ساحل البحر الأحمر. تعتبر هضبة صخرية تنحدر من جبال الحجاز نحو الشرق، وهي مكان واسع يتمركز بين هضبة الحجاز من الغرب ورمال الدهناء من الشرق. تُحدّ هضبة نجد من الجنوب الغربي مرتفعات عسير، وهي تتكون من قسمين؛ الجزء الغربي يُعرف بنطاق الدرع العربي، بينما الجزء الشرقي يُعرف باسم نطاق الرصيف العربي.
الجزء الشرقي من الهضبة، يُعرف باسم نجد السفلى، بينما تُعرف القمم العالية التي تقع في الجزء الغربي باسم عالية نجد. تقع عالية نجد على حدود الحجاز، وتحديداً بالقرب من جبل حضن، الذي يعد أعلى نقطة في هذه المنطقة، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 1656 مترا فوق مستوى سطح البحر. تمتد عالية نجد من محافظة الدوادمي مروراً بمهد الذهب، وتنتهي في محافظة الحناكية بالقرب من المدينة المنورة.
التكوين الجيولوجي لهضبة نجد
تقسم هضبة نجد من الناحية الجيولوجية إلى قسمين. الأول هو عالية نجد، الذي يتكون من صخور نارية وصخور متحولة، وهو جزء من الدرع العربي. تعرف عالية نجد بصخورها الأركية القديمة، التي تعود لفترة ما قبل الكامبري وتمتاز بقوتها ومقاومتها العالية لعمليات التعرية. تمتاز هذه الصخور بقيمتها الجمالية التي تظهر في شكل هضاب وقمم صخرية، مثل جبال العَلَم، وجبال النيِّر، وجبال دَهْلان. تُعتبر هذه المنطقة منحدرًا يتراوح ارتفاعه بين 800 و1200 متر فوق مستوى سطح البحر، ويمر عبرها العديد من الأودية، مثل وادي الرمة ووادي بيشة وغيرها.
أما بالنسبة لمنطقة الحافات الجبلية التي تقع شرق عالية نجد، فهي تشكل جزءًا من هضبة نجد الرسوبية. تتكون هذه المنطقة من الطفل والأحجار الرملية والجيرية، ويُستخدم مصطلح كويستا للإشارة إلى هذه الأنواع من المناطق. تشكلت الحافات الرسوبية الناجمة عن عمليات الحت المتفاوتة، وتميل قليلاً من جهة الشرق والجنوب الشرقي والشمال الشرقي. أما الجزء الشرقي والمعروف باسم نجد السفلى، فهو يشتمل على قاعدة رسوبية مكونة من طبقات متتابعة بدأت من العصر الكامبري واستمرت حتى عصر الإيوسين، حيث تنحدر بشكل عام نحو الشرق بارتفاع يتراوح بين 600 و1100 متر فوق مستوى سطح البحر.
تظهر في نجد السفلى الحافات الصخرية نتيجة لاختلاف صلابة صخورها، حيث تمتد الحافات على شكل أقواس من الشمال إلى الجنوب، ومن أهمها حافة طويق التي تمتد من شمال مدينة الزلفي إلى الربع الخالي في الجنوب، بطول يقارب 1200 كم. وهناك أيضاً حافة العرمة، التي تبدأ من شرق بلدة الأرطاوية شمالاً وصولاً إلى بلدة التوضيحية في الجنوب. وتنحدر من الحافتين مجاري متنوعة تنتهي بمُنخفضات، حيث تمتد حافة العرمة على حوالي 400 كم، وتتشعب فيها العديد من الأودية ومسارب المياه مثل وادي الرمة، ووادي الدواسر، ووادي نجران.