القيمة التاريخية لحجر رشيد
تتجلى القيمة التاريخية لحجر رشيد في كونه يمثل مفتاحاً لفهم اللغة المصرية القديمة. فبدونه، كانت الحضارة المصرية ستبقى محاطة بالغموض، حيث يحتوي على الكتابات التي تم إنجازها من قِبل المصريين القدماء على آثارهم. ساهمت عملية فك رموز هذه النقوش في توضيح اللغة الهيروغlyphية التي اندثرت في مصر وتوقفت عن الاستخدام قرابة القرن الرابع الميلادي، إلا أن اكتشاف حجر رشيد ساهم بدور فعال في إعادة إحياء هذه اللغة وفك رموزها.
يضم حجر رشيد نقوشاً قديمة مكتوبة بعدة لغات، وتشير هذه النصوص إلى مرسوم تم إصداره بواسطة كهنة معبد ممفيس في مصر، حيث يعبرون عن دعمهم الملكي للملك “بطليموس الخامس”. تم تدوين هذا المرسوم ثلاث مرات وبثلاث لغات مختلفة، وهي:
- الهيروغليفية: والتي كانت اللغة الرسمية المستخدمة من قِبل كهنة المعابد.
- الديموطيقية: التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية من قِبل عامة الشعب.
- اليونانية القديمة: اللغة المستخدمة من قِبل الإدارة والحكام في ذلك الوقت.
حجر رشيد مصنوع من نوع من الصخور النارية السوداء المعروفة بـ “الجرانوديوريت”. وهو في الأصل جزء من حجر أكبر ولكن الجزء العلوي منه انكسر ليشكل ما يُعرف اليوم بحجر رشيد. ويتميز الجزء الخلفي من الحجر بخشونة ملمسه وعدم وجود أي نقوش، بينما الجزء الأمامي يحمل العديد من النصوص المطرزّة بثلاث لغات مختلفة.
أهمية حجر رشيد واكتشافه
تحتل مكانة حجر رشيد أهمية كبيرة في مصر. عند اكتشافه، لم يكن أحد يعرف كيفية قراءة الهيروغليفية القديمة. بفضل تكرار النقوش المعروضة بثلاث نصوص مختلفة، وبوزار العلماء قراءة اليونانية القديمة، أصبح حجر رشيد مفتاحاً قيماً لفك رموز الكتابة الهيروغليفية. تنقسم الكتابات الموجودة عليه إلى 14 سطرًا بالهيروغليفية، و32 سطرًا بالديموطيقية، و53 سطرًا باليونانية القديمة. ومن خلال هذه المقارنة، يمكن فهم الدور البارز الذي لعبه حجر رشيد في تقدم علم المصريات.
تم اكتشاف حجر رشيد خلال فترة الغزو الفرنسي لمصر، حيث عثر عليه الضابط الفرنسي “بيير فرانسوا كزافييه بوشار” في عام 1799 في مدينة رشيد، الواقعة على أحد روافد نهر النيل شرق الإسكندرية. جاء هذا الاكتشاف بدون توقع في سياق جهود الجنود الفرنسيين لبناء حصن عسكري. وبعد هزيمة نابليون من قِبل البريطانيين، انتقلت ملكية حجر رشيد إليهم، وهو الآن موجود في المتحف البريطاني.