مواقع تكوّن الصخور المتحولة
تمثل عملية التحول استجابة الصخور للتغيرات الناتجة عن الظروف الفيزيائية؛ وبالتالي، فإن المناطق على سطح الأرض التي تشهد نشاطًا ديناميكيًا مرتفعًا تُعتبر أكثر تعرضًا للتحول المكثف. على سبيل المثال، تحظى المناطق المحيطة بالمحيط الهادئ بمعدل مرتفع من النشاط الزلزالي والبركاني، مما يسهم في دفن المواد بشكل مكثف.
تزداد كثافة عمليات التحول في الحدود القارية وأماكن تكوين الجبال، حيث يتجمع الحطام ببطء فتحدث تغيرات على الصخور استجابةً لتغيرات الضغط ودرجات الحرارة. وبالتالي، يُلاحظ انتشار الصخور المتحولة في طبقات الغلاف الصخري، حيث تظل معظم طبقات الأرض صلبة وتتوافر الظروف المساعدة لحدوث عملية التحول. ورغم أن تكوين الصخور المتحولة يحدث في أعماق القشرة الأرضية، إلا أن هذه الصخور غالبًا ما تكون مكشوفة على السطح نتيجة لتغير الارتفاع الجيولوجي بسبب عمليات التعرية.
الظروف المؤثرة على عملية التحول
تعمل عملية التحول على تعزيز كثافة الصخور وتماسكها دون إذابتها. كما تتشكل معادن جديدة إما من خلال إعادة ترتيب المكونات المعدنية للصخور أو من خلال التفاعلات مع السوائل التي تخترقها. يمكن أن يؤدي الضغط أو الحرارة إلى تحويل الصخور المتحولة إلى أنواع جديدة، رغم تعرّضها للسحق والتهشيم والطيّ دون أن تصل إلى درجة الذوبان. فيما يلي الظروف الرئيسية التي تؤثر على عمليات التحول في الصخور:
درجة الحرارة
تُعتبر الحرارة من العوامل الرئيسية في تحول الصخور؛ حيث توفر الطاقة اللازمة لتنشيط التفاعلات الكيميائية التي تعيد تشكيل المعادن في الصخور أو تكوين معادن جديدة. تتسبب زيادة درجة الحرارة في تحريك الأيونات داخل المعادن، ما يجعل انتقال الذرات بين المواقع المختلفة في النسيج البلوري أكثر فعالية.
الضغط
تشكل زيادة الضغط عاملاً ضروريًا في تكوين الصخور المتحولة. ويحدث ذلك نتيجة لثلاثة عوامل رئيسية: الوزن الناتج عن تراكم طبقات الرواسب، والضغط الناتج عن تصادم الصفائح أثناء تشكيل الجبال، وأيضًا الضغط الناتج عن تحرك الصفائح.
النشاط الكيميائي
تساهم العوامل الكيميائية في تغيير الصخور، مما يؤدي إلى تكوين الصخور المتحولة. يمكن للسوائل والأبخرة الساخنة الناتجة عن الضغط العالي أن تملأ مسام الصخور، مما يسبب تفاعلات كيميائية تغير التركيب الكيميائي للصخور. هناك ثلاثة مصادر رئيسية للسوائل النشطة كيميائيًّا: مسامات الصخور الرسوبية، السوائل الناتجة عن تبريد الصهارة، والمياه الناتجة عن جفاف المعادن مثل الجبس.
أهم عمليات تحول الصخور
تتعرض الصخور النارية والرسوبية والمتحولة لعوامل متنوعة تُحدِث تغييرات جوهرية في شكلها و تركيبها. تختلف عملية التحول من صخر لآخر وفقًا لاختلاف تأثير عوامل التحول والبيئة المحيطة. فيما يلي توضيح لعمليات تحول الصخور المختلفة:
- التحول التماسي أو الحراري: (بالإنجليزية: Contact metamorphism)؛ يحدث قرب الحفر البركانية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بشدة، حيث يسخن السطح الخارجي للصخر بسبب ملامسته للحمم البركانية. يقتصر التحول على المنطقة المتصلة فقط، المعروفة بهالة التحول، وغالباً ما تكون الصخور الناتجة دقيقة الحبيبات.
- التحول الإقليمي: (بالإنجليزية: Regional metamorphism)؛ يتم هذا النوع في مناطق واسعة، مما يتسبب في تشوه الصخور بفعل الضغط، مما ينتج عنه صخور متحولة رقيقة، مثل الشيست والغنيس. يتسبب اصطدام كتل قارية في طي الصخور وزيادة سماكة قشرتها، مما يدفع الصخور إلى أعماق أكبر حيث تتعرض لدرجات حرارة وضغوط أعلى.
- التحول التهشمي: (بالإنجليزية: Cataclastic metamorphism)؛ يحدث عندما تنزلق صخرتان معًا في مناطق الصدع، مما يولد حرارة من الاحتكاك، مما يؤدي إلى تشوه الصخور ميكانيكيًّا، حيث تتحطم وتُسحق نتيجة الضغط الناتج.
- التحول المائي الحراري: (بالإنجليزية: Hydrothermal metamorphism)؛ يحدث نتيجة درجات حرارة وضغوط عالية، حيث تتغير الصخور بفعل السوائل الساخنة التي تنقل العناصر والأيونات الذائبة. يُعتبر هذا النوع شائعًا في الصخور البازلتية التي تفتقر عادةً للمعادن المائية وينتج عنه رواسب خام غنية.
- تحول الدفن: (بالإنجليزية: Burial metamorphism)؛ يحدث عندما تُدفن الصخور الرسوبية لعمق عدة كيلومترات. عند ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 300 درجة مئوية، تتشكل معادن جديدة مثل الزيوليت، والتي قد لا تبدو متحولة. قد يتطور هذا النوع من التحول ليصبح مشابهًا للتحول الإقليمي عند زيادة درجات الحرارة والضغط.
- التحول الصدمي: (بالإنجليزية: Shock metamorphism)؛ يحدث عندما يصطدم جسم خارجي مثل نيزك أو مذنب بالأرض أو نتيجة انفجار بركاني كبير، مما يؤدي إلى ضغوط عالية جدًا في الصخور المتأثرة. يُنتج هذا الضغط العالي معادن مستقرة.