موقع مدينة العمورية
تعد مدينة العمورية واحدة من المدن التاريخية التي كانت جزءًا من الإمبراطورية البيزنطية خلال سيطرتها على مناطق وسط آسيا. اليوم، تقع العمورية ضمن حدود الجمهورية التركية، وتحمل قصة ملحمية تتعلق بالخلافة الإسلامية، خاصة في فترة حكم الدولة العباسية تحت قيادة الخليفة المعتصم بالله.
أهمية مدينة العمورية
تعتبر العمورية من المدن الأساسية التابعة للإمبراطورية البيزنطية، حيث كانت مسقط رأس الأسرة الحاكمة العمورية والتي أنجبت الإمبراطور توفيل بن ميخائيل. تتميز المدينة بتحصيناتها القوية، إذ يحيط بها سور عظيم مع خندق تم حفره خلف السور، مما صعّب من إمكانية اقتحام المدينة في أوقات الحرب.
في ظل الخلافة العباسية، شهدت فترة حكم الخلفاء الأمين والمأمون صراعات داخليّة على السلطة والبيعة، مما أدى إلى ضعف مركز الحكم وانشغال الخلفاء بخلافاتهم الداخلية، حيث انتشرت الفوضى وأفكار غير إسلامية مثل المذهب الإباحي الذي تبناه مزدك في بلاد فارس. بعد وفاة مزدك، استمرت أفكاره على يد رجل يُدعى بابك، الذي استغل انشغال الدولة العباسية في نشر عقائده بين سكان أذربيجان. أرسل المأمون العديد من الحملات لمحاربة هذه الأفكار، إلا أن تلك الحملات لم تنجح. ومع حلول عهد الخليفة المعتصم، كان قد أوصاه بالقضاء على تلك الأفكار الضالة.
فانتشرت الفوضى بين الناس حتى وقعت حادثة اعتداء على امرأة مسلمة، مما دفعها للصراخ بأعلى صوتها: “وامعتصماه…”، فتلقى الخليفة المعتصم الخبر وأمر بتجهيز جيش بقيادته للتوجه نحو العمورية وفتح المدينة.
فتح مدينة العمورية
أعلن الخليفة المعتصم حالة النفير العام وجهز جيشًا قويًا بإشرافه المباشر لمواجهة بابك الخرمي والقضاء على مذهبه الذي بات يهدد المجتمع. حقق المسلمون انتصارات خلال مسيرتهم نحو العمورية، مما دفع بابك للاستغاثة بالبيزنطيين الذين قدموا له الدعم المادي والعسكري. ومع ذلك، لم يكن لذلك أثر على عزيمة الجيوش الإسلامية، التي واصلت تقدمها نحو العمورية.
في ظل الحصار المفروض على المدينة، واجه الجيش الإسلامي صعوبة في اقتحام أسوارها المنيعة. خلال تلك الأوقات، عثر الجنود على كمية من الأغنام التي غنموها من مواجهاتهم مع جيش بابك، حيث قام قائد الجيش بتوزيعها على الجنود وطلب منهم تناول لحمها وحفظ جلدها مليئًا بالتراب لإلقائه في الخندق. أسفر ذلك عن ملء الخندق بالتراب، مما ساعد على تقدم الجيش نحو أسوار المدينة. وقد قام أحد المرشدين بإرشادهم إلى نقطة في السور، التي سُجلت بالإعصار وتعرّضت للتدريب، مما أتاح لهم اقتحام المدينة.
وقد صور الشاعر أبو تمام ملحمة المعركة بأسلوبه الفني المتميز في قصيدته الشهيرة، حيث قال:
السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب